من المنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة

1 يناير 2004

في عشية رأس السنة الجديدة، دعاة الحرب يجدّدون العمل بقانون الطواريء

فشل مؤسف لمفاوضات سلام دارفور

حكومة قومية ديمقراطية بتمثيل عادل للنساء والمجموعات المهمّشة

 

في عشية رأس السنة الجديدة، وإذ تنتعش آمال الأمة في السلام العادل والدائم، تبعث المنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة بأفضل تحاياها لشعب السودان الجسور مع التقدير العظيم للنضالات المثابرة والمستمرة للمجتمع المدني السوداني في الوطن وخارجه من أجل كفالة التمتّع الكامل بحقوق الإنسان والحريات المدنية، دون تمييز، لكافة المواطنين السودانيين.

تؤكد المنظمة مجدّداً العهد الذي قطعه السودانيون لتحقيق مطالبهم الوطنية المشروعة وممارسة أقوى الضغوط الممكنة على حكومة السودان للإلتزام بمباديء حقوق الإنسان الدولية، كمنظومة متكاملة، دون أي تطبيق جزئي أو انتقائي.

تنبّه المنظمة المجتمع الدولي لممارسة ضغط فاعل على دعاة الحرب من قادة حكومة السودان، "الحكومة التي تصرّ على تقتيل شعبها بشكل جماعي"، للتخلّي عن الدعوة للحرب، وللتصرّف بتعقّل، والإمتثال لحاجات الأمة للسلام، العدالة، والحرية.

لقد بلغت المعالجة العاجزة لشئون الدولة في السودان من قبل نظام الحزب الواحد (حزب الجبهة القومية الإسلامية) ذروة جديدة من إرهاب الدولة مع تجديد قانون الطواريء بواسطة برلمان الحكومة (المجلس الوطني) وما تبعه من تهديدات فورية من قبل رئيس الدولة بشن حرب واسعة ضد منطقة دارفور المحتضرة.

الأكثر مدعاة للأسف، أن تتناول أجهزة الدولة التي يتولى الرئيس قيادتها والمعنيّة بأزمة دارفور الأمر بلامبالاة وعنصرية غير مسبوقة، كما لو أن المواطنين السودانيين الأبرياء الذين قُتلوا بالآلاف والذين جرى تشريدهم بمئات الآلاف على يد نفس الرئيس، قوّات أمنه، ومليشيات الجنجويد، هم في حاجة إلى المزيد من القتل الجماعي بواسطة حكّام الخرطوم.

إن فشل مفاوضات تشاد للسلام مع المجموعات المتحاربة في دارفور يتعلّق بشكل أساسي بخطّة الحكومة لتحقيق نصر عسكري بأي ثمن، غض النظر عن النتائج والتبعات، وأيضاً بالسياسات الحصرية للحكومة ضد الأحزاب الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني التي تُعتبر مشاركتها في محادثات السلام أمراً أساسيّاً لا غنى عنه.

إن المنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة تدين بأشد لهجة ممكنة الإتجاه الداعي للحرب لرئيس الدولة، المجلس الوطني، وكبار المسئولين الأمنيين نحو الأزمة السياسية لدارفور التي هي، في حقيقة الأمر، وضع أنشأته الدولة بالإخفاقات الإدارية والتنموية، السياسات التمييزية، والعنصرية التي يمارسها الجنجويد المدعومين من قبل الحكومة.

لقد صدر قرار المجلس الوطني الذي تهيمن عليه الحكومة بتمديد قانون الطواريء لعام آخر (30 ديسمبر 2004) لإرضاء رئيس داعية للحرب سارع عبر مسئوله الأمني الأول إلى وضع اللائمة عن الحرب التي صعّدتها الخرطوم على الشريك في محادثات سلام نيفاشا، دولة أرتريا، والمجموعات الأخرى التي حدّدها جهاز الأمن الوطني.

إن التصريحات العلنية حول "انتصار عسكري" من قبل حاكم دارفور، إثر الإغلاق الكامل لمنطقة دارفور للعمليات أمنية، التفتيش من بيت لبيت، قتل النساء والمسنّين والأطفال، وغير ذلك من أعمال إرهاب الدولة ضد الدارفوريين الأبرياء، جرى تصعيدها بشكل خطير بالتهديدات الرسمية المعادية للسلام الصادرة من قبل رئيس الدولة.

لقد هدّد الرئيس (30 ديسمبر 2003) بدفع القوات المسلحة، الشرطة، والمليشيات التي تسيطر عليها الحكومة إلى هجوم عسكري واسع النطاق بهدف "وقف متمرّدي دارفور بالعمل العسكري المكثّف". إن نتائج هذه السياسة غير المسئولة أدّت بالفعل لتدمير الجنوب  ومناطق أخرى من السودان في عقد بشع من عنف الدولة ضد المقاومة الشعبية المتنامية.

إن الموجة الجديدة من إرهاب الدولة يجري نشرها بشكل سيء من قبل الاعلام الحكومي، في الوقت الذي يتم فيه إخراس الصحافة غير الحكومية بالقوّة لإحباط آمال السلام في يوم يتمّ الإحتفاء فيه لزيادة الجهود الدوليّة من أجل السلام، التنمية الاقتصادية، والرفاهة الإجتماعية في كافة بلدان العالم.

إن رئيس الدولة ومسئوليه الأمنيين لا رغبة لديهم في إدراك أن إرهاب الدولة لن يؤدّي إطلاقاً إلى تخفيف الأزمة الإنسانية التي ظلّت تعاني منها البلاد بشدّة، كنتيجة مباشرة لعنف الدولة، في الجنوب، غرب السودان، وفعليّاً في كل كل منطقة أخرى من البلاد.

على إمتداد العهد الإرهابي الرئاسي، جرى بشكل متواصل تحقير وضع النساء، الشباب، المسنّين، والأطفال في السودان بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، القوانين الرجعية، والأوامر واللوائح القمعية.

عن عمد، جاءت تهديدات الرئيس لتقويض مناخ السلام والنجاح النسبيّ الذي أمكن تحقيقه بفضل القوى المحبّة للسلام بهدف إنجاز سلام دائم في بلدنا الذي مزّقته الحرب. كما هو الحال في الحروب الأهلية، فان الأبرياء من النساء والمجموعات الهامشية الأخرى ستكون الضحيّة بشكل أساسي للتهديدات الرئاسية التي جاءت مع العام الجديد وما يتبعها من عمليات أمنيّة.

تدين المنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة بقوّة هذا التصعيد المؤسف للحرب الأهلية من قبل المجلس الوطني لحكومة السودان، كبار مسئولي الأمن، ورئيس الدولة.

في عشيّة رأس السنة الجديدة، وإذ تتعلّق الأمة بآمالها في السلام العادل والدائم، تنبّه المنظمة المجتمع الدولي لضرورة ممارسة ضغط فاعل على دعاة الحرب من قادة حكومة السودان، "الحكومة التي تصر على قتل شعبها بشكل جماعي" من أجل:

- وقف كافة العمليات العسكرية ضد شعب دارفور البريء، وبصفة خاصة النساء، المسنّين، والأطفال،

- إلغاء قانون الطواريء،

التعاون بشكل عاجل مع الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى لتخفيف المشاق التي يعيشها النازحون من مواطني دارفور، الجنوب، شرق السودان، جنوب النيل الأزرق، جبال النوبة في الداخل والخارج،

- العودة فوراً إلى مفاوضات السلام مع المجموعات المعارضة في دارفور،

- إنشاء لجنة مؤلّفة من التجمع الوطني الديمقراطي/الحكومة للعمل مع، ومتابعة، مفاوضات السلام في نيفاشا، و

- بدء مفاوضات فورية مع المعارضة الديمقراطية والمجتمع المدني، تشمل تمثيلاً مساوياً لمجموعات النساء، تحت إشراف الأمم المتحدة، الايغاد، وأصدقاء السودان لإقامة حكومة وطنية انتقالية تتعهد بالانتقال بالبلاد من دولة رئاسية داعية للحرب إلى ديمقراطية تكفل التمتع الكامل بالدستورية، حقوق الإنسان، والحريات المدنية.