هذه هي بضاعة إدريس دبي

 

محمد أحمد موسى mamoussah@yahoo.com

الرياض – المملكة العربية السعودية

 

بعد خمسة عشرة عاماً بالتمام ردت إلينا بضاعتنا ليس عرفانا وجميلا مستحقا بل جحودا ونكرانا ورفسا بالقدم إذ جاز التعبير من شخص حسبناه شريفاً فإذا المواقف تكشف عمالته وارتهانه لاجندة من أوصلوهم إلي سدة الحكم 0 فلم يلتزموا بشرف الوسيط المحايد ولاصمت العاجز ، بل راهنوا على الجلاد ليحجزوا لانفسهم مكانتهم التي يستحقونها في مذبلة التاريخ 0

 

تظل تشاد دائما عبر التاريخ القديم والآني والزمن الآتي توأماً للسودان ورمزاً للتعايش والتمازج القبلي بين القطرين ومن العسير التفريق بينهما 0 ومنذ الاستقلال كان السودان العمق الاستراتيجي للمعارضة التشادية من جبهة فرولينا المناهضة لحكم فرانسوا تمبلباي وحتى الحركة الوطنية للإنقاذ التي تمركزت في منطقة عين سرقيلو وخاضت معاركها ضد الرئيس حسين حبري كرا وفرا من داخل الأراضي السودانية 0 وقد استقبل أهل دارفور عامة وأهل المنطقة بصفة خاصة إدريس دبي وقواته واستضافوه ضيفاً مكرماً 0

وقد تحملنا نحن أبناء دارفور عامةً وأبناء المناطق الغربية الشمالية بشكل خاص وأبناء مناطق فرنق بشكل أخص خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخنا وفقدنا الأنفس والأموال وصبرنا على جور حكامنا الذين استباحوا أرضنا وصبرنا من أجل رفع الظلم عن أهلنا في تشاد ونجاح ثورته ضد جبروت نظام هبري 0

ففي خلال المعارك التي دارت في المنطقة في أبريل 1990 أحرقت قرى عديدة في منطقة فرنق بمحلية فتابرنو وعددها 25 قرية اذكر منها منقوري ؛ أرقوني ؛ سنقر؛ فونو؛ ارقي ؛ سرقيلو ؛ سمبو ؛ جلا ؛ كورتي وغيرها 0 وقتل من الابرياء من قتل ووصلت المعارك إلى أطراف مدينة كتم 0 

 

حسمت المعارك لصالح إدريس في نهاية 1990 . واستبشرنا خيراً واعتقدنا بان الأيام التي عاشها دبي بيننا عزيزاً مكرماً في دارفور سوف تجعله وفيا لاهلها بان يعيد ما دمرته آلاته الحربية وما زرعه من الغام أرضية عانى منها أهل المنطقة ؛ فكم من عزيز فقد وكم من شاب في ريعان شبابه فقد أطرافه .

 

لم نقم بطلب شيء من إدريس دبي وأعذرناه في بدايات حكمه وأشفقنا عليه لان اقتصاد تشاد لن تتحمل تعويض آلاف الأسر من قبائل الزغاوة والفور ؛ التي فقدت العزيز الغالي ؛ ولن تتحمل اقتصاد تشاد تعمير منطقة كاملة من كتم حتى الطينة 0  ولكن لم يدر بخلدنا أن رد الجميل سيكون من نصيب البشير وزمرته الأمنية  الملطخة أياديهم بدماء أهل دارفور0

بالله عليك يا سيادة الرئيس ؛ كم مرة زرت السودان؟ لماذا لم تعر ولو إلتفاتة صغيرة للذين استقبلوك أول مرة في سوق فونو ودلوك على مكان آمن يأويك من جبروت هبري ؟ نحن نعرف أن الثوار يعودون إلى  كهوفهم للذكرى أو حتى زيارة مقابر الرفاق الذين استشهدوا دفاعاً عن الثورة التي تتمتع الآن بنعيمها ؛ ولكنك لم ولن تفعل سيدي الرئيس !

 

عندما انعقد مؤتمر انجمينا الأخير حسبناك تفهم هذا الإرث التاريخي والحضاري واعتقدنا أن تكون محايداً على أقل تقدير ، ولكن تكشف الأمر بعد ساعات من انفضاض المؤتمر وأنت تطرد ثوار دارفور الذين استضفتهم للحوار بطرق مهينة ومذلة وتمشي هرولة لاستقبال البشير الذي أتي خصيصا لشكرك علي عمالتك الرخيصة الوضيعة وقد صورتك كل كاميرات محطات العالم التلفزيونية وأنت تودع البشير وتدس في يده ورقة 0 أهي عهد وولاء منك باستمرار العمالة؟ أم كشف الحساب المستحق من قبل البشير وفيها تفاصيل حسابك في البنوك الغربية؟

 

ونقول لإدريس دبي : يا سيادة الرئيس لقد كافأتنا ذلاً وإهانة  وفعلتك لن توهن من عزم ثوارنا بل تزيدهم ثباتاً وإصراراً على بلوغ قمة التحرير من الظلم والتخلف والتسلط0

 

يا سيادة الرئيس : إن هناك شعوباً وأمماً – وأولهم الشعب التشادي -  تتفهم معاناتنا وثورتنا  أكثر مما تتفهمه0 والسؤال هو: هل مات فيكم الوازع الديني والضمير الإنساني؟ هل ستدلون بشهادة أمام محكمة الجزاء الدولية ببراءة نظام الخرطوم العنصري من جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور؟

 

إن أبناء دارفور يطالبون المجتمع الدولي عامة وعلى رأسه الأمين العام للأمم المتحدة ؛ والولايات المتحدة الأمريكية ؛ الإتحاد الأوربي والإتحاد الأفريقي ومنظمات حقوق الإنسان وجميع النشطاء بالتدخل والإشراف المباشر على المفاوضات القادمة بشكل مباشر وأن يأخذوا العلم بأننا نشك في حيادية الوسيط التشادي 0

 

وأود هنا أن أشكر الشعب التشادي المضياف لاهلنا اللاجئين إليهم من جور وظلم حكامنا ودموية الجنجويد من الذين كانوا على ظهرانينا يوماً ما 0

 

... نواصل إنشاء الله