سودانيون/روانديون جنسية جديدة يتصدق بهاالوزير عبد الباسط سبدرات الي شعب دارفور

دكتور/ محمد سيلمان آدم- مانشستر-بريطانيا

darfury@ic24.net

لقد استفزني رد وزير الشئون البرلمانية وعضو"لجنة دارفور" السيد/ عبد الباسط سبدرات في اللقاء الهاتفي الذي أجرته قناة الجزيرة مساء الخميس الموافق 22 ابريل 2004 في حصاد اليوم بينه والاستاذ محجوب حسين سكرتير الإعلام والإتصال الخارجي لحركة تحرير السودان في المملكة المتحدة، والذي انكر فيه أن تكون الصور والاخبار التي تناقلتها وكالات الانباء ومحطات التلفزيون العالمية للاجئيين من شعب دارفور بتشاد سودانيين بل هي من رواندا او غيرها من الدول الافريقية، ليشكك في مصداقية القناة، وذلك بقوله " الصور قد تكون من رواندا ويقال انها من دارفور،او يمكن ان تكون في اي جزء من افريقيا ويقال عنها من دارفور، وماتبثه الفضائيات ليست دائما هي الحقيقة"

إن ما يدور في دارفور من غضب وثورة و سخط شعبي، ناجم بالطبع من جراء الوضع السياسي الراهن لشعبنا بكافة تسمياته العربي والافريقي، وما يتطلبه من تسليط للضوء أكثر على هذا الموضوع الذي له أهمية إيجابية وقصوى لتوضيح الصورة الحقيقية لما يجري على الساحة السياسية لشعبنا، والذي يجب أن يكون بالشكل الذي لا يثير النعرات القبلية، ونحن كأبناء السودان من دارفور من حقنا أن ندافع عن أرضنا ونثورعلى الظلم والقهر السياسي ونطالب من كل فج في بقاع الكون برفع المظالم والتوزيع العادل للخيرات والسلطات، رغم ما يجود به واقعنا من نضال وتضامن، والذي لا يرقى الي مستوى التضحية بالروح التي يقدمها المناضلين بالداخل.

إن مثل هذه التصريحات اللامسئولة والتي يراد بها القفز على حقائق التاريخ والجغرافيا لا تخدمنا كثيرا بل تزيد الطين بلةً، وان إحتكار الحقيقة هو الشيء الأكثر سلبيةً على مستقبل حياتنا السياسية والأجتماعية، إن لم تكن على مصير شعبنا ووجوده الحضاري والثقافي والتأريخي، وإن الخلاف في وجهات النظر بين ممثل الحكومة السيد/عبد الباسط سبدرات والسيد/محجوب حسين سكرتير الإعلام والإتصال الخارجي لحركة تحرير السودان في المملكة المتحدة كان يجب أن لايتحول في أي حال من الأحوال إلى صراع حول مبدأ " المواطنة" والتي هي ناقصة اصلا!! ومن ثم هل هذه المشاهد التي تتناقلها محطات التلفزيون العالمية لسودانيين أم لا، لأنه بذلك سوف يدق أول إسفين في نعش هذا الشعب العظيم الذي بنى أقدم الحضارات وقدم للأنسانية أجمل الكنوز، وعليه يجب أن نحاول كل من موقعه أفرادا ًوتيارات سياسية وحكومة تفادى الوقوع فى هذا الخطأ الذى سوف يكون له نتائج وخيمة على مستقبل شعبنا .ولهذا فان على الحكومة أن تقوّم خطها السياسي بما يتلائم مع الواقع الراهن وأن لا تنساق وراء الخيالات الوهمية قبل فوات الآوان، وأن تدرك جيداً بأن حل مشكلة دارفور لا تتم إلا على أساس سياسي وليس عن طريق إلغاء طرف للاخر مهما كانت الحجج والأسباب، ويجب أن تكون الظروف السياسية ناضجة ومهيئة لمثل هذه الازمات وإثبات النوايا الحسنة لان الموضوع كبير وحساس.

وليتذكر الشعب السوداني في دارفور ماضيا، كيف كان، وكيف يعش اليوم؟ لان خصوصية دارفور ظلَّت تمثل كياناً اسلاميا افريقيا عربيا ثابتاً طوال تاريخها والتى سبقت فيها ميلاد الدولة السودانية الحديثة. حيث تصاهرت القبائل والاثنيات فكان المساليت والفور والزغاوه والبرتى والبرنو والبرقد والتاما والبرقو والفلاته بجانب التعايشه والهبانيه والبنى هلبه والرزيقات والمسيريه والمعاليا والحوطية والترجم، في درجة عالية من التمازج الاجتماعي والثقافي والديني كشعب واحد وقبيلة واحدة رغم الأختلاف في التسميات، ولقد تم الحفاظ على هذا الأحساس الجميل لوقت طويل رغم القهر السياسي والقوة العسكرية المسلَّحة من طرف حكومات المركز المتعاقبة وكذا المجاعات والتصحر وكل أوجه المعاناة المختلفة، دون ان يتحول الى أي نوع من أنواع التعصب القبلي الضيق الذي يضرب بجذوره الآن رويداً رويداً في واقعنا السياسي وينهش من خصوصية دارفور وكيانها الاسلامي الافريقي العربي الثابت. وهذا سببه يعود الى ان بعض الأطراف التي تحاول تشويه الحقائق بما يتماشى مع منهجها وفكرها دون ان تفكر ملياً بالنتائج المترتبة من جراء ذلك.

فالذي أريد قوله هنا هو ان حكومة المركز تبدو عاجزة عن إجراء تغيير جذري في اطروحاتها أو على الأقل لتوعية وزرائها واعضاء ما يسمي ب "لجنة دارفور" بتفادي ونبذ الفكر الاقصائي الضيق الذي بدأ يسيطر على الكثير منهم. فالاحري بالحكومة أن تحاول اعادة النظر في خطها السياسي وتطويره كي يتلائم مع واقع حال دارفور، فأبناء هذا الاقليم بشتي قبائله ومكوناته الجغرافية جسم واحد اذا تداعي منه عضو تالم له باقي الجسد بالسهر والحمي. فقد عشنا وعاش اباؤنا واجدادنا وسنظل نعيش فى هذا الثراء القبلى والتراث المتنوع والنموذج الفريد من التلاقح العرقى والثقافى المتميز، وعلينا ان نقف جميعا ضد سياسة " فرق تسد" التي مارستها حكومات المركز المتعاقبة. فنحن أبناء دارفور بشتي قبائلنا ومكوناتنا الجغرافية وممن تحدرمن اصول عربية أو أفريقية نفتقر لوجود تمثيل سياسي حقيقي لشعبنا بحكومات المركز لفترة طويلة من الزمن. أو باللاحري منذ عبدالله ود تور شين!!، وهذه هي اقوي الأسباب التي ادت الى ظهور أفكار مشوهة يحاول كل طرف سياسي او أكثر تبنيها وترجمتها عملياً على أرض الواقع مستغلين الفراغ السياسي الذي ملئه سدنة النظام بسياسة فرق تسد، ومن المؤسف له حقاً هو ان المثقفيين والواعيين من أبناء دارفور قد انجرفوا وراء هذا التيار أو ذاك بحجة ولائهم القبلي والحزبي، ولكن بعد فترة قصيرة سيكتشفون بأنهم" مضغة" سهلة للمركز، والذي لايهمه سوي كرسي الحكم والرمي بفتات الموائد لأبناء دارفور. فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذا الوقت: ألم يحن الوقت للتوحد والالتفاف حول منهج قومي وحدوي يجمع كل أبناء دارفور لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل لشعبنا بمختلف تسمياته؟. فإذا كان الجواب( بنعم)، فيجب أن تتظافر كل الجهود لإستقبال هذا الوليد، اما اذا كان الجواب ب(لا) فلنتوقف على الأقل من توسيع الهوة ما بين أبناء الاقليم الواحد ولنُبقي في دواخلنا ذلك الأحساس الجميل بأننا كيان وقبيلة واحدة ولكن بتسميات مختلفة الى ان يحن موعد ميلاد هذا المنهج والذي سوف ينقذنا من هذا الطوفان.

اما مهاترات الوزير السوداني الذي نعي تاريخه جيدا، قد لا يغير من الحقيقة، كما لسنا بحاجة منه الي اصدار بطاقات هوية سودانية للسودانيين. فأهل دارفور سحنتهم معروفة وواضحة للعيان ولايمكن أن تغفل عن أعين الناس وإن جاءت عبر الفضائيات. وهناك بون شاسع بين صحراء دارفور وغبارها والغابات الاستوائية في رواندا. وعلي الوزيرأن يرتكن في حزامه النيلي ويترك لنا شأن دارفور........وألم يستدعي ذلك إعتذاراً من الوزير لأهل دارفور!!!!!