دارفور
ومحكمة
الجزاء
الدولية القضية رقم ICTR- 96 – 4 - T- المدعي
العام ضد جين
بول أكايسو
نموذجا
|
|
عبد
الرحمن حسين دوسة/أبوظبي |
ardousa@zadco.ae |
كان أول
من دق ناقوس
الخطر هو
"جون برندر
غاست"
أحد
العاملين مع
مجموعة
"الأزمة
الدولية" والذي
نشر تقريراً
مطولا في
ديسمبر
الماضي حذر
فيه مما
أسماه
بتطهير عرقي
يتم في صمت
وبعيدا عن
الإعلام
بإقليم دار
فور ثم أعقبه
في يناير
الماضي
تقريرا
ضافيا من قبل
" المؤتمر
الدولي
لتجنب
المجازر " و
الذي عقد في استوكهلم
حيث وضع
السودان في
المرتبة
الأولى على
سلم الدول
المهددة
بالمجازر. على أن
أقوى
التصريحات
إدانة جاءت
من "موليش
كابيلا"،
منسق
العمليات
الإنسانية
للأمم
المتحدة - بعد
عودته من
زيارة
ميدانية لدارفور-
و الذي وصف
فيها
الأوضاع
بأنها
الأكثر
فظاعة في
العالم و
أنها تعيد
للأذهان
ظروفاً
تاريخية
مماثلة لتلك
التي شهدتها
رواندا في
عام 1994م وهي ما
أكدتها "جورجيت
جانيون"
نائبة مدير
قسم إفريقيا
لدى منظمة مراقبة
حقوق
الإنسان في
تقرير لها
تحت عنوان "دار
فور
تشتعل....الفظائع
في غرب
السودان". وفي
السياق نفسه
قال "يان ايغلان"
منسق
المساعدات
العاجلة
للأمم
المتحدة اثر
اجتماع
لمجلس الأمن
مخصص لبحث
الوضع في السودان
الشهر
الماضي قال
أن الأوضاع
هناك ترقى إلى
"التطهير
العرقي
المنظم " و
انه شخصياً لا
يعرف كلمة
أخرى يصف بها
ما يجري و عقب
ذلك مباشرة
دعا كل من " غونتر بليغر
" الرئيس
الحالي
لدورة مجلس
الأمن سفير
ألمانيا و كذلك
" آدم ايرلي
" نائب
المتحدث
باسم
الخارجية
الأمريكية،
دعا كل على
حده،
الحكومة
السودانية بلجم
مليشيات الجنجويد
و السماح
بتدخل
مراقبين
دوليين
لمتابعة و مراقبة
الموقف عن كثب. بغض النظر
عن دقة وصحة
هذه
التصريحات،
فإنه
واستنادا
على تجارب
مماثلة أو
مشابهة يبدو
من الواضح أن
التدخل
الدولي – وهو
أمر ليس ساراً
بالضرورة
لكلا
الطرفان
والشعب
السوداني – لا
محالة واقع،
ما في ذلك شك
لكل من يقرأ
الأحداث
بقلب سليم. ما
لا يمكننا
التأكد منه
أو التنبؤ به
حالياً هو
توقيت هذا
التدخل و شكله
و مستواه
والبوابة
التي منها قد
يأتي إذ أن كل
الاحتمالات
مفتوحة على
مصراعيها. و لما كان
معظم
التصورات قد
ذهبت إلى
مقاربة الحالة
السودانية
بأحداث
رواندا،
ومهما تكن درجة
اعتراضنا
علي هذا
التشبيه الاسقاطي
فإن أول ما
يتبادر إلى
الأذهان أو بالأحرى
أول الأسئلة –
علي فرض وقوع
التدخل
الدولي - تدور
حول مدى
استعداد
المجتمع
الدولي
لمحاكمة
مرتكبي هذه
الجرائم – إن
وجدوا - وذلك
على غرار ما
تم في رواندا
وهي بالطبع
محاكمات إن
جرت فستطال
كل أطراف
الصراع بلا
استثناء،
حكومة
ومعارضة. وبالنظر
لما أبداه
الكثير من
الأصدقاء والقراء
من رغبة في
معرفة كيفية
عمل المحكمة المختصة
بمحاكمة مثل
هذه الجرائم
وهي"المحكمة
الجنائية
الدولية" -International Criminal Court ICC - فقد
ارتأيت
تقديم لمحة
تاريخية
عابرة عن ملابسات
إنشاء هذه
المحكمة،
اختصاصاتها،
تكوينها، إدارتها،
إجراءات
التقاضي والمحاكمة،
القانون
الواجب
التطبيق،
الدول التي
صادقت عليها
وفي نهاية
المقال
اخترت قضية
من القضايا
الخمس عشرة
التي صدرت
فيها أحكام – حتي مارس
الماضي – من
قبل المحكمة
الجنائية
الدولية
الخاصة
بمحاكمة
مجرمي
رواندا وهي
قضية تشابه
في إحداثها
وإبطالها ما
يدور في دارفور
حالياً. في الواقع
إن فكرة
إنشاء محكمة
ذات صلاحية
قضائية
جنائية
دولية ليست
بالفكرة
الجديدة في
أوساط
المجتمع
الدولي رغم
أنها تشكل
مفهوما غير
مألوفاً في
فقه القانون
الدولي
العام. ولعل أول
محاولة جادة
لإنشاء مثل
هذه المحكمة
كانت بهدف
محاكمة القيصر
وليم الثاني -
قيصر
بروسيا-ألمانيا
- عن الجرائم
التي ارتكبت
خلال الحرب
العالمية الأولى
وذلك
استنادا
لبعض أحكام
اتفاقية فرساي،
إلا أن
الحلفاء
تخلوا عن هذه
الفكرة عندما
هرب القيصر
إلى هولندا
وكذلك
لمعارضة الولايات
المتحدة
القوية لهذه
الفكرة. ما لبثت الفكرة
أن عاودت
الظهور مرة
أخرى على
خلفية ويلات
وفظائع
الحرب
العالمية
الثانية إذ
جري تشكيل
محكمتين
جنائيتين
دوليتين
لأول مرة في التاريخ
بكل من نورمبرج
وطوكيو وذلك
لمحاكمة
النازيين
والفاشيين الذين
تجاوز عددهم
العشرين ألف
مجرم حرب. ومع
تزايد الصراعات
والنزاعات الإقليمية
بدا واضحاً
أن وحشية
الإنسان لا
تعرف حدودا
في ظل ارتكاب
البعض
لجرائم
تتعلق بالإبادة
الجماعية
والتطهير
العرقي
والتعذيب
خاصة وان
معظمهم افلت
من العقاب
تحت ستار
مفاهيم السيادة
(Sovereignty)
والاختصاص
الموضوعي
والمكاني(Jurisdiction) . إزاء ذلك تنامى قلق
المجتمع
الدولي إلى
الحد الذي
بدأ فيه البعض
إطلاق دعوات
صريحة
مطالبة
الأمم
المتحدة
بإنشاء
محكمة تتولى
النظر في مثل
هذه الجرائم
التي أثارت
وجدان وضمير
الإنسانية.
ففي 9/12/1948م أصدرت
الجمعية العامة
للأمم
المتحدة
قرارها رقم 260
الداعي إلى ضرورة
تحرير الجنس
البشري من
جرائم الإبادة
وكلفت لجنة
القانون
الدولي
بالأمم
المتحدة لإعداد
دراسة مفصلة
مع توصيات
محددة في هذا
الشأن، غير
إن جهود هذه
اللجنة باءت
أيضا بالفشل
ولم تثمر إلا
في توصيات
هزيلة أجهضت
تحت أقدام
مناورات
القطبين طوال
حقبة الحرب
الباردة. الخطوة العملية
بدأت قبيل
أحداث
يوغسلافيا
في بداية
التسعينيات
بوقت وجيز
حيث بدا
المناخ الدولي
أكثر
استعدادا
لتقبل مثل
هذه الفكرة
غداة انهيار
الاتحاد
السوفيتي
وسيادة قيم
حقوق الإنسان
والحريات
الأساسية
وبعض
المفاهيم الغربية
المتعلقة
بالعدل
والإنصاف.
كما أن الرأي
العام
العالمي
بوجه عام
والأوروبي
بصفة أخص بدأ
يضغط باتجاه
محاسبة
المسئولين
عن الجرائم
الإنسانية
ومن ثم جرى تفعيل عمل
لجنة
القانون
الدولي
التابعة
للأمم المتحدة
والتي
استطاعت
بدورها وضع
المسودة الأولية
لمحكمة
الجزاء
الدولية
أمام
الجمعية العامة
في عام 1994م. استغرقت
دراسة
المسودة
حوالي
الأربعة
أعوام انتهت
بعقد مؤتمر
روما في 15/6\1998م
برعاية
الأمم المتحدة
.حضر هذا
المؤتمر
ممثلون عن مائة
وستون دولة
وبعد خمسة
أسابيع من
مداولات ومحادثات
مكثفة بين
خبراء
القانون
الدولي صوت مائة
وعشرين دولة
لصالح نظام
روما الخاص
بإنشاء
محكمة
الجزاء
الدولية (Rome Statute of the International Criminal Court)
بينما عارضت
سبع دول من
بينها
الولايات المتحدة
الأمريكية,
العراق,
ليبيا, الصين.
وبحلول يوم 14\5\2003
صادقت تسعون
دولة علي
النظام
إيذانا ببدء
أعمال
المحكمة
رسميا اعتبارا
من 1\7 2003 علما بأن
الدولة التي
لم تصادق لاتكون
ملزمة
بأحكام
النظام رغم
موافقتها
وتوقيعها المبدىء
وهو ما عليه
حال جمهورية
السودان
التي وقعت على
الاتفاقية
في 8/9/2000 ولكن لم
تصادق عليها حتى
الآن
وبالتالي لاتكون
معنية
بمحكمة
الجزاء
الدولية مع
ذلك يجب التذكير
دائما أن
هناك مبدأ في
قانون
المعاهدات
المبني على
معاهدة
فيينا لعام 1969م
يفيد هذا المبدأ
بأنه يتعين
علي الدولة
التي توقع
على معاهدة
ما ولكن لم
تصادقها يجب
عليها
الامتناع عن
فعل أي شيء من
شأنه أن يقوض
أهداف أو روح
المعاهدة
وذلك إلى أن
تقرر
الانسحاب
النهائي أو
المصادقة.
يبقي القول
أن عدم
التوقيع أو
المصادقة لا
يعني
بالضرورة
عدم إمكانية
خضوع الدولة
لاختصاص
المحكمة إذ
أن هناك
إجراءات وترتيبات
قانونية
أخرى كفيلة
لمعالجة مثل
هذا الوضع وذلك
تحت أحكام
البند
السابع من
ميثاق الأمم
المتحدة وهو
ما تم في
يوغسلافيا وروندا. أشتمل
نظام روما
الأساسي
للمحكمة
الجنائية على
مائة
وثمان
وعشرون مادة
موزعة على
ثلاثة عشر
باباً وقد
نصت المادة
الأولى على
إنشاء محكمة
جنائية
دولية ذات
هيئة دائمة –
بخلاف محاكم
يوغسلافيا
ورواندا
المؤقتة –
وذلك
لممارسة
اختصاصها
على الأفراد –
لا الدول أو
الهيئات -
الذين
يرتكبون أشد
الجرائم
خطورة والتي
هي موضع
الاهتمام
الدولي، مع
ملاحظة أن اختصاصات
هذه المحكمة
مكملة "Supplementary"
لاختصاصات
المحاكم
الجنائية
الوطنية وهذا
المفهوم (Supplementary Concept)
مفهوم دخيل
على فقه
الإجراءات
الجنائية
ويعني فيما
يعني أن المحكمة
الدولية لا
تباشر
صلاحيتها
إلا عند عجز
المحاكم
الوطنية أو
عدم رغبتها
أو جديتها في
محاكمة
مرتكبي هذه
الجرائم
وفقاً لأصول المحاكمات
المعترف بها
دولياً. تم اختيار
مدينة لاهاي
بهولندا
مقراً دائماً
للمحكمة مع
جواز انعقاد
الجلسات في
مكان أخر
عندما ترى المحكمة
ذلك
مناسباً،
أما
الاختصاص
الزماني للمحكمة
فمقيد
بالجرائم
التي ترتكب
بعد بدء نفاذ
النظام أي
اعتباراً من
1/7/2002 ومن ناحية
الموضوع فهي
علي خلاف
محكمة العدل
الدولية
معنية بالجرائم
لا الخلافات
المدنية
وعلي
الأفراد لا
الدول
والهيئات،
والجرائم
التي تختص بها
تشمل جريمة الإبادة
الجماعية
وهي خمسة
أنواع من
الجرائم، ثم
الجرائم ضد
الإنسانية
وهي أحد عشر
نوعا، ثم
جرائم الحرب
وتشمل ستة
وعشرون
جريمة
وأخيراً جرائم
العدوان
والتي تحتوي
على سبعة
جرائم أي ما مجموعه
تسع وأربعون
جريمة من
بينها القتل العمد،
الإبادة،
الاسترقاق،
التعذيب،
النهب،
الاغتصاب،
التهجير، الحرق
المتعمد
للمساكن،
تدمير
الممتلكات، الفصل
العنصري،
الاضطهاد،
الاختفاء القسري،
التجويع،
خطف النساء
والأطفال،
باختصار أي
فعل يرتكب
بقصد إهلاك
جماعة قومية
أو اثنيه أو
عرقية أو
دينية
إهلاكا
ًكلياً أو
جزئياً. التكوين
الإداري
للمحكمة يشتمل
على أربعة
أجهزة وهي
هيئة
الرئاسة،
المدعي العام،
المحكمة
الابتدائية والاستئنافية
ثم قلم كتاب
المحكمة. أما
عدد القضاة
فالحد
الأولى
ثمانية عشر
قاضياً يتم
انتخابهم من
قبل جمعية
الدول
الأطراف على
إلا يكون
هناك قاضيان
من رعايا
دولة واحدة، وتعتمد
المحكمة
اللغات
العربية،
الإنكليزية،
الفرنسية،
الروسية،
الصينية
والأسبانية
لغات رسمية
في جلساتها
وأحكامها. فيما
يختص بمصادر
التمويل فهي
من
الاشتراكات
المقررة على
الدول
الأطراف
والأموال
المقدمة من
الأمم
المتحدة
وتبرعات
الحكومات
والمنظمات
الدولية. حدد نظام
المحكمة
الجنائية
على نحو دقيق
إجراءات
التحقيق
والمقاضاة
ابتداء من
واجبات وسلطات
المدعي
العام أثناء
التحقيق،
كيفية صدور أوامر
القبض،
اعتماد
التهم، حقوق
المتهم، الأدلة
والشهود،
إجراءات
المحاكمة،
الإدانة
والعقوبات،
الاستئناف
وإعادة
النظر، تنفيذ
العقوبات
وهي إجراءات
كفيلة بضمان
توفير حماية
كافية ومحاكمة
عادلة
للمتهمين مع
وضع حد
لإمكانية إفلات
مرتكبي هذه
الجرائم من
العقاب وخير
من عبر عن هذه
العدالة هو "Jose Lasso “ مقرر الامم
المتحدة
لحقوق
الإنسان
حينما قال: (A person stands a better chance of being tried and judged for killing one human being than for killing
one hundred thousand) ومن
المبادئ
الهامة التي
أرساها هذا
النظام عدم
سقوط هذه
الجرائم
بالتقادم (Prescription) أي
جواز ملاحقة
مرتكبي هذه
الجرائم بغض
النظر عن
مرور الوقت
ومهما طال
الزمن ما دام
مرتكبيها
على قيد
الحياة،
كذلك لا يعتد
بالصفة
الرسمية
للشخص مرتكب
الجريمة إذ
أن الشخص
سواء أكان رئيساً
لدولة أو
عضواً في
الحكومة أو
موظفاً حكومياً
لا تعفيه هذه
الصفة بأي
حال من الأحوال
من
المسؤولية
الجنائية
ولا تحول
الحصانان من
دون ممارسة
المحكمة
لاختصاصها و
الأهم أن
المادة (28) من
النظام شددت
على مسؤولية
القادة
والرؤساء
بأن نصت على
أن يكون
القائد أو المسئول
أو الشخص
القائم
فعلاً
بأعمال
القائد مسئولاً
مسئولية
جنائية
مباشرة عن
الجرائم التي
ترتكب من
جانب قوات
أو أفراد
يخضعون
لأمرته
وسيطرته
الفعليتين. ولا تقتصر
المسئولية
على ارتكاب
الفعل
المادي
وإنما أيضاً
على من أمر أو
أغرى أو حث أو
حرض أو ساعد
أو قدم العون
المادي
والمعنوي أو
ساهم بأية
طريقة أخرى
في ارتكاب
الجريمة
والقصد من
ذلك بالطبع
هو ملاحقة
المحرضون
والمساعدون
والممولون
لأن دورهم في
هذه الجرائم
على وجه
التحديد أخطر
من دور
المنفذين
المباشرين
مع ملاحظة أن
الركن
المعنوي في
هذه الجرائم
وهو العلم لا
يشترط أن
يكون علماً
حقيقياً
وإنما يكفي
العلم الحكمي
وهو ما يشار
إليه بال “Constructive Knowledge” وبالتالي
فإن القائد
أو الرئيس أو
المسئول إذا
علم أو كان من
المفترض أن
يعلم بحكم
مسئوليته
والظروف
السائدة
وقتئذ أن مثل
هذه الجريمة
قد ارتكبت أو
على وشك
الارتكاب ولم
يتخذ
التدابير
اللازمة
والمعقولة
في حدود
سلطته لمنع
ارتكابها أو
تجاهل
معلومات بارتكابها
أو أهمل
التحقيق
فيها
ومحاكمة
مرتكبيها
فانه يكون مسؤولا
مسئولية
مباشرة. أخيرا من
المهم جدا أن
نشير إلى أن
مسألة إحالة
أية قضية إلى
المحكمة
الجنائية
الدولية
والبدء في إجراءات
التحقيق تتم
إما عن طريق
دولة طرف في هذه
الاتفاقية
أو مجلس
الأمن أو
المدعي العام
من تلقاء
نفسه وبناء
على معلومات
توفرت لديه
علي أن يكون
المتهم من
رعايا دولة
عضوه في
الاتفاقية
أو أن
الجريمة
وقعت في
أراضي دولة
عضوه أو أن
دولة ما قبلت
باختصاص
المحكمة وفي
الأحوال
الأخرى – مثل
الحالة
السودانية
لا سمح الله -
فغالبا ما
يتم عن طريق
إصدار قرار
من مجلس
الأمن
الدولي رغم
ما يعني ذلك
من تعقيدات. لعل من
المناسب
الآن
الانتقال
إلى سابقة
قضائية
أرستها
المحكمة
الجنائية
الدولية
الخاصة
بمحاكمة
مجرمي
رواندا وقد
تم اختيار
هذه السابقة
من بين خمسة
عشر قضية
انتهت منها
المحكمة حتى
مارس الماضي
وأساس
اختيارنا
مبني على
تقارب
وتشابه
الأحداث من
حيث طبيعة
الجرائم
والصفة
الرسمية
للمتهم
وأسباب الصراع
والقضية
تحمل الرقم 4-96-ICTR المدعي
العام ضد أكايسو
جين بول. لا نود
الاسترسال
في الأحداث
التي سبقت
مجازر رواندا
والتي بدأت
بإسقاط
الطائرة
التي تقل الرئيسين الرواندي
والبورندي
وكلاهما من
قبيلة الهوتو
وذلك بالقرب
من مطار كيغالي
عند تمام
الساعة
الثامنة والنصف
من مساء 7\4\1994 ما
يهمنا هنا
بالدرجة
الأولى هي
المجزرة الدامية
التي تلت تلك
الحادثة
ودور المتهم جين بول
فيها. المتهم
من مواليد
عام 1953م. ومسقط
رأسه مركز
تاجا Taga))
بمديرية مورهي
Murehe والتي
تقع غرب
العاصمة كيغالي
وينتمي إلى
قبيلة الهوتو.
عند بدء
الأحداث كان
يعمل محافظا
للمديرية
والمسئول
الأول فيها
وبصفة تلك
كان مسئولا
عن الأمن العام
بالمركز والاشراف
على قوات
الشرطة
والأمن والجندرمة
والسهر على
تطبيق
القانون
والنظام
وحسن إدارة
شئون
المنطقة. وجهت أليه
عدة تهم من
بينها أنه
وباعتباره
مسئولا عن
حفظ النظام
والقانون
فقد لقي
بمنطقته
أكثر من ألفين
من الهوتو
مصرعهم فيما
بين 7\4\1994م وحتى
يونيو 1994م .
وبما أنه كان
على قمة
السلطة في
المديرية
وبما أن
المجازر جرت
يشكل علني
وعلى نطاق
واسع فانه
يفترض
قانونا أن
يكون قد علم
بها علي
الأقل وإن لم
يشارك فيها،
وحيث أنه لم
يبذل ما يكفي
من جهد
لإيقاف هذه
المجازر ولم
يطلب علنا
مساعدة جهات
أخرى
لإيقافها فانه
يصبح شريكا
في إرتكاب
هذه الجرائم. التهمة
الثانية،
ثبت أن هناك
أكثر من
ثلاثمائة
جريمة
اغتصاب تمت
في حضوره وأمام
مشهد منه من
قبل جنوده أو
مليشيا الهوتو
بل وأحيانا ببتشجيع
منه وذلك
بغرض التلذذ
والحصول على
اعترافات منهن
بأماكن
اختفاء
أزواجهن
وأبنائهن. في صبيحة
يوم 19\4\1994 وأمام
أكثر من مائة
شخص جرى
إعدام
المدعو Sylvere karera بأوامر
شخصية منه
وذلك
لاتهامه
بالتعاون مع
المتمردين و
قبيل فض ذلك
الاجتماع حرض
الحضور على
قتل
المتمردين
من قبيلة
التوتسي وقد
اندلعت بعده
بوقت قليل
أعمال عنف
واسعة النطاق
يعتقد أنها
نتيجة لهذا
التحريض. عند ذات
الاجتماع
ذكر المتهم
أسماء ثلاثة
أشخاص من
التوتسي
طالب وأمر
بقتلهم
لارتباطهم بحركة
التمرد وقد
وجد هؤلاء
الثلاثة بعد
يومين مقتولين. في 20\4\1994م أخذ
المتهم
ثمانية
أفراد من سجن
المدينة إلى
أطرافها
وأمر بعض
الجنود
بإطلاق الرصاص
على رؤوسهم
علما بأن
هؤلاء
المساجين لجأوا
إليه في
الأصل
لحمايتهم
باعتباره
المسئول الأول
في المنطقة. في 21/4/1994م ذهب
المتهم
وبرفقته
أربعة من
رجال الشرطة إلى
منزل سيدة
عجوز تبلغ من
العمر 68عاما
لاستجوابها
عن ابنها
البروفيسور
في الجامعة
وأثناء
الاستجواب
الذي تم
بإشرافه
شخصيا عذب رجال
الشرطة المرأة
وقاموا
بربطها من
أرجلها
وأيديها
والقوها داخل
برميل مليء
بماء ساخن ففقدت
بصرها
وأصابها شلل
جزئي. في الواقع
وجه المدعي
العام حوالي
ثلاثة وعشرون
تهمة ضد
المذكور
تتراوح ما
بين القتل
العمد،الاغتصاب،
التعذيب،
الاختطاف،
حرق وتدمير
الممتلكات،
التحريض علي
ارتكاب تلك
الجرائم،
العجز عن
توفير
الحماية،
الفشل في
ملاحقة
المتهمين الخ
وطالب
الادعاء
بتوقيع
عقوبات
بالسجن بلفت
في مجملها
مائتان
وعشرون عاما
حيث أن عقوبة
الإعدام غير
مطبقة أمام
محكمة
الجزاء
الدولية. وحتي تتمكن
المحكمة من
البت في
التهم توجب
على المدعي
العامPierre Richard
Prosper
إثبات
الركنين
المادي
والمعنوي
لتلك التهم وهما ما يشار
أليهما
في القانون
الجنائي يال
Actus Reus والMens Rea وفي سبيل ذلك
استند
الادعاء على
إفادات
وشهادات شهود
عيان من
أقرباء
الضحايا
وبعض الحضور
بينهم
الجنرال الإسباني
دلاري
قائد قوات
الأمم
المتحدة
برواندا
وقتئذ والذي
أدلى بإفادات
مفصلة
ودقيقة عن
دور المتهم و واجباته
وسلوكه و
كذلك شهادة
الدكتور ريشارد
الذي كان
يعمل طبيباً
لمنظمة
خيرية في ذات
المدينة
إضافة إلى
صور فيديو
حية التقطها
المصور
البريطاني سيمون كوكس. رغم ذلك
فقد عانت
المحكمة
كثيراً عند
وزن تلك البينات
و ذلك بالنظر
إلى أن بعض
التهم لم يكن بالإمكان
إلا تقديم
شاهد واحد
على اليمين و
هو ما لا يكفي للإدانة
( one witness is no witness) مما تعين
العمل بمبدأ
التعضيد " Principle of Corporation" هذا
إضافة
لصعوبات
قانونية
أخرى مثل
انحياز
الشهود بل و
اختلاق
الأكاذيب
أحيانا و
تناقض
الإفادات
بين مرحلتي
التحقيق و المحاكمة
و ثمة صعوبات
في الترجمة. رغم ذلك
توصلت
المحكمة
بناء على ما
توفرت لديها
من أدلة إلى
أن المتهم
مذنب
لارتكابه
أربعة عشر
جريمة من بين
الثلاث و
عشرون تهمة
التي وجهت
إليه فحكمت
عليه في
ديسمبر
الماضي بالسجن
مائة و
ثلاث و سبعون عاماً . في الواقع
رغم بشاعة
أحداث
رواندا و
فظاعتها إلا
أن قراءة
حيثيات هذه
القضية التي
جاءت في مائة
وثلاثون
صفحة تبدو
شيقة وذلك
بالنظر إلى
الجهد
الكبير الذي
بذله المدعي
العام نيابة
عن المجتمع
الدولي في
جمع وتصنيف
الأدلة و
البيانات و
عرضها أمام
المحكمة
وكذلك العمل
الفني الرائع
الذي استماتت
هيئة الدفاع
بقيادة المحامي
الضليع Nicolas Tiangaye في
تقديمه
ومحاولة
تبرئة
المتهم
والتشكيك في
مسئوليته ثم
أخيراً
الأدب
الرفيع الذي
سطره قلم
المحكمة
بمنتهى
الوقار و
الحزم مؤكدة
أن هذه
المجزرة ما
هي إلا
مولودة
شرعية
لمجازر سابقة
مرت بلا عقاب
وان التساهل في
حقوق
الإنسان
وازدراء
كرامته
المتأصلة
أفضيا إلى
أعمال همجية
وان غاية ما
يرنو إليه
البشرية
انبثاق عالم
يتحرر من فزع الإبادة
والتطهير،
عالم يمكن
فيه الحفاظ
علي هذا النسيج
الرقيق إذ
لا سلام بلا
عدالة ولا
عدالة بلا
قانون ولا
قانون ذات
معني دون
محكمة تطبقه. (There
can be no peace without justice, no justice without law and no meaningful law without a
Court to decide what is just and lawful under any given circumstance) الآن فان
السؤال الذي
يطرح نفسه
بإلحاح هو هل
تنفلت
عواطفنا من
سجونها
المديدة
فتأخذنا عدالة
القصاص
والانتقام
لنلهث خلف
محكمة الجزاء
الدولية؟ أم
يا تري تتغلب
علينا فضيلة
الحكمة
فتتضافر
التاريخ مع
الأسطورة
لتدفعنا
تجاه نلسون
مانديلا
فنقيم معا محاكم
الحقيقة
والمصالحة؟ سادتي
الجروح
تحتاج لبعض
الوقت حتى
تندمل فمتي
نكف عن تشويه
أنفسنا
والرقص علي
أمجاد
المذابح،
مشاكلنا لا
تحل إلا
بهزيمة الحقد
والانتقام
والعنصرية. |