ماذا يريد منا الوطن


تنظيـم المجتمعـات

لمفعهوم تنظيم المجتمعات عدد من التعريفات تهدف بمجملها على توضيح ما هو المقصود بتنظيم المجتمعات فالبعض من العلماء يعـرّفه بانه دراسة بناء ووظيفة التنظيمات وسلوك الأفراد والجماعات داخل هذه التنظيمات.

وأيضاً هناك من عرَّفَ مفهوم تنظيم المجتمعات بانها عملية تنظيمية تعكس نشاطاً حيوياً هادفاً يقوم به الفرد والجماعة محاولين من خلاله التغلب على مشاكلهم المختلفة من خلال إقامة موازنة فعلية بين الحاجات والرغبات النفسية والحياتية والاجتماعية التي يحتاجها الأفراد والجماعات من ناحية وبين الموارد المادية الطبيعية والبشرية لدى مجتمعاتهم من ناحية أخرى من أجل التصدي لأي شكل من أشكال التخلف المؤدية إلى اختلال التوازنات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل مجتمعاتهم.

وهناك أيضاً تعريفات اخرى لهذا المفهوم لكن كلها تصب في وتهدف إلى وضع حلول مناسبة تتماشى مع كل خلل يصيب حركة المجتمعات ولاعادة حالتها الطبيعية شرط ان تكون نابعة من التصور الفلسفي والايدلوجي العقائدي الذي يختلف بإختلاف طبيعة كل مجتمع.

فهناك بعض المجتمعات تعتمد في تنظيمها بصورة كبيرة على المؤسسات الخاصة والأهلية بالدرجة الأولى أي مؤسسات المجتمع المدني وذلك لإيمانها وتشبعها بالفلسفة الفردية وهذا ما لا نجده في المجتمعات النامية والتي نحن منها وهذه المجتمعات تعتمد في تنظيمها على المؤسسات العامة اي القطاع العام مستبعدة بذلك دور المؤسسات الخاصة المتمثلة في القطاع الخاص والتي ترى انها غير مؤهلة للإعتماد عليها بسبب إيمانها واعتمادها على الفلسفة الجماعية وعلى فلسفة الجماعة وعلى القيم الاجتماعية والثقافية والحضارية التي رسختْ في أذهان شعوبها عبر مراحل مسيرة تطورها التاريخي.

ومن هنا كان نشاط أغلب مجتمعات الدول النامية بالغ الأهمية والصعوبة في آن واحد لأنها كانت تعتمد في ترقية وتحسين وتنمية وتغيير مجتمعاتها على القطاعات العامة دون الاعتماد الفعلي على بقية القطاعات الأهلية الأخرى والتي يمكن ان يعوّل عليها في حالة تنظيم مجتمعاتها ولتوفير الامكانيات الضرورية التي يمكن تكريسها من أجل التخلص والخروج مما تعانيه من مشكلات، وبذلك قد تم الربط الحقيقي والفعلي بين ما هو رسمي وغير رسمي لتحقيق فلسفة تنظيم المجتمعات لاسيما ونحن في زمن إنحسـرَ فيه دور الدولة لذلك يجب على الدولة بالتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني القيام بهذا التنظيم.

وان تنظيم المجتمعات له أهمية كبيرة في حياة الشعوب والأهم في تصديه للإختلالات المختلفة التي تصيب توازن المجتمعات وهو اختصاص مصرفي هام لا يخرج عن نطاق المهام التي تقوم بها بقية العلوم الاجتماعية والانسانية لأخرى تجاه المجتمعات التي تعاني من الفوضى والتسيب والأزمات الدورية وهذا ما يؤكد على تنظيم المجتمعات من الموضوعات الهامة ذات العلاقة بإعادة التوازن الحقيقي لها لإمتلاكه الصيغ التنظيمية التي تدفع المجتمعات إلى الارتقاء نحو الأفضل، كما أنه أصبح يحمل صفة العلم والعمل التي يعتمد عليها في معالجته لتنظيم المجتمعات ولكي ينجح يفترض توافر الشروط الآتية :

1-
الاعتماد والاهتمام المتزايد والدائم بالعلماء والباحثين وتوظيف نتائج أبحاثهم التي تساعده على معرفة المشاكل وتحديدها والكشف على اسبابها المختلفة من أجل وضع بدائل العلاج الممكنة لها في أثناء التعامل معه ميدانياً.

2-
يعتمـد على ما يرصد لـه من مجهودات وإمكانيات مادية وبشرية وعلمية يتم توظيفها من طرف المختصين والمشرفين على أجهزة تنظيم المجتمعات.

3-
يتوقف التنظيم في نجاحه على القيم الاجتماعية والعقائدية والايديولوجيات والاستعدادات النفسية والعقلية والاجتماعية المتوفرة لدى الأفراد والجماعات لتنمية مجتمعاتهم . كما انه يعتمد على الأساليب الفنية والطرق التقنية المتطورة وتوظيف التجارب والخبرات الانسانية المفيدة التي ستساعده على تحقيق اهدافه بأقل تكلفة وخسارة ممكنة.

4-
الإستفادة من الموازنة الحقيقية بين الموارد الطبيعية المتوفرة من ناحية وبين الامكانات البشرية والفنية من ناحية اخرى والحاجات والرغبات المطلوبة من طرف الأفراد والجماعات بقصد التعامل مع المجتمعات بصورة موضوعية في حل مشاكلها الداخلية.

5-
تبنـي فكرة المفاضلة في أعطاء الأولوية لتوفير الخدمات ذات الانتشار الواسع بين الناس والابتعاد عن ظاهرة التمايز بين الشرائح الاجتماعية للمجتمع الواحد إحترازاً لظهور مثل هذه الظواهر.

6-
التدرّج المكاني من أجـل تحقيق أهدافه المسطرة سواء أكان ذلك على المستوى المحلي او الإقليمي او الوطني وغيرهـا.

7-
إشراك العلوم الاجتماعية والانسانية للإستفادة منها كعلوم الإجتماع والخدمة الاجتماعية والانسانية للإستفادة منها كعلوم الإجتماع والخدمة الإجتماعية للفرد، الجماعة والمجتمع "،وعلم النفس والقانون والإقتصاد والسياسة والتاريخ وغيرها من التخصصات الأخرى ذات الصفة العلمية والطابع الالزامي لخدمة وتنمية وتنظيم المجتمعات.

مـن هنا، فان مجتمعنـا في دارفور محتاج منا إلى الكثير من العمل الجاد لكي نرتقي بمجتمعنا علينا التواضع إلى مجتمع مدني متماسك في ظل العولمة المفروضة على العالم لذلـك ان نتحصّـن أولاً على المستوى الفردي حتى نستطيع ان نغذي مجتمعنـا ونمنعه من الانهيار والتفكك تجاه الغـزو الثقافي الذي يجتاح العالم في وقتنا الحاضر.

عبدالعظيم عبدالله
بيروت