19 يوليو/تموز 2004 وثيقة عامة

رقم الوثيقة : AFR 54/076/2004

مـنـظمة الـعـفو الـدولـية

السودان : دارفور-
الاغتصاب سلاحاً في الحرب – العنف الجنسي والعواقب المترتبة عليه

ملخص

عقب تشكيل جماعتين متمردتين في فبراير/شباط وإبريل/نيسان 2003، أطلقت الحكومة السودانية أيدي ميليشيات بدوية لمهاجمة قرى الجماعات المستقرة في دارفور، بغرب السودان. وفي هذه الهجمات تعرض الناس للقتل والنساء للاغتصاب والقرويون للتهجير القسري من ديارهم التي أُحرقت؛ وأُحرقت محاصيلهم ومواشيهم، وهي مصادر رزقهم الرئيسية، أو نهبت. ويقدم الجيش السوداني الدعم لميليشيا الجنجاويد التي يرتدي معظم أفرادها الآن الزي العسكري ويرافقها في هجماتها.

وأدت الهجمات إلى تهجير ما لا يقل عن 1,2 مليون نسمة. وبات ما لا يقل عن مليون نسمة مهجرين داخلياً وأُجبروا على الانتقال إلى جوار البلدات أو القرى الكبيرة في دارفور، وعبر ما يزيد على 170,000 الحدود ولجئوا إلى تشاد.
وقُتل ما يفوق الثلاثين ألف شخص واغتصبت آلاف النساء والفتيات.

وفي مايو/أيار 2004، عاد مندوبو منظمة العفو الدولية إلى تشاد للحصول على مزيد من المعلومات حول العنف الذي مورس ضد النساء في دارفور. وأجرت المنظمة مقابلات مع عشرات النساء وجمعت أسماء 250 امرأة اغتصبت خلال النـزاع. وتشير الشهادات التي جُمعت مقرونة بأنباء العنف الجنسي التي جمعتها الأمم المتحدة والصحفيون المستقلون والمنظمات غير الحكومية في دارفور، تشير دون أدنى شك إلى أن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي واسع الانتشار. وليس الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في دارفور مجرد نتيجة للنـزاع أو نتيجة لسلوك جنود غير منضبطين. فالشهادات التي جمعتها منظمة العفو الدولية تشير إلى استخدام الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي كسلاح في الحرب الدائرة في دارفور، لإذلال النساء ومجتمعاتهن ومعاقبتهم وبث الرعب في صفوفهم وتهجيرهم. ويشكل الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في دارفور انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ويتناول التقرير أيضاً عواقب الاغتصاب الذي يترك آثاراً فورية وبعيدة المدى على النساء تتجاوز العنف الجسدي الفعلي. وهي تشمل وصمة العار والنبذ اللذين تقابل بهما الناجيات من الاغتصاب واللذين تتمخض عنهما عواقب اجتماعية واقتصادية وخيمة وعواقب طبية وعواقب على الصحة العقلية وغيرها من العواقب طويلة الأجل.

وعبر دعم الهجمات التي تشنها الميليشيات على السكان المدنيين ومنح الحصانة من العقاب للمهاجمين، انتهكت الحكومية السودانية بصورة فعلية الواجبات القانونية المترتبة عليها في حماية المدنيين. وتدعو منظمة العفو الدولية الحكومة السودانية إلى التحرك الآن لوضع حد للاغتصاب وتقديم مرتكبيه إلى العدالة فوراً. وتدعو منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي إلى التأكد من وفاء الحكومة السودانية بالوعود التي قطعتها بالنسبة لحقوق الإنسان وإلى تقديم دعم فوري وفعال ومتواصل إلى شعب دارفور.

 

قائمة المحتويات :

1.1. المقدمة 3

1.1 العنف القائم على الجنس مصدر قلق فوري 4

2.1 الإجراءات الفورية اللازمة 5

2.2. خلفية 6

الاحتكام إلى السلاح في السودان 6

2.2 الرد العسكري من جانب الحكومة

3.3.العنف ضد المرأة في دارفور 11

1.3 الاغتصاب والتعذيب وغيرهما من ضروب العنف الجنسي في دارفور 12

2.3 الاغتصاب في سياق الهجمات 17

3.3 الاغتصاب خلال الفرار 18

4.3 الاغتصاب في مستوطنات الأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور

4.4. عواقب العنف الجنسي المترتبة على النساء ومجتمعاتهن 21

1.4 وصمة العار والنبذ اللذان تواجههما الناجيات من الاغتصاب 21

2.4 المشاكل الطبية ومشاكل الصحة العقلية 23

3.4 الأطفال كضحايا للنـزاع والآثار المترتبة على النساء 24

4.4 المزيد من خطر العنف ضد النساء خلال فرارهن وفي سياق التهجير 25

5.4 الآثار بعيدة المدى للعنف ضد المرأة 26

5.5. أسباب العنف 29

1.5 البعد العنصري للنـزاع 29

2.5 العنف الجنسي المرتكب مع الإفلات التام من العقاب 32

6.6. المعايير القانونية لدولية 34

7.7. الخلاصة 37

8.8. التوصيات 40

1.8 إلى الحكومة السودانية 40

2.8 إلى الجماعتين السياسيتين المسلحتين في دارفور : جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة 41

3.8 إلى حكومة تشاد 42

4.8 إلى الاتحاد الأفريقي 42

5.8 إلى مجلس الأمن الدولي 43

6.8 إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 44

7.8 إلى الوسطاء في عملية السلام بين شمال وجنوب السودان 45

8.8 إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة 45

8.9 إلى الهيئات الإنسانية

السودان، دارفور : الاغتصاب سلاحاً في الحرب – العنف الجنسي والعواقب المترتبة عليه


"كنت نائمة عندما بدأ الهجوم على ديسه. وقد أخذني المهاجمون معهم، وكانوا جمعيهم يرتدون بزات عسكرية. وأخذوا العشرات من الفتيات الأخريات وأجبرونا على المشي لمدة ثلاث ساعات. وخلال النهار تعرضنا للضرب وكانوا يقولون لنا : "أنتن النساء السوداوات. سنقضي عليكن، فلا إله لكم." وفي الليل تعرضنا للاغتصاب عدة مرات. وكان العرب1 يحرسوننا بالسلاح ولم يُقدَّم لنا أي طعام لمدة ثلاثة أيام."
لاجئة من ديسه [قرية يعيش فيها المساليت في غرب دارفور]، أجرى مندوبو منظمة العفو الدولية مقابلة معها في مخيم قوز أمر للاجئين السودانيين في تشاد، مايو/أيار 2004.

1. المقدمة
في مارس/آذار 2004، وصف منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان في ذلك الحين موكش كابيلا دارفور بغرب السودان بأنها أكبر أزمة إنسانية في العام."2 وتحذر المنظمات الإنسانية العاملة في دارفور من سوء التغذية والمجاعة في المنطقة.3 لقد كانت جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تتحمل الحكومة السودانية مسؤولية عنها السبب المباشر "لأسوأ أزمة إنسانية" نشهدها اليوم.

وتشكل شهادة المرأة السودانية الواردة أعلاه صدى مئات الشهادات الأخرى التي جمعتها منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان وبعثات تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة والصحفيون المستقلون. وتصف جميعها نمطاً من الهجمات المنهجية وغير القانونية التي تشن على المدنيين في ولايات شمال دارفور (دارفور الشمالية) وغرب دارفور وجنوب دارفور من جانب ميليشيا ترعاها الحكومة ويشار إليها في معظم الأحيان "بالجنجويد" (الجنجويد) (الخيالة المسلحون) أو "الميليشيا العربية"، ومن جانب الجيش الحكومي، بما في ذلك عن طريق عمليات قصف القرى المدنية من جانب القوات الجوية السودانية. وفي هذه الهجمات، يتعرض الرجال للقتل والنساء للاغتصاب والقرويون للتهجير القسري من منازلهم التي يتم إحراقها، ويتم نهب أو إحراق محاصيلهم ومواشيهم، وهي مصدر رزقهم الرئيسي. وتشكل هذه الهجمات الهائلة رد الحكومة السودانية على التمرد الذي تقوده مجموعتان سياسيتان مسلحتان. وهاتان الجماعتان المسلحتان المؤلفتان بصورة رئيسية من المنحدرين من الفور والمساليت والزغاوة تأسستا العام 2003.

وأدت الهجمات إلى تهجير ما لا يقل عن 1,2 مليون شخص. وبات ما لا يقل عن مليون نسمة مهجرين داخلياً، وأجبروا على الانتقال إلى جوار البلدات أو القرى الكبيرة في دارفور، وعبر أكثر من 170,000 الحدود والتجئوا إلى تشاد. وهناك آخرون، لا يُعرف عددهم الدقيق، مختبئون في الجبال أو الوديان أو المناطق التي تسيطر عليها الجماعات السياسية المسلحة.4

وتشمل الانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت في المنطقة : عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، وعمليات القتل غير القانونية للمدنيين، والتعذيب والاغتصاب والخطف وتدمير القرى والممتلكات وسرقة الماشية ونهب الممتلكات وتدمير مصادر رزق السكان الذين يتعرضون للهجمات ويُهجرون قسراً. وقد ارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان هذه بطريقة منهجية من جانب الجنجويد، غالباً بالتنسيق مع الجنود السودانيين والقوات الجوية السودانية مع الإفلات التام من العقاب، واستهدفت بشكل رئيسي أبناء الجماعات العرقية من الفور والمساليت والزغاوة وغيرهم من جماعات المزارعين الرعاة التي تعيش في دارفور. ويشكل العديد من الجرائم المرتكبة في دارفور جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.5

وهناك كم كبير من المعلومات يشير إلى مسؤولية الحكومة السودانية عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في دارفور. وإضافة إلى الدعم العسكري واللوجستي والحصانة من العقاب التي تمنحها إلى الجنجويد، فإن الحكومة السودانية انتهجت سياسية القمع في التعامل مع مشاكل دارفور. ولجأت إلى التوقيف التعسفي والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي وحوادث "الاختفاء" والتعذيب لمعاقبة نشطاء حقوق الإنسان والمحامين وقادة المجتمع وأبناء الطوائف في دارفور. كذلك استخدمت الحكومة السودانية المحاكمات غير العادلة والمقتضبة، واستعملت الاعترافات التي تُنتـزع أحياناً تحت وطأة التعذيب من دون منح حق الدفاع وأوقعت عقوبات قاسية ولاإنسانية ومهينة، مثل بتر الأطراف والجلد وعقوبة الإعدام.

1.1 العنف القائم على الجنس مصدر قلق فوري
في مايو/أيار 2004 عاد مندوبو منظمة العفو الدولية إلى تشاد6 للحصول على مزيد من المعلومات حول العنف المرتكب ضد النساء في دارفور. وعند كتابة هذا التقرير، لم تكن المنظمة قد مُنحت تأشيرة دخول لزيارة السودان مرة أخرى7، لكنها تواصل إجراء أبحاثها بالتحدث إلى أشخاص في شتى أنحاء السودان والمراسلة معهم، بما فيها دارفور. وفي تشاد، زارت منظمة العفو الدولية ثلاثة من مخيمات اللاجئين التي أقامتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وهي : قوز أمر وكننتو وميلي، حيث حصلت على ما يفوق المائة شهادة شخصية من اللاجئين. وفي هذه المخيمات، يبدو أن النساء يشكلن أغلبية السكان اللاجئين الراشدين. وقد تمكنت المنظمة من معرفة أسماء 250 امرأة تعرضن للاغتصاب في إطار النـزاع الدائر في دارفور، ومن جمع معلومات تتعلق بما يُقدَّر بـ 250 حالة اغتصاب أخرى. وقد استُقيت هذه المعلومات من شهادات أفراد لا يمثلون إلا جزءاً بسيطاً من أولئك الذين هُجروا جراء النـزاع. والانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان التي طاولت النساء والفتيات تحديداً هي : عمليات الخطف والعبودية الجنسية والتعذيب والتهجير القسري. كذلك تتناول منظمة العفو الدولية في هذه الوثيقة العواقب المترتبة على العنف ضد المرأة، مثل وصمة العار الاجتماعية والعواقب المترتبة على حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وتدمير البنية الاجتماعية لمجتمعاتهن.

والشهادات التي جمعت أظهرت بشكل واضح أن أغلبية النساء اللواتي اغتصبن، بقين، لعدة أسباب، في دارفور أو عند الحدود السودانية – التشادية، ولم يصل إلى مخيمات اللاجئين التي تديرها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في تشاد إلا عدد قليل منهن نسبياً. وهناك، إضافة إلى ذلك تردد كبير في صفوف النساء في التحدث علناً عن العنف الجنسي. ولذا لا يشكل هذا التقرير إلا جزءاً بسيطاً من حقيقة العنف ضد النساء في إطار الأزمة الراهنة في درافور. بيد أن الشهادات التي جُمعت، مقرونة بأنباء العنف الجنسي التي جمعتها الأمم المتحدة والصحفيون المستقلون والمنظمات غير الحكومية في دارفور، تشير دون أدنى شك إلى أن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في دارفور واسع الانتشار.8 ويشكل الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في دارفور انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وتشكل الانتهاكات التي ارتُكبت ضد النساء جزءاً لا يتجزأ من النـزاع، وغالباً ما تُقابل بالإهمال. ويجب أخذها في الحسبان على وجه السرعة في مواجهة الحكومة السودانية والمجتمع الدولي للأزمة. وتحث منظمة العفو الدولية جميع أطراف النـزاع على الإقلاع فوراً عن ممارسة العنف ضد النساء وعلى تقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة في محاكمات عادلة بدون إمكانية توقيع عقوبة الإعدام. وتدعو منظمة العفو الدولية أيضاً إلى التوفير العاجل للرعاية الطبية والنفسية للنساء اللواتي تأثرن بالعنف في دارفور وتشاد وإلى اتخاذ إجراءات لتمكين المجتمعات المتضررة من التقليل إلى أدنى حد من وصمة العار التي تُلصق بهؤلاء النسوة والعمل على إعادة انخراط الناجيات في المجتمع واتخاذ تدابير وقائية للتقليل إلى أدنى حد من معاناة النساء في المدى الطويل.

2.1 الإجراءات الفورية اللازمة
في حين أن أولوية المجتمع الدولي هي إنقاذ أرواح ما يزيد على مليون شخص مهجر داخلياً في دارفور وأكثر من 170,000 لاجئ سوداني في تشاد، وهو محق في ذلك، إلا أن منظمة العفو الدولية ترى أن المعونة الإنسانية لن تفلح في احتواء الأزمة إلا إذا جرى تقديم حماية كافية وفعالة للمدنيين، ومن ضمنهم النساء والفتيات في دارفور وعند الحدود مع تشاد. وفي بعض الحالات رفض المهجرون داخلياً في دارفور قبول المواد الغذائية وغيرها من بنود المعونة، لأنهم قالوا إنها تجعلهم هدفاً لمزيد من الهجمات من جانب الميليشيا التي تساندها الحكومة. وعلاوة على ذلك، تعيش أغلبية المهجرين داخلياً في مخيمات ومستوطنات عشوائية (مرتجلة) مقامة حول المدن أو القرى الكبيرة في دارفور، حيث يظلون هدفاً للاعتداءات وعمليات القتل والاغتصاب والمضايقة من جانب الجنجويد الذين تحدثت الأنباء عن وجودهم في المدن أو في محيط مخيمات المهجرين داخلياً. وقال شخص عاش لمدة ثلاثة أشهر، كشخص مهجر داخلياً في بلدة متجر في دارفور قبل الانتقال إلى الخرطوم : "إنه ليس مخيماً بل سجن". ويجب أن يقترن تقديم المساعدات للأشخاص المهجرين في دارفور بتدابير قوية لحماية المدنيين، حتى لا يزداد تعرضهم للانتهاكات التي يواجهونها أصلاً نتيجة تهجيرهم، ويجب أن يهدف عملياً بشكل خاص إلى التقليل من التمييز ضد المرأة، وعدم تعزيز آثاره أو ترسيخ وصمة العار والتمييز القائمين حالياً.
ولم تقصر الحكومة السودانية في واجبها في حماية المدنيين وحسب، بل إنها انتهكت فعلياً الواجبات القانونية المترتبة عيها في حماية المدنيين. وتكرر منظمة العفو الدولية دعواتها السابقة إلى الحكومة السودانية لوضع حد فوري لجميع الهجمات ضد المدنيين؛ ووضع حد لكل الدعم المقدم إلى ميليشيا الجنجويد ونزع أسلحتها وجعلها عاجزة عن شن المزيد من الهجمات ضد السكان المدنيين؛ والسماح بدخول جميع المنظمات الإنسانية دون أية عراقيل؛ والسماح لمراقبي حقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان بدخول المنطقة؛ والسماح بإجراء تحقيقات مستقلة في الانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان التي ارتكبها أعضاء ميليشيا الجنجويد وأفراد قواتها المسلحة، وتقديم جميع المتهمين بالمسؤولية عن ارتكابها إلى العدالة.

وفي الوقت الراهن، لا يلوح حل سياسي في الأفق الصراع الدائر في دارفور بخلاف وقف هش لإطلاق النار انتُهك في عدة مناسبات منذ التوقيع عليه في 8 إبريل/نيسان 2004 في ندجامينا بتشاد. ورغم تشكيل قوة لمراقبة وقف إطلاق النار تابعة للاتحاد الأفريقي، بدعم من المجتمع الدولي، في دارفور،9 إلا أن الصلاحيات الموكلة إليها لا تتضمن صراحة حماية المدنيين. وفي 6 يوليو/تموز، أعلن الاتحاد الأفريقي عن نشر قوة حماية في دارفور، وستُفوض هذه القوة بحماية مراقبي وقف إطلاق النار وليس المدنيين الذين هُجروا بفعل النـزاع. وثمة حاجة فورية لمراقبين مستقلين لحقوق الإنسان في المنطقة للإسهام في التحقق من العنف الممارس ضد المدنيين وللإبلاغ العلني عنه. ويجب أن يضم فريق المراقبين أشخاصاً يتمتعون بخبرة في النوع الاجتماعي وأن تتضمن صلاحياتهم مراقبة العنف ضد المرأة. وعلاوة على ذلك، ينبغي على المجتمع الدولي أن يضع آليات فعالة لمساعدة النساء المتضررات من العنف، وأن يتخذ إجراءات لمحو آثار تدمير البنية الاجتماعية للمجتمعات في دارفور.

وبحسب ما ورد أُدمج معظم أفراد الجنجويد الآن في قوات الدفاع الشعبي، وهي قوات شبه عسكرية حكومية، وفي الجيش السوداني. وتتلقى منظمة العفو الدولية أنباءً متزايدة تفيد أن الجنجويد يحتلون بعض القرى التي هُجِّر سكانها قسراً. وهناك قضية تتسم بأهمية ملحة وحاسمة هي الحاجة لضمان العودة التطوعية لجميع اللاجئين والأشخاص المهجرين داخلياً إلى أراضيهم وقراهم في أوضاع تتوفر لهم السلامة والكرامة والاستمرارية والاحترام لحقوقهم الإنسانية. وقد ضاع أصلاً موسم الزراعة على المزارعين هذا العام، مما يعني أن المنطقة بأسرها ستعتمد على المعونة الإنسانية لبقائها وذلك لمدة سنة أخرى على الأقل. ومن الواضح أن المجتمع الدولي سيحتاج إلى الاهتمام الملتزم وطويل الأجل والمستدام بالمنطقة من أجل عكس مجرى تهجير هائل آخر في القارة الأفريقية.

2. خلفية
1.2 الاحتكام إلى السلاح في السودان
في فبراير/شباط 2003، ظهرت جماعة متمردة مسلحة جديدة، تطلق على نفسها تسمية جيش/حركة تحرير السودان، وتضم أساساً أبناء الجماعات العرقية المنحدرة من الفور والزغاوى والمساليت في دارفور وهاجمت الأهداف الحكومية. وفي إبريل/نيسان 2003، ظهرت جماعة متمردة أخرى، تطلق على نفسها اسم حركة العدالة والمساواة. وطالبت المجموعتان المسلحتان بوضع حد لتهميش دارفور وتوفير مزيد من الحماية للسكان المستقرين الذين زعمتا أنهما تمثلانهم. وارتبطت دوافعهما بالطابع الحصري لمفاوضات السلام الجارية بين شمال السودان وجنوبه والتي زعمتا أنهما استثنت منطقتهما وأظهرت "أن الخرطوم لا تتحدث إلا إلى أولئك الذين يملكون السلاح."10

وتُجرى محادثات السلام هذه بوساطة دولية بين الحكومة السودانية وقيادة الحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان، الجماعة السياسية المسلحة الرئيسية في جنوب السودان التي تخوض حرباً مع الحكومة المركزية منذ أكثر من 20 عاماً. والمفاوضات الجارية في كينيا مستمرة منذ يوليو/تموز 2002 وقد وصلت إلى نهاية أولية مع توقيع الطرفين على عدد من البروتوكولات المهمة.11 بيد أن الطابع الحصري لعملية السلام، قد أثار في الوقت ذاته مشاعر لدى سكان المناطق الأخرى في السودان بأنهم تُركوا خارج اتفاقيات مهمة للمشاركة في السلطة والثروة تتعلق بمستقبل البلاد. ودفع منطق "العسكرة" السائد لدى معظم دوائر النخبة السودانية قادة الجماعات المعارضة المسلحة اليوم في دارفور إلى الاستنتاج بأنهم لن يُمثَّلوا في الحكومة الانتقالية وفي المستقبل السياسي للسودان إلا إذا حملوا السلاح وقاتلوا الحكومة المركزية. وتتضمن مطالبهم التمثيل الكامل في السلطة والسياسة في الخرطوم عاصمة السودان.

وقد ترددت أنباء حول ارتكاب انتهاكات وتعذيب، بما فيه الاغتصاب من جانب أفراد جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة، لكن بسبب القيود المفروضة على الدخول إلى المنطقة، بما فيها تلك التي يفرضها انعدام الأمن، فمن الصعب جمع مزيد من الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ورد أن المتمردين ارتكبوها.12 وقد أشارت صحفية ألمانية إلى نبأ اغتصاب امرأة، تنمي إلى فئات يُعتقد أنها تدعم الجنجويد، من جانب أفراد جماعات المعارضة المسلحة. وأبلغها عثمان آدم محمود شيخ الترهم الذين فروا من الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة، أن المتمردين هاجموا قرية كوالا مرتين، وقتلوا 12 شخصاً ودمروا بضائعهم واغتصبوا بعض النساء. وتعيش الجماعة الآن في موساي، وهو عبارة عن مخيم للأشخاص المهجرين داخلياً مؤلف من 12 كوخاً بالقرب من نيالا.13 بيد أن هذه هي الحالة الوحيدة التي تناهت إلى علم منظمة العفو الدولية حتى الآن حول ارتكاب أفراد الجماعات المعارضة المسلحة لعملية اغتصاب. وخلال الزيارتين اللتين قامت بهما منظمة العفو الدولية إلى مخيمات اللاجئين السودانيين في تشاد14، بالكاد أشار اللاجئون إلى وجود أو إلى أفعال حركة/جيش تحرير السودان أو حركة العدالة والمساواة في مناطقهم. ورغم سعي منظمة العفو الدولية للحصول على معلومات حول جميع حالات الاغتصاب والعنف الجنسي، بصرف النظر عن هوية مرتكبيها، إلا أنها لم تتلق أية معلومات في تشاد حول حالات اغتصاب أو غيرها من صفوف العنف الجنسي المرتكبة من جانب الجماعات السياسية المسلحة في دارفور. ونتيجة لذلك يركز هذا التقرير فقط على العنف الجنسي الذي ارتكبه الجنجويد والقوات المسلحة السودانية.

وهذا لا يعني أن المتمردين لا يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان. وقد يعود ذلك إلى أنها لا تحصل على نطاق واسع أو لأن اللاجئين الذين التقت بهم منظمة العفو الدولية لم يكونوا ضحايا لمثل هذه الهجمات أو لأن اللاجئين لا يشيرون إلا إلى الانتهاكات التي يرتكبها أولئك الذين يعتبرون أنهم اعتدوا عليهم. وطلبت منظمة العفو الدولية من الحكومة السودانية تزويدها بمعلومات تتعلق بالانتهاكات التي ارتكبها جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة. فذكرت الحكومة السودانية عدداً من انتهاكات وقف إطلاق النار التي ارتكبها جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة والتي لم تتمكن المنظمة من التحقيق فيها. وفي بعض الحالات يبدو أن المتمردين عرَّضوا أرواح المدنيين للخطر. وقد أشار اللاجئون إلى وجود جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة بين المدنيين أو إلى وقوع قتال بين القوات الحكومية والمتمردين قبل الهجمات التي شنت على المدنيين أو بعدها.15 وتشمل مزاعم الانتهاكات الخطيرة الممكنة للقانون الإنساني الدولي من جانب الجماعتين المعارضتين المسلحتين في دارفور الهجمات على المدنيين والقرى المدنية؛16 وعمليات القتل غير القانونية17؛ واحتجاز الرهائن بمن فيهم عمال الإغاثة.18

وعندما أطلعت منظمة العفو الدولية زعيم جيش تحرير السودان على هذه المزاعم خلال الزيارة التي قام بها إلى المملكة المتحدة في يونيو/حزيران 2004، أجاب بأن جيش تحرير السودان يهاجم الأهداف الحكومية؛ وفي قضية برام، ذكر جيش تحرير السودان بأن الجنجويد وصلوا لتعزيز القوات الحكومية ثم هاجموا المستشفى في برام، معتقدين كما يبدو أنهم سيجدون مقاتلي جيش تحرير السودان الجرحى في المبنى.

وفيما يتعلق باحتجاز الرهائن، بمن فيهم عمال الإغاثة، أجاب بأنه إذا نُبه جيش تحرير السودان إلى وصول قوافل الإغاثة، فسوف يكفل التنسيق معها وحمايتها، وقد احتجز جيش تحرير السودان عمال الإغاثة لفترة وجيزة اعتقاداً منه أن هناك موظفين حكوميين بينهم. وحول جميع المزاعم، أجاب أن ثمة حاجة لإجراء مزيد من التحقيقات لتوضيح المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان وأن منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان يجب أن تذهب إلى دارفور "لترى بأم عينيها" وتجري تحقيقات مستقلة في هذه المزاعم.

2.2 الرد العسكري من جانب الحكومة
جاءت الحكومة المركزية للرئيس عمر حسن البشير إلى السلطة في انقلاب عسكري وقع في العام 1989 بدعم من الجبهة الإسلامية الوطنية التي يترأسها حسن الترابي، الرئيس السابق للبرلمان في عهد الحكومة الحالية، والذي أُطيح به من السلطة في العام 1999 وأنشأ حزباً سياسياً خاصاً به هو المؤتمر الشعبي الذي يشكل فصيلاً منافساً للمؤتمر الوطني وهو الحزب الحاكم.

وبحلول إبريل/نيسان 2003، بعد هجوم شنه جيش تحرير السودان على مطار الفاشر وأودى بحياة زهاء سبعين جندياً سودانياً ودمر عدة طائرات، قررت الحكومة السودانية التصدي لمشكلة دارفور بالقوة العسكرية. واتهمت الحكومة المركزية حسن الترابي بدعم حركة العدالة والمساواة، إحدى الجماعتين السياسيتين المسلحتين في دارفور وألقت القبض عليه في فبراير/شباط 2004. 19 وهو، شأنه شأن العديد من أنصاره، محتجز بمعزل عن العالم الخارجي في الخرطوم ولم توجه إليه أية تهم رسمية. ويزعم حسن الترابي أنه يؤيد حركة العدالة والمساواة "روحياً"، لكنه لا يقدم لها أي دعم لوجستي.

وللتصدي للتمرد في دارفور، استخدمت الحكومة الجنجويد، وهم ميليشيا تضم أفراداً من جماعات البدو الرحل و"قطاع الطرق". ويشكل تشجيع فئات محددة على محاربة أولئك الذين حملوا السلاح ضد الخرطوم، والتغاضي عن تصرفاتهم ومنحهم الحصانة من العقاب، استراتيجية متكررة تنتهجها الحكومة المركزية في السودان. وقد استخدمتها الحكومة طوال الصراع مع الحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان في جنوب البلاد والذي دام 21 عاماً. وفي منتصف الثمانينيات سلَّح الرئيس السابق للسودان صادق المهدي قبائل زريقان ومسيرية في دارفور وهي في معظمها جماعات من البدو الرحل، والتي شكلت قوة بالوكالة لمكافحة التمرد في بحر الغزال. ويبدو أن هذه الميليشيات، التي تعرف بالمرحلين قد أُطلقت يدها للإغارة على القرى التي يشتبه في أنها تدعم التمرد في الجنوب ولخطف الناس وسرقة المواشي والسلع مكافأة لها. وفيما بعد استُخدم العديد من الذين اختُطفوا في منطقة شمال بحر الغزال كعمال في المنازل أو في الحقول أو لرعي الماشية، غالباً بدون أجر وفي أوضاع أشبه بالعبودية.20 وتسمح هذه الاستراتيجية للحكومة المركزية بالسيطرة على مجموعات واسعة من المدنيين ببث الخوف في صفوفهم وتعزيز القمع، ويبدو أنها تهدف إلى إنزال عقاب جماعي بالفئات التي تظهر منها جماعات مسلحة. واستخدمت الحكومة جماعات محددة لخوض حرب بالوكالة ليس فقط ضد الجماعات السياسية المسلحة، بل أيضاً وإلى حد كبير ضد السكان المدنيين. ثم نفت الحكومة مسؤوليتها عن الفظائع التي ارتُكبت واستخدمت تكتيكاً لمكافحة التمرد يتمثل في فرِّق تسد أدى إلى زعزعة البنية الاجتماعية لفئات المجتمع. وارتكبت هذه الجماعات وجميع أطراف النـزاع في جنوب السودان العنف الجنسي، بما فيه عمليات الاغتصاب والخطف.

وفي عهد الرئيس السوداني جعفر النميري، جرى تسليح الزغاوى في دارفور لدعم نظام حسين صبري في تشاد ضد ليبيا، التي ردت على ذلك بتسليح قبائل البدو الرحل في دارفور.21 وكانت هناك أصلاً بوادر على اللجوء إلى رد عسكري في دارفور، من خلال إعلان حالة الطوارئ في المنطقة وإنشاء محاكم خاصة في العام 2001 والمعاملة غير المتساوية للبدو الرحل والجماعات المستقرة فيما يتعلق بتسليحهم لأغراض الدفاع عن النفس.22 وتم في هذه السياسة القمعية تجاوز الآليات التقليدية للمصالحة بين الجماعات العرقية والتي كان يمكن أن تنـزع فتيل الموقف.

العنف القائم على الجنس
ينص إعلان الأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد المرأة في المادة الأولى على أن :
"عبارة ’العنف ضد المرأة‘ تعني أي فعل من أفعال العنف يقوم على الجنس ويؤدي أو يحتمل أن يؤدي إلى إلحاق أذى أو ألم جسدي أو جنسي أو نفسي بالمرأة، بما في ذلك التهديد بارتكاب مثل هذه الأفعال، أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة."

وينص في المادة 2 على أن :
"العنف ضد المرأة يُفهم بأنه يشمل على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :
(أ) العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي يحدث في العائلة، بما فيه الضرب والأذى الجنسي للأطفال الإناث في العائلة والعنف المتعلق بالمهور والاغتصاب الزوجي وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، والعنف بين غير المتزوجين والعنف المتعلق بالاستغلال؛

(ب) العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي يحدث داخل المجتمع العام، بما فيه الاغتصاب والأذى الجنسي والتحرش والتخويف الجنسيين في العمل والمؤسسات التعليمية وسواها من الأماكن، والاتجار بالنساء والدعارة القسرية؛

(ج) العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما يحدث."

وتنص التوصية العامة 19 الصادرة عن لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن :
"العنف القائم على الجنس هو شكل من أشكال التمييز التي تقيد بشكل خطير من قدرة المرأة على التمتع بالحقوق والحريات على قدم المساواة مع الرجل."

وفي المادة 7 يمضي إلى القول إن :
"العنف القائم على الجنس والذي يضعف أو يبطل تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بموجب القانون الدولي العام أو اتفاقيات حقوق الإنسان، يشكل تمييزاً ضمن معنى المادة الأولى من الاتفاقية."

وإضافة إلى ذلك، تعاني النساء بشكل غير متناسب من عواقب الفرار من النـزاعات لأنهن يشكلن أغلبية اللاجئين والأشخاص المهجرين داخلياً.23

ويشمل تعريف التمييز العنف القائم على الجنس (النوع الاجتماعي). والعنف ضد المرأة هو شكل من أشكال العنف القائم على الجنس. وهو عنف موجه ضد المرأة بسبب كونها امرأة أو يؤثر على النساء بصورة غير متناسبة. ويشمل الأفعال التي تلحق أذى وألماً جسدياً أو عقلياً أو جنسياً، والتهديد بارتكاب هذه الأفعال، والإكراه وغير ذلك من صنوف الحرمان من الحرية.

ولا تحدد الأفعال بالضرورة بأنها قائمة على الجنس بمعزل عن غيرها، بل تتطلب تقييماً لكيفية تأثير أفعال معينة على النساء مقارنة بالرجال. كذلك هناك أفعال محددة تقوم عموما ًعلى الجنس.

ووفقاً لإعلان الأمم المتحدة الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة، فإن العنف القائم على الجنس يؤدي أو يحتمل أن يؤدي إلى إلحاق أذى أو ألم جسدي أو جنسي أو نفسي بالمرأة.
ويشمل :

·  التهديدات

·  الإكراه

·  الحرمان التعسفي من الحرية أينما يحدث

·  يمكن أن يحدث في الحياة العامة أو الخاصة على السواء.

وتشمل بعض العناصر التي يمكن النظر فيها لتحديد ما إذا كان فعل من أفعال العنف قائماً على الجنس :

·  السبب أو الدافع : مثلاً إهانات جنسية صريحة بشكل واضح خلال ارتكاب العنف.

·  الظروف أو السياق : مثلاً، إيذاء نساء ينتمين إلى فئة معينة في صراع مسلح.

·  الفعل نفسه، الشكل الذي يتخذه الانتهاك : مثلاً الأفعال الجنسية المكشوفة، التعري القسري، تشويه الأجزاء التناسلية من الجسم.

·  العواقب المترتبة على الانتهاك : الحمل والعار والتحويل إلى ضحية مرة أخرى من جانب مجتمع الناجية لأنه تم "انتهاك" الشرف.

·  توافر سبل الانتصاف والاستفادة منها والصعوبات في الحصول على سبيل انتصاف، مثلاً الصعوبات التي تواجهها النساء في الاستفادة من سبل الانتصاف بسبب عدم توافر المعونات القانونية، والحاجة إلى دعم العضو الذكر في العائلة، والحاجة إلى التركيز على رعاية المعولين وعدم توافر الرعاية الصحية المناسبة.

3. العنف ضد المرأة في دارفور
"في م"في مايو/أيار 2003 ألقوا قنابل من طائرات أنطونوف على ماشيتنا وأكواخنا. وكنا نختبئ بالقرب من القرية وفي طريق العودة إليها ليلاً للنوم فيها حتى يونيو/حزيران – يوليو/تموز. ثم هاجموا القرية. وحدث ذلك في الصباح. وكنت أعد طعام الفطور عندما شاهدتهم قادمين وبدأوا بإطلاق النار. وجاءوا على صهوة الجياد وداخل السيارات وكانوا جميعهم يرتدون بزات عسكرية. وقتلوا زوجي موسى هارون إربا. وركضت وغادرت القرية. وأخذت معي أطفالي الثلاثة وطفلين لجارتي وركضنا نحو هارا، القرية الواقعة في الوادي. ثم توجهنا إلى أبو ليحة، حيث مكثنا مدة يومين ومنها إلى بامينا. وعثر علينا الجنجويد في الطريق. وقصفتنا طائرات الأنطونوف وقتلت ثلاثة أشخاص. وهرب الكثيرون منا وأمسك الجنجويد ببعض الأشخاص. وأخذ الجنجويد تسع فتيات وصبيين. وأخذوا أحد أعمامي مع ابنه خضر إبراهيم. ولا نعرف ما حدث لهؤلاء الأشخاص. هـ، امرأة عمرها 27 عاماً من قرية أمنيتي في مقاطعة كبكبية، تسرد سلسلة من الهجمات التي تعرضت لها.

ويحدث العنف ضد المرأة في سياق الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان المرتكبة ضد المدنيين في دارفور. واستهدفت الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبها الجنجويد والجيش السوداني ضد المدنيين، والرجال والنساء والأطفال، بلا تمييز. وقُتلت النساء وقُصفن واغتصبن وعذبن واختطفن وهجرن قسراً بلا تروٍ أو بلا تمييز. وقُتل الأطفال وعُذبوا وخطفوا وهجروا قسراً بلا تروٍ أو بلا تمييز. وكانت الفتيات، أسوة بالنساء، هدفاً خاصاً للاغتصاب والخطف والعبودية الجنسية.

وأشار اللاجئون من شمال دارفور إلى حدوث عمليات قصف جوي متكررة بواسطة طائرات أنطونوف وقصف بواسطة مروحيات عسكرية تابعة للحكومة السودانية قبل الهجمات البرية التي شنها الجنجويد والقوات الحكومية أو خلالها أو بعدها. وفي جنوب دارفور وغربها، أُفيد بوقوع عدد أقل من عمليات القصف الجوي، رغم أنها حصلت، وكان المدنيون هدفاً أكبر للهجمات البرية. وفي المناطق التي يعيش فيها المساليت، تعرض القرويون أحياناً "للخداع" من جانب الجنجويد الذين أبلغوا زعماء القرى أنه ليس هناك خطر، ثم اعتدوا عليهم.

وغالباً ما بدا الرجال الهدف الأساسي لعمليات القتل المتهورة في إطار الهجمات24. وفي بعض الهجمات على القرى، عومل الأشخاص بصورة متفاوتة وفقاً لجنسهم : فقد أخذ الجنجويد الرجال ثم أعدموهم، بينما أُطلقت النار على النساء وهن يحاولن الهرب من القرية. وفي مايو/أيار 2004، جمعت منظمة العفو الدولية مزيداً من الشهادات حول عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وعمليات القتل الجماعية في عدة مواقع، بينها مورلي ومتجر ودليج وكرينك. وأكدت هذه الشهادات المعلومات التي سبق للمنظمة أن تلقتها ونشرتها. ولدى منظمة العفو الدولية قائمة بأسماء أكثر من 400 شخص بدا أنهم أُعدموا خارج نطاق القضاء في دارفور، بما في ذلك في سياق ما ذُكر من عمليات إعدام جماعية حدثت خلال هجوم شُن على متجر في أغسطس/آب 2003. 25

1.3 الاغتصاب والتعذيب وغيرهما من ضروب العنف الجنسي في دارفور
أ. عمرها 37 عاماً من متجر أبلغت منظمة العفو الدولية كيف أن الجنجويد اغتصبوا النساء وأذلوهن :
"عندما حاولنا الهرب قتلوا المزيد من الأطفال. واغتصبوا النساء؛ وقد شاهدت حالات عديدة اغتصب فيها الجنجويد النساء والفتيات. وكانوا سعداء عندما اغتصبوهن. وهم يغنون عندما يغتصبون ويقولون إننا مجرد عبيد وأنه يمكنهم أن يفعلوا بنا ما يحلو لهم."

لقد تلقت منظمة العفو الدولية أنباءً عديدة حول حالات اغتصاب وغيرها من ضروب العنف الجنسي التي ارتكبها الجنجويد. وأبدت النساء السودانيات اللواتي أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهن ممانعة شديدة في التحدث عن الاغتصاب خشية من أن تنبذهن مجتمعاتهن وعائلاتهن. ويتحدث الرجال عن حالات الاغتصاب بطريقة عامة جداً، ولا يعطون تفاصيل محددة حول كيفية استخدام الاغتصاب ضد النساء ومتى ومدى تكراره.

ويبدو أن العنف ضد المرأة – والاغتصاب بشكل خاص – يُرتكب بصورة رئيسية من جانب الجنجويد. بيد أن الجيش الحكومي يكون حاضراً في حالات عديدة. وقد تصرف الجنجويد بحصانة تامة من العقاب وبمعرفة أو سكوت تام من الجيش الحكومي.

الاغتصاب كشكل من أشكال الإذلال
في حالات عديدة، اغتصب الجنجويد النساء علناً وفي الهواء الطلق وأمام أزواجهن أو أقربائهن أو المجتمع الأوسع. والاغتصاب هو الانتهاك الأول والأهم للحقوق الإنسانية للنساء والفتيات، وفي بعض الحالات في دارفور، يستخدم أيضاً بوضوح لإذلال المرأة وعائلتها ومجتمعها.

"حدث اغتصاب آخر لفتاة عزباء صغيرة عمرها 17 عاماً : اغتصبت م. من جانب ستة رجال أمام منـزلها على مرأى من والدتها. ثم قُيد س. شقيق م. وأُلقي به في النار."
هـ، رجل من أبناء الفور عمره 35 عاماً من قرية متجر.

"في يوليو/تموز 2003، اغتصب العرب م.، وعمرها 14 عاماً، في باحة السوق وهددوا بإطلاق النار على الشهود إذا حاولوا التدخل. كذلك اغتصبوا فتيات أخريات في الأدغال" س. امرأة زغاوية عمرها 28 عاماً من منطقة هبيلا.

كذلك وردت أنباء حول حدوث عمليات اغتصاب جماعية. ففي 11 مارس/آذار 2004، أشار تقرير أعده الفريق الخاص للأمم المتحدة المعني بالوضع في دارفور إلى أن :
"اليونيسف أنجزت دراسة لحماية الأطفال في طويلا. ويؤكد التقرير طائفة من النتائج المقلقة التي توصلت إليها البعثة الأخيرة التي تضم أعضاء من هيئات مختلفة، بما في ذلك عدد كبير جداً من حالات الاغتصاب، استهدفت في حالة واحدة 41 تلميذة ومُدرِّسة والاغتصاب الجماعي للقصر من جانب عدد من الرجال يصل إلى 14 واختطاف الأطفال والنساء، فضلاً عن قتل العديد من المدنيين."

وتعرضت طويلا، وهي عبارة عن بلدة صغيرة محاطة بقرى لا تبعد كثيراً عن الفاشر، لهجوم شنه الجنجويد في 27 فبراير/شباط 2004. وصدرت مزاعم أخرى أفادت أن النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب الجماعي في طويلا قد وُسمن.

اغتصاب النساء الحوامل
لم تُستثنى حتى النساء الحوامل. فقد أُبلغت منظمة العفو الدولية أيضاً بحالة واحدة قتل فيها الجنجويد امرأة عمداً لأنها كانت حاملاً.

واغتُصبت امرأة عمرها 18 عاماً من مرأى، وفقدت طفلها فيما بعد.

واغتصبت س. من ديسه من جانب جندي رغم كونها حاملاً. وهي الآن أم لأربعة أطفال، حيث أنجبت مؤخراً الصبي الذي كانت حاملاً به أثناء اغتصابها.

"كنت مع امرأة أخرى، عزيزة، البالغة من العمر 18 عاماً، التي بقرت بطنها في الليلة التي اختُطفنا فيها. وكانت حاملاً وقُتلت بينما كانوا يقولون لها : "إنه طفل عدو لنا" امرأة منحدرة من أصل إرينغا من قرية غارسيلا.

التعذيب والقتل في إطار العنف الجنسي
في بعض الحالات، ورد أن النساء اللواتي قاومن الاغتصاب تعرضن للضرب أو الطعن أو القتل. وقال إ، وهو رجل زغاوي من ميسكي بمقاطعة كتم لمنظمة العفو الدولية :
"عند الساعة السابعة صباحاً من شهر أغسطس/آب 2003، أحاط الجنجويد بقريتنا؛ وسمعت طلقات مدافع رشاشة وهرب معظم الناس؛ وقُتل بعضهم أثناء محاولتهم الفرار. ووقعت شقيقتي م.، البالغة من العمر 43 عاماً في أسر الجيش والجنجويد. وحاولوا مضاجعتها. فقاومت. وكنت حاضراً وسمعتها تقول : "لن أفعل شيئاً كهذا حتى ولو قتلتموني" فأقدموا على قتلها فوراً. كذلك كان أشخاص آخرون حاضرين عندما حدث هذا الأمر".

وفي حالات أخرى، عذَّب الجنجويد النساء لإجبارهن على إخبارهم بمكان اختباء أزواجهن. وبحسب ما ورد تضمنت ضروب التعذيب : وضع وجه المرأة بين عصايين خشبيتين والضغط بقوة أو اقتلاع أظافر النساء. وقد جُلدت ف، البالغة من العمر 50 عاماً تقريباً من كونديلي – ليست بعيدة عن الكبكبية – من جانب مهاجميها وكُسرت أصابعها عندما حاولوا اقتلاع أظافرها. وغالباً ما أشارت اللاجئات إلى اقتلاع الأظافر خلال الاستجواب.

كذلك أشارت بعض النساء إلى إقدام الجنجويد على كسر سيقان ضحايا الاغتصاب لمنعهن من الهرب. وقالت ن، وهي امرأة من أم برو، عمرها 30 عاماً، لمندوبي منظمة العفو الدولية في مخيم كننقو :

"حدث الهجوم في تمام الساعة الثامنة من صباح 29 فبراير/شباط 2004، عندما وصل الجنود على متن السيارات والجمال والجياد. ودخل الجنجويد إلى المنازل بينما بقي الجنود في الخارج. واغتُصبت حوالي 15 امرأة وفتاة لم يهربن بسرعة كافية في أكواخ مختلفة في القرية. وكسر الجنجويد أطراف (أذرع أو أرجل) بعض النساء والفتيات لمنعهن من الهرب وبقي الجنجويد في القرية مدة ستة أو سبعة أيام. وبعد عمليات الاغتصاب، نهب الجنجويد المنازل."
وأعطت قائمة بأسماء النساء اللواتي اغتصبن خلال الهجوم.

الاغتصاب والخطف والعبودية الجنسية
اختُطفت النساء والفتيات خلال الهجمات وأرغمن على البقاء مع الجنجويد في المعسكرات أو المخابئ. وتتضمن عدة شهادات جمعتها منظمة العفو الدولية حالات واضحة للعبودية الجنسية؛ ويبدو أن التعذيب استُخدم أحياناً كتكتيك لمنع النساء المحتجزات كأمات جنسيات من الفرار.
"أخذوا ك.م.، البالغة من العمر 12 عاماً إلى الهواء الطلق. وقُتل والدها على أيدي الجنجويد في أم برو، وهرب بقية أفراد عائلتها ووقعت هي بأيدي الجنجويد الذين كانوا على ظهور الجياد. واستخدمها أكثر من ستة أشخاص كزوجة؛ وبقيت مع الجنجويد والجيش طوال أكثر من 10 أيام. وهربت ك. وهي امرأة أخرى متزوجة عمرها 18 عاماً، لكن الجنجويد ألقوا القبض عليها وضاجعوها في العراء، وتناوبوا جميعهم على مضاجعتها. وما زالت معهم. أ، وهي مُدرِّسة، أبلغتني أنهم كسروا ساقها بعد اغتصابها". أ، مزارع يبلع من العمر 66 عاماً من أم برو بمقاطعة كتم.

ن، امرأة تبلغ من العمر 30 عاماً من قرية ديسه في منطقة المساليت الواقعة في غرب دارفور، أبلغت مندوبي منظمة العفو الدولية كيف اختُطفت وتعرضت لاغتصاب جماعي بعد هجوم شنته القوات الحكومية والجنجويد على قريتها. ولاذت بالفرار هي وشقيقتها البالغة من العمر 15 عاماً عندما وقع الهجوم، لكن الجنود الذين يرتدون بزات عسكرية أمسكوا بهما. ورفضت أن تتبعهم، وبحسب ما ورد اتهمتهم بقتل أطفالها. وكما ورد اعتدى الجنود عليها بالضرب وأخذوها معهم. وأُجبرت على السير معهم لمدة ثلاث ساعات. ولم تحصل على أي طعام طوال ثلاثة أيام. واقتيدت إلى مكان ما في الأدغال وتعرضت للضرب والاغتصاب عدة مرات ليلاً. وقالت إن عدة مجموعات من العرب أخذت عدة مجموعات من النساء. وأعطت قائمة بأسماء النساء اللواتي ورد أنهن اختطفن.

وبحسب ما ورد اختطفت ك، وهي من كينيا وعمرها 15 عاماً، في 15 يناير/كانون الثاني 2004 واغتُصبت من جانب عدة رجال. وعُثر عليها فيما بعد وهي مصابة بجرحين بليغين في رأسها وبالشلل في إحدى ساقيها، كما يبدو نتيجة لضربات تلقتها على ركبتها. وكان الجرح الذي أصاب ساقها متقيحاً عندما عُثر عليها بعد خمسة أيام من اختطافها؛ وقد هجرها خاطفوها.

وفي المخيم نفسه ذكرت امرأتان هما م.، البالغة من العمر 40 عاماً ون، البالغة من العمر 17 عاماً، وكلاهما من قرية كباش الواقعة في منطقة صليعة، ذكرتا لمنظمة العفو الدولية اختطافهما واغتصابهما بشكل جماعي على أيدي الجنجويد :
"احتجز الجنجويد النساء في أكواخ مختلفة. وهرب الأطفال، لكن الجنجويد أمسكوا ببعضهم؛ وخطفوا خمسة منهم : ثلاثة فتيان تتراوح أعمارهم بين عامين وأربعة وستة أعوام وفتاتين تتراوح أعمارهما بين خمسة وستة أعوام. وأخذني الجنجويد وقيدوا يدي وراء ظهري وأخذوني مع أربع فتيات أخريات إلى الوادي.

وفي الوادي شاهدت حوالي 20 امرأة أخرى، وكانت أيديهن وأقدامهن مكبلة ووصلن في اليوم ذاته. وحصلنا على بعض الماء والأرز. وخلال النهار، غادر معظم الجنجويد الوادي لنهب القرى المجاورة وفي الليل، عادوا إلى الوادي حيث اغتصبوا الفتيات مناوبة". وبقي حوالي 50 من الجنجويد في المخيم خلال النهار. ولم أشاهد جنوداً حكوميين في الوادي".

كانت س. من صليعة، الواقعة بالقرب من كولبوس، حاملاً في شهرها الخامس عندما اختُطفت على أيدي الجنجويد مع ثماني نساء أخريات خلال هجوم شُن في 24 يوليو/تموز 2003. وبحسب ما ورد لم تتجاوز أعمار بعض الفتيات اللواتي اغتصبن الثامنة. وبحسب ما وقالته س :
بعد ستة أيام، أُطلق سراح بعض الفتيات. لكن الأخريات، اللواتي لا تتجاوز أعمارهن ثماني سنوات26 أُبقين هناك. وكان ما بين خمسة وستة رجال يغتصبوننا في جولات، واحداً تلو الآخر طوال ساعات خلال ستة أيام في كل ليلة. ولم يسامحني زوجي على ذلك وتبرأ مني."

وأبلغت ك، وهي لاجئة أخرى في مخيم كننقو، عمرها 23 عاماً، من إبك، وأم الثلاثة أطفال، منظمة العفو الدولية كيف اختُطفت مع امرأتين أخريين ورجل واحد، هو زوج إحداهما.

"في الليلة الأولى، اضطررت لتحمل خمسة رجال عمدوا إلى اغتصابي، وفي الليلة الثانية اغتصبني ثلاثة رجال. وفي الليلة الثالثة تمكنت من الفرار مع إحدى النساء الأخريات. ولا أدرى ما حصل للمرأة الثالثة زوجة إ والتي كانت معنا."

يبلغ إ، وهو زوج المرأة المفقودة الذي اختُطف معها، من العمر 36 عاماً. وقد قتل طفله البالغ من العمر 11 شهراً أمام عينيه. وذكر أنه تعرض للضرب المبرح على أيدي الجنجويد.

"ذبحوا طفلي الوحيد أمام عيني. ولا أدري أين زوجتي وما حصل لها. ولم أُقتل لأن أحد الجنود كان رحيماً."

العنف الجنسي ضد الفتيات
اغتُصبت الفتيات، شأنهن بشأن النساء واختطفن وأُبقين رهن العبودية الجنسية. وأشارت م.، وهي امرأة من جماعة الفور من أم بادا الواقعة بالقرب من كتم إلى اختطاف فتيات من القرية على أيدي الجنجويد.

خلال الهجوم الذي وقع على كتم، اختفى العديد من الفتيات. وبعض أسمائهن هي : حمرا (15 عاماً)، وخديجة (14 عاماً) وفاطمة (12 عاماً) وحما (10). كذلك اختطفت امرأة عجوز تدعى خديجة (عمرها 80 عاماً). ونُقلت تلك النسوة على ظهور الجمال. وشاهدت الحكاما ذلك 27 وحيين رجالهن."

2.3 الاغتصاب في سياق الهجمات
ارتُكب الاغتصاب في سياق الهجمات التي شُنت على القرى، وبحسب بعض الشهادات التي جمعتها منظمة العفو الدولية، خلال الغارات الصغيرة التي كانت تتم ليلاً بصورة رئيسية، وقبل شن الهجمات على القرى. والنساء في دارفور هن الأهداف الرئيسية للعنف وهن أكثر عرضة للانتهاكات في إطار النـزاع المسلح، لأنه في دارفور، تتحمل النساء مسؤولية الأطفال وغيرهم من معولي العائلة. والنساء هن من يقدمن الرعاية بشكل رئيسي، مما يجعلهن أكثر عرضة للانتهاكات خلال الهجمات والهروب. والنساء أقرب منالاً للمعتدين خلال الهجمات، لأنهم يبقين عادة قريبات من القرية، قياساً بالرجال الذين يرعون الماشية بعيداً عن القرية.

وفي مقابلات عديدة مع اللاجئين، بدا واضحاً أن اختلاف ظروف الرجال والنساء والأدوار التي يضطلع بها كل من الجنسين في المجتمع، تعني أنهم يتصرفون خلال الهجمات بصورة مختلفة.

ووصف م.، وهو رجل عمره 46 عاماً من أبو جداد (القريبة من كورنوي) كيف تصرف الناس خلال الهجمات :
"لم يكن إلا النساء والأطفال في القرية، بينما كان الرجال مع الماشية في منطقة أبعد قليلاً إلى الشمال وأقرب إلى التلال. وعندما وقع الهجوم، صعد الرجال على عجل إلى التلال لكي يروا ما يحدث، وهرعت النساء إلى القرية لأخذ أطفالهن والهرب إلى جنوب القرية".

وقد وصفت النساء في معظم الحالات كيف أنهن خلال الهجمات بدأن يبحثن عن معوليهن، قبل مغادرة القرية. وأوضحت ك، وهي امرأة عمرها 40 عاماً من جركو أنه :
"عندما أتى الجنجويد، أشعلوا النار بأكواخنا وضربوا الأطفال والنساء. ولدي سبعة أطفال، وستة منهم معي هنا الآن. وقد وضعت أحدهم على ظهري وآخر على صدري، وأمسك الآخرون بيديَّ وركضنا. كذلك كانت جدتي معي. وفي الطريق، كان هناك العديد من الجنجويد وكانوا يضربون الناس وشاهدناهم يغتصبون النساء والفتيات الصغيرات".

وتصف أ، وهي امرأة أخرى عمرها 45 عاماً من مأمون هروباً مشابهاً :
"سمعنا عندما هاجم الجنجويد كينو، ثم قبل الفطور، جاءوا وقتلوا الناس. فجمعت أطفالي والمرأة العجوز الصماء التي أهتم بها."

ولكن، حتى قبل تصعيد النـزاع والهجمات المنهجية التي تشن على المدنيين في دارفور، لم يكن هناك توازن بين الجنسين في العديد من قرى الريف، لعدة أسباب. فهناك معدل عالٍ للهجرة من الريف إلى المراكز الحضرية في دارفور، ويعود ذلك جزئياً إلى التصحر وانعدام التنمية في المنطقة. وقالت نساء سودانيات عديدات أجرت معهن منظمة العفو الدولية مقابلات في تشاد إن أزواجهن أو أشقاءهن أو أقرباءهن الذكور الآخرين يعملون في بلدات دارفور وفي العاصمة السودانية الخرطوم أو في الدول المجاورة وإن الرجال لم يكونوا موجودين خلال الهجمات. وهذه ملاحظة مهمة؛ إذ إنه نتيجة وجود نسبة مئوية من النساء أعلى من الرجال في المخيمات المقامة في تشاد، سرت تكهنات حول ما حدث للرجال. وينبع تفسير جزئي من النسبة القائمة بين الجنسين قبل الحرب في قرى الريف. وبالطبع هناك تفسيرات أخرى : حقيقة أن العديد من الرجال أُعدموا خارج نطاق القضاء كما يبدو أو قتلوا على وجه السرعة خلال الهجمات أو ألقي القبض عليهم واعتُقلوا بمعزل عن العالم الخارجي والاشتباه في انضمام بعضهم إلى التمرد.

وأوضح محمد (33 عاماً)، وهو زعيم محلي من مقرسة،
"بقيت في الخرطوم طوال سنوات عديدة وعندما علمت بما حدث لبلدتي عدت إلى مقرسة في فبراير/شباط 2004 وعلمت أن أقربائي ذهبوا إلى فوربرنقا."

3.3 الاغتصاب خلال الفرار
وقعت النساء ضحايا للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي خلال هروبهن. وقد اغتصب الجنجويد النساء عند حواجز الطرق أو نقاط التفتيش أو بينما كانوا يطاردون مجموعات من الأشخاص كانوا فارين من الهجمات التي وقعت على قراهم.

وقالت أ.، وهي من كوشا في شمال دارفور إنها شهدت اغتصاباً وعمليات خطف عندما هربت هي ونساء أخريات من الهجوم الذي تعرضت له قريتهن في أغسطس/آب 2003 :
"كُسرت ساقا وذراعا إحدى النساء وتُركت على قارعة الطريق. وتعرضت أخريات للضرب عندما رفضن خلع ملابسهن وأُخذن إلى معسكر الجنجويد."

شهدت أ، وهي امرأة تامية عمرها 40 عاماً28 من أزرني (التي تبعد 30 ميلاً إلى جنوب الجنينة) حادثة اغتصاب بينما كانت تلوذ بالفرار:
"عقب الهجمات، ركضنا لمدة أربع ساعات إلى جيراننا الذين هم من التاما أيضاً. وفي طريقنا من أزني تعرضت امرأتان للاغتصاب من جانب ثلاثة من الجنجويد. وكنت هناك؛ ورأيت ذلك بأم عيني."
وذكرت لمنظمة العفو الدولية أسماء النساء اللواتي ورد أنهن اغتصبن.
"في فبراير/شباط 2004، تركت منـزلي بسبب النـزاع، والتقيت بستة من العرب في الأدغال، وأردت أن آخذ رمحي للدفاع عن عائلتي، فهددوني بسلاح واضطررت للتوقف. واغتصب الرجال الستة ابنتي البالغة من العمر 25 عاماً، أمام عيني وعيني زوجتي وأطفالي الصغار."
هـ(ح)، رجل من مقرسة في إقليم المساليت بغرب دارفور.

وتشير عدة شهادات إلى وقوع عمليات خطف خلال الهروب. ويبدو أن النساء والأطفال هم الذين يتعرضون للخطف بصورة رئيسية. وفي معظم الحالات، لا يُعرف مكان وجود المختطفين. وقد تلقت منظمة العفو الدولية أكثر من خمسين اسماً لأشخاص لم "يُشاهدوا مرة أخرى" عقب اختطافهم على أيدي الجنجويد.

4.3 الاغتصاب في مستوطنات الأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور
بحسب الأنباء التي تناقلتها المصادر المستقلة والصور التي التقطتها الأقمار الصناعية29 للمنطقة، يبدو أن معظم قرى الريف التي يقطنها المزارعون في دارفور قد أُحرقت وسويت بالأرض، وهُجِّر سكانها قسراً. لكن الهجمات على المدنيين، وبخاصة على السكان المهجرين داخلياً بفعل النـزاع، تتواصل. وتقيد جماعات الجنجويد التي تقوم بدوريات خارج المخيمات والمستوطنات حركة السكان المهجرين داخلياً الذين يتجمعون عند أطراف البلدات والقرى الكبيرة في المنطقة. ولا يغادر الرجال المستوطنات خوفاً من تعرضهم للقتل. وتعرضت النساء اللواتي غامرن بالخروج من المخيمات لجلب الخشب أو الطعام أو الماء الذي يحتجن إليه حاجة ماسة، للاغتصاب والتحرش. وقُتل بعض الأشخاص المهجرين داخلياً الذين جهروا بانتقاداتهم للانتهاكات خلال الزيارات، التي قام بها مسؤولون أجانب من الأمم المتحدة أو مسؤولون حكوميون، على أيدي الجنجويد أو أُلقي القبض عليهم واحتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي من جانب قوات الأمن الوطني الحكومية والمخابرات العسكرية. وبالتالي يُحتجز الأشخاص المهجرون داخلياً في ما يرقى إلى سجون فعلية، ويحرمون فعلياً من الحق في حرية التنقل. ومثل هذا العنف الممارس ضد المدنيين لا ينتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحسب، بل غالباً ما يبدو أيضاً أنه محاولة متعمدة لإذلال الفئات الاجتماعية التي تتعرض للهجوم وتدمير بنيتها الاجتماعية.

وقال م، وهو رجل عمره 47 عاماً من نان كرسي، وهي قرية تقع في مقاطعة غارسيلا، لمنظمة العفو الدولية في تشاد إن :
"سكان أكثر من 30 قرية فروا إلى غارسيلا، وهناك احتُجزوا في مخيمات أُقيمت للأشخاص المهجرين داخلياً. وفي غارسيلا، الوضع هو كالتالي : تقع ثكنة الجيش خارج البلدة. وداخل البلدة يوجد معسكر كبير للجنجاويد وهناك الأمن الوطني والشرطة ثم أكثر من 21000 شخص مهجر داخلياً. وتمنعهم الحكومة من الذهاب إلى تشاد. وهم يريدون مغادرة هذا المكان في غارسيلا. وقال المسؤولون الحكوميون : "هناك سلام الآن. وهناك وفد سيأتي ونريدكم أن تعودوا إلى قراكم، وليس هناك خطر الآن وعليكم العودة". ويمنع الجنجويد الناس من مغادرة غارسيلا. وهم يطوقونها. وقد قتلوا أكثر من 60 شخصاً حاولوا الفرار، ويمكنكم رؤية الجثث، إذ لم يسمحوا لنا بدفن القتلى، وما زالت الجثث في مكانها حول غارسيلا.

وكانت هناك امرأة اسمها روزونغا، رفضت أن تُغتصب وقد ضربت أحد الجنجويد، فأطلق النار وقتلها. وفي غارسيلا، أرادت النساء إحضار الحطب والماء، وأقدم الجنجويد على اغتصاب العديد منهن. وفي طريقنا إلى غارسيلا، حاول الجنجويد اغتصاب زوجتي. وتمكنت من الإمساك بها ولم يحدث شيء.

وتشير بعثة وكالات الأمم المتحدة لتقصي الحقائق والتقييم السريع30 في تقريرها الصادر في 25 إبريل/نيسان 2004، بعد قيامها بزيارة كيلك الواقعة في جنوب دارفور :
"أشارت النساء دون مواربة إلى خوفهن الشديد من العيش في هذا المكان (كيلك) بسبب المضايقة والأذى الجنسيين ليلاً ونهاراً من جانب الجنجويد الموجودين في البلدة. وأعربن عن شعورهن بأنهن "مسجونات" ووصفن كيف اغتُصبت النساء والفتيات وتعرضن للأذى الجنسي عندما غادرنا مكان تواجد الأشخاص المهجرين داخلياً، بينما يتعرض الرجال للمضايقة والضرب بصورة متكررة من جانب قوات الأمن. وعندما سئُلت النساء، تعرفن على هوية عدد من مرتكبي الاغتصاب والأذى، في صفوف المجموعة الحالية من العناصر المسلحة. وأوضحن كيف كان الجناة يأتون إلى مكان وجودهن خلال الليل لاختطاف الفتيات وإحضارهن إلى وادٍ قريب حيث يغتصبونهن."

ويبدو أن حالات الاغتصاب المبلغ عنها في مستوطنات الأشخاص المهجرين داخلياً هذه داخل دارفور أكثر عدداً من تلك التي يُبلَّغ عنها في المخيمات المقامة في تشاد. وقد أشارت المفوضية العليا لحقوق الإنسان وعمال الإغاثة التابعون للأمم المتحدة والصحفيون المستقلون والمسؤولون الحكوميون أو البرلمانيون الأجانب الذين تمكنوا من زيارة المنطقة إلى اجتماعهم بنساء تعرضن للاغتصاب وغالباً ما سمعوا روايات تفصيلية لهذه الجرائم. واستطاع معظم اللاجئين، الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم في مايو/أيار 2004، الهروب إلى تشاد بعيد الهجمات التي وقعت على قراهم. وحتى أولئك الذين فروا إلى مواقع الأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور لم يقضوا وقتاً طويلاً في هذه الأماكن. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن عدد النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في دارفور مرتفع. ونظراً لكون الاغتصاب من المحرمات في ثقافة المجتمع في دارفور، فالتفسير الثاني لبقاء العدد الكبير من النساء في دارفور بعد تعرضهن للاغتصاب هو أن هؤلاء النسوة بقين بعيداً عن الأقرباء الذين فروا إلى تشاد لأنهن خائفات من وصمة العار أو يخشين إلصاقها بهن.

وبينما يتسم وضع اللاجئين السودانيين في تشاد بالخطورة، فإن وضع المدنيين المهجرين داخلياً في دارفور نفسها يائس. فالبلدات والقرى التي يوجد فيها حالياً معظم الأشخاص المهجرين داخلياً والذين يُقدَّر عددهم بمليون نسمة تخضع للسيطرة المباشرة للحكومة. ووفقاً لشهادات التي أدلى بها اللاجئون، فضلاً عن المعلومات التي تلقتها منظمة العفو الدولية من عدة مصادر في دارفور تم التحقق من صحتها، لا تتدخل السلطات المحلية، وبالتالي فهي متواطئة مع الجنجويد الذين يغتصبون الأشخاص المهجرين داخلياً ويعذبونهم ويقتلونهم ويعتدون عليهم. ويجعل قرب معسكرات الجنجويد من القرى والمستوطنات التي يتجمع فيها المهجرون الموقف محفوفاً بالخطورة الشديدة بالنسبة للعديد من الأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور.

4. عواقب العنف الجنسي المترتبة على النساء ومجتمعاتهن
هناك عواقب عديدة للاغتصاب تُرتب آثاراً فورية وبعيدة المدى على النساء، تتجاوز الانتهاك المادي الفعلي الذي يمثله.

1.4 وصمة العار والنبذ اللذان تواجهها الناجيات من الاغتصاب
يشكل الاغتصاب بحد ذاته انتهاكاً شنيعاً لحقوق الإنسان، لكن من المحتمل أن تتعرض الضحايا لمزيد من الألم والمعاناة بسبب العار والوصمة المرتبطين به. وكما قالت بعض النساء لمندوبي منظمة العفو الدولية في تشاد في نوفمبر/تشرين الثاني 2003 :

"لن تقول لك النساء بسهولة ما إذا كن قد تعرضن للاغتصاب. ففي ثقافتنا، الاغتصاب عار. وتخفي النساء هذا الأمر في صدورهن بحيث لا يدري به الرجال."

وقالت نساء ورجال عديدون لمنظمة العفو الدولية إن النساء غير المتزوجات هن فقط اللواتي يستطعن التحدث عن الاغتصاب، أو أن النساء اللواتي اغتصبن لا يتجرأن على المجيء إلى مخيمات اللاجئين. وهذا هو التفسير المحتمل لسبب بقاء هذا العدد الكبير من النساء اللواتي اغتصبن كما ورد عند الحدود الفاصلة بين تشاد والسودان، أو لجوئهن إلى مخيمات الأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور، بعيداً عن أعين أقربائهن والفئة الاجتماعية التي ينتمين إليها.

الحمل نتيجة الاغتصاب
النساء اللواتي أصبحن حوامل نتيجة الاغتصاب هن اللواتي يحتمل بأن يتعرضن أكثر من سواهن لمزيد من الانتهاكات لحقوقهن. فهناك الصدمة الشديدة الناجمة عن الاغتصاب نفسه، فضلاً عن الصعوبات المصاحبة لحمل طفل وُلد نتيجة العنف ورعايته. وفي الإطار الاجتماعي المحدد لدارفور، في مجتمع يعتبر فيه الاغتصاب من المحرمات وعاراً يلحق بالناجية من هذا العنف، يعتبر في معظم الأحيان الطفل الذي هو ثمرة الاغتصاب طفلاً "للعدو"، "طفلاً للجنجاويد". ومن المحتمل جداً أن تتعرض الناجيات من الاغتصاب وأطفالهن للنبذ من جانب مجتمعهن والاحتمال الأكبر هو أن النساء المتزوجات سيتعرضن للرفض من أزواجهن. وقد تشعر النساء بأنهن مكرهات على التخلي عن الطفل الذي وُلد نتيجة الاغتصاب ويواجهن اتخاذ قرار آخر يسبب لهن الصدمة.

ولا يبدو أن مجتمعات النساء اللواتي اغتُصبن على استعداد لقبول الحاجة إلى تقديم دعمها الكامل لهؤلاء النساء وربما للطفل الذي قد يكون ثمرة هذا الانتهاك. وفي مقابلات جماعية ووجهاً لوجه أجرتها منظمة العفو الدولية في مايو/أيار 2004، قال النساء والرجال إنهم بينما قد يقبلون بعودة النساء المغتصبات إلى المجتمع، إلا أن الطفل الذي قد نتج عن الاغتصاب لن يكون مقبولاً. ويدفع هذا النساء اللواتي يصبحن حوامل نتيجة الاغتصاب إلى وضع يتسم بالمزيد من النبذ والصدمة والانتهاكات لحقوقهن. ومما يفاقم هذا الوضع عدم توافر مرافق للرعاية الطبية والنفسية للتعامل مع الناجيات من الاغتصاب في مخيمات اللاجئين في تشاد، ومع الضحايا لأكثر عدداً والموجودات في مستوطنات الأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور.

وبالنسبة للعديد من الرجال الموجودين في مخيمات اللاجئين، فإن انتهاك حقوق الإنسان المتمثل في الاغتصاب يُترجم مباشرة كما يبدو إلى إذلال لهم وللجماعة التي ينتمون إليها.

ويبدو أن هناك اعتقاداً ثقافياً هو أن النساء لا يمكن أن يصبحن حوامل عن طريق الاغتصاب. وأوضحت إحدى اللاجئات من كنيو قائلة إن :
"بعض النساء تعرضن للاغتصاب. وسمعنا هذا. لكن فقط غير المتزوجات يمكن أن يتحدثن عنه. ونعتقد أنه لا أحد يمكن أن يصبح حاملاً عند اغتصابه، لأن هذه ممارسة جنسية قسرية ولا يمكن لكِ أن تنجبي طفلاً من ممارسة جنسية قسرية. وبالنسبة للموجودين في المخيمات في دارفور، فإن أولئك اللواتي يقومون هم باغتصابهن ليلاً نهاراً، قد يصبحن حوامل. عندئذ الله وحده يمكن أن يساعد الطفل على أن يشبه الأم. فإذا وُلد طفل عربي، فلا يمكن القبول بذلك."

ك، امرأة عمرها 40 عاماً من جركو، عرضت اعتقاداً مشابهاً، تشاطرها فيه مجموعة من النساء الجالسات معها، اللواتي أجرت منظمة العفو الدولية المقابلات معهن في مخيم قوز أمر للاجئين :
"إذا كانت هناك أية امرأة حامل، فلا تستطيع أن تأتي إلى تشاد. وعندما كنا في دليج، لم يُسمح لنا بالتنقل، ولا يزال هناك العديد من الأشخاص فيه. ويعاشرون النساء معاشرة الزوجات. وهذه مشكلة كبيرة، فإذا أصبحن حوامل، عليهن الهرب، فلا يمكنهن البقاء مع عائلاتهن أو في مجتمعاتهن. لماذا؟ لأنه ليس من الطبيعي بالنسبة لهن أن يصبحن حوامل نتيجة الاغتصاب، لذا عليهن الرحيل."

ورغم أن الأغلبية العظمى من النساء الحوامل نتيجة الاغتصاب يبدو أنهن يمكثن في معظم الأحيان في دارفور أو في أماكن حدودية، فإن منظمة العفو الدولية التقت بعدد من النساء في المخيمات المقامة في تشاد اللواتي أصبحن حوامل نتيجة اغتصابهن من جانب الجنجويد.

وقالت ك، وهي امرأة موجودة حالياً في مخيم كننقو إنها تعرضت للاغتصاب خلال هجوم على قريتها، وفي وقت المقابلة، كانت حاملاً في شهرها التاسع بطفل أحد المتهمين بارتكاب اغتصاب.

وأبلغت ف، وهي من قرية تقع بين صليعه وجبل مون، منظمة العفو الدولية كيف اختُطفت في 5 أغسطس/آب 2003 من جانب رجال يرتدون بزات عسكرية قاموا بجلدها واغتصابها. وقالت إنها أجهضت ولداً بعد أشهر من اغتصابها.

وكانت م، حاملاً في شهرها التاسع نتيجة الاغتصاب. واغتصبها ما لا يقل عن ثلاثة رجال وقالت لمنظمة العفو الدولية : "لا أعرف حتى من هو والد الطفل."

العواقب الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على النبذ
تترتب على وصمة العار التي تُلصق بالنساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب عواقب اجتماعية واقتصادية بالنسبة لضحايا الاغتصاب. ويمكن للأزواج أن "يتبرءوا من زوجاتهم، رغم أن هذا لا يحصل دائماً. وبالنسبة للناجيات من الاغتصاب غير المتزوجات، فقد لا يتمكنَّ أبداً من الزواج لأن وصمة العار لحقت بهن أو يعتبرن "فاسدات" من جانب مجتمعاتهن، والنساء اللواتي لا يتمكن من الزواج أو اللواتي تخلى عنهن أزواجهن، لأنهن تعرضن للاغتصاب، سيصبحن وبخاصة في الإطار الاجتماعي لدارفور، أكثر ضعفاً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية. فلن يستطعن التمتع بالدعم الاقتصادي الذي يقدمه الرجال تقليدياً أو "الحماية" التي يفترض أن يقدمها الرجال للنساء. فإذا كان لدى هؤلاء النساء أطفال أو كن حوامل نتيجة الاغتصاب، فقد يصبحن المعيلات الوحيدات لأطفالهن.

2.4 المشاكل الطبية ومشاكل الصحة العقلية
النساء اللواتي تعرضن للاعتداء والاغتصاب غالباً ما يصبن بجروح جسدية. فالعنف، سواء أكان جنسياً أو لا، يمكن أن يرتب عواقب خطيرة على النظام التناسلي للنساء. والعنف الجسدي والنفسي المصاحب للاغتصاب الذي يمارس ضد النساء الحوامل أصلاً يمكن أن يتسبب لهن بالإجهاض وخسارة طفلهن، كما بينت الشهادات الواردة أعلاه. وفي هذه الحالات، من المحتمل أن تواجه النساء أيضاً الرفض من أزواجهن، لأنه ينظر إليهن على أنهن لا يؤدين دورهن "كمنجبات".

ونظراً لكون الاغتصاب من المحرمات الاجتماعية، تمانع النساء في إبلاغ العاملين الطبيين القلائل في مخيمات اللاجئين به، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من المضاعفات الطبية الناجمة عن الجروح التي ربما أُصبن بها خلال الاغتصاب. والنساء اللواتي أصبحن حوامل نتيجة الاغتصاب غالباً ما يعانين من مضاعفات قبل الولادة وخلالها وبعدها، بسبب الجروح الجسدية الناجمة عن الاعتداء. وعند الوضع، تتعرض النساء اللواتي اغتُصبن لمشاكل الناسور. ويحدث الناسور عندما يتمزق الجدار الفاصل بين المهبل والمثانة أو المصران، وتفقد النساء السيطرة على وظائف المثانة أو المصران. وتصبح معزولة نتيجة إصابتهن بسلس البول. ويمكن حل المشكلة بالجراحة.

وحتى إذا لم تصب النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب بجروح جسدية بليغة نتيجة له، فإن الغياب الواضح لمنتجات الصحة والنظافة الشخصية في إطار النقص في الإغاثة المادية في دارفور وتشاد يسهم في خطر حدوث عدوى.

وإلى جانب كل هذا، ستعاني معظم النساء من مشاكل نفسية خطيرة، حيث سيتعين عليهن حمل وتربية طفل غير مرغوب فيه، والمعاناة من وصمة العار الاجتماعية وانعدام دعم المجتمع لها.

وفي غرب السودان، يُمارس تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ويتم ختان أغلبية النساء ويتم تبزيم (تكميم) العديد من النساء.31 ويزيد هذا من خطر حدوث جروح خلال الاغتصاب، وبالتالي من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب/مرض الإيدز أو غيره من الأمراض المعدية جنسياً. وفي الوقت الراهن، ليس هناك مرافق طبية كافية لتقديم رعاية طبية شاملة، تتعلق بفيروس نقص المناعة المكتسب/مرض الإيدز، إلى اللاجئين في تشاد أو في مخيمات المهجرين داخلياً في دارفور، نتيجة لحقيقة الانشغال التام للمنظمات الإنسانية بالحالة الطارئة الغذائية والصعوبات التي تواجهها في الوصول إلى دارفور وتلك المتعلقة بالإسناد اللوجستي والإمكانيات المتوافرة. وتترتب عواقب وخيمة على الناجيات من الاغتصاب اللواتي يتعايشن مع فيروس نقص المناعة المكتسب/مرض الإيدز جراء انعدام هذه المساندة الطبية.32

3.4 الأطفال كضحايا للنـزاع والآثار المترتبة على النساء
كان الأطفال كذلك ضحايا للانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان التي وقعت في دارفور، حيث تتحمل النساء المسؤولية الرئيسية عن رعاية الأطفال؛ وبالتالي، فإن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد الأطفال قد أصابت النساء بصدمات مؤلمة. وفي مقابلات أُجريت مع النساء، بدا واضحاً أنه بالنسبة لهن، كانت انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد الأطفال إحدى أكثر السمات الفظيعة للنـزاع وأن العديد منهن شعرن بالذنب لأنهن لم يستطعن حماية أطفالهن بصورة أفضل.

وتعرض الأطفال للقتل والخطف بأعداد كبيرة كما زُعم، على أيدي الجنجويد. وتحدث أ، وهو صبي عمره 15 عاماً من قوز أم بلا الواقعة بالقرب كورنوي، إلى منظمة العفو الدولية عن اختطافه وتعذيبه :
"كنت أرعى الماعز عندما ألقي الجنجويد القبض علي في نوفمبر/تشرين الثاني 2003. كما أُلقي القبض على ثمانية أطفال آخرين لم يكونوا من قريتي، وما زالوا معهم، أما أنا فتمكنت من الهرب. واقتادوني إلى معسكر في أبو جداد الذي كان يوجد فيه جنود أيضاً. وسألوني أين هي الماعز وكانوا يضربونني عندما لا أجيب. وقيدوا أعضائي التناسلية بحبل وكان يشدون طرفيه في كل مرة يوجهون إلى سؤالاً، وضربوني عدة مرات في اليوم. وعندما أبلغتهم بمكان الماعز، توقفوا عن ضربي. ولقي الأطفال الآخرون المعاملة ذاتها من الجنجويد والجنود."

وقد أشارت النساء اللاجئات في شرق تشاد في بعض الحالات إلى الأطفال الذين تركتهم أمهاتهم أو ’نسيتهم‘ عندما كن منشغلات بجمع الأطفال الآخرين للهرب. وقالت ف، وهي امرأة في كنيو عمرها 35 عاماً لمنظمة العفو الدولية :
"عندما هاجم الجنجويد، تركنا كل شيء وراءنا. حتى أنا تركت بعض الأطفال وهربت مع خمسة أطفال وشاهدت كيف قتل الجنجويد الناس، وكيف أُصيب أحدهم بجراح وهو موسى بها. فأخذته، ثم أتى الجنجويد وأطلقوا عليه النار، ففارق الحياة. وكان هاك رجل آخر يدعى جمعة، وقطعوا ذراعيه لغاية هنا تحت الكتف."

ويعاني الأطفال أيضاً عندما تُقتل أمهاتهم أو والداهم أو ينفصلون عن العائلة نتيجة النـزاع. وغالباً ما تتولى قريبات الأمهات اللواتي قُتلن أو يتولى الأفراد الإناث في المجتمع ذاته مسؤولية رعاية هؤلاء الأطفال. وهذا بدوره يزيد من العبء الذي تتحمله النساء المهجرات اللواتي اضطررن إلى القيام بدور إضافي في رعاية الأطفال غير المصحوبين بالكبار أو المنفصلين عن ذويهم.

4.4 المزيد من خطر العنف الممارس ضد النساء خلال فرارهن وفي سياق التهجير
س.، أم لستة أطفال عمرها 38 عاماً من أبو سن، الواقعة جنوب أبو قمرة سردت رواية تفصيلية لمحنتها :
"ركضنا، وكنت أحمل طفلي الصغير على ظهري وأحمل اثنين على يديَّ وكان اثنان مع شقيقي الأكبر. وكان زوجي يعيش معي في القرية، لكنه كان غائباً عندما هربنا.
وكنا نختبئ في الغابة وكان لدي كيس ملابس واحد صغير فقط ولا شيء سواه. وطوال ثلاثة أيام لم استطع إطعام أطفالي إلا ماء. وأُصيب أحد أطفالي بالملاريا بعد 10 أيام واضطررنا للبقاء هناك طوال ثمانية أيام قبل أن يستعيد الطفل قوته من جديد.

وكنت حاملاً وفقدت طفلي. وكنت ضعيفة جداً، لكن كان على كل واحد منا أن يساعد نفسه. وكنت قلقة من أن نموت جميعنا. وأعطانا بعض الناس الذين مروا بنا طعاماً. ولم أستطع النهوض ولم أستطع العثور على طعام لأطفالي، لأنني كنت أشعر بالضعف عقب فقدان الطفل. وتناولت نبتة الميموزا (الست المستحية) كدواء وبعد عشرين يوماً، تمكنا من الوصول إلى كورنوي.

وفي الطرقات كان الجنجويد يوقفوننا ويقولون لنا : "أنتم زوجات تورابورا33، يمكننا قتلكم."
وحدث اغتصاب أيضاً. وقد اغتُصبت امرأة اسمها زارا، وهي حامل الآن. وحدث ذلك في كامو، عندما جاءوا في سيارات عديدة إلى الطريق التي كنا نعدو فيها متجهين من كورنوي إلى تين".

م، هي امرأة من جماعة الفور من أم بادا بالقرب من كتم، أشارت إلى موت أطفال خلال هروبها : "توفي العديد من أطفالنا على الطريق. ولم يكن هناك طعام، وأصيبوا بالملاريا وكانوا خائري القوى".

والنساء والأطفال هم الأشد تضرراً جسدياً ونفسياً خلال الهروب، ونتيجة التهجير القسري. وخلال الهروب، كانت النساء بوصفهن المسؤولات الأساسيات عن رعاية الأطفال، كن مسؤولات عن بقاء معوليهن على قيد الحياة. والأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض والإنهاك أثناء الهرب. كما يمكن أن يضيعوا أو ينفصلوا عن عائلاتهم. ويزيد ضعف الأطفال من خطر وقوع المزيد من الانتهاكات لحقوق أمهاتهم أو المسؤولات الإناث عن رعايتهم، لأنه يمكن أن يجعل البحث عن السلامة أطول أو يمكن أن يزيد من تعرض المجموعة العائلية للخطر.

أ، امرأة عمرها 33 عاماً من قرية هرارا بالقرب من كتم، أبلغت منظمة العفو الدولية بالتجربة التي مرت بها :
"توفي ابني الأكبر أ، الذي كان في السابعة عشرة من عمره، في الهجوم الأول. وكان قد ذهب إلى البئر لإطعام الماشية، وهناك أُردي بالرصاص. وفي طريقنا إلى أُبليها، وضعت إحدى النساء التي كانت معنا مولوداً. وهاجمنا الجنجويد، وتركناها خلفنا مع طفلها. ولا نعرف ما إذا كانت حية وما إذا كان طفلها حياً."

5.4 الآثار بعيدة المدى للعنف ضد المرأة
يتجاوز العنف ضد المرأة الهجمات المباشرة والاغتصاب والعنف الجسدي الذي يرتكبه المقاتلون. وكما ذكرنا أعلاه، فإن الآثار بعيدة المدى على النساء اللواتي يقعن ضحايا للاغتصاب هي أن عدداً كبيراً من النساء المنبوذات يعانين من الانتهاكات لحقوقهن، لأنهن نساء. وتحث المنظمة على وجوب أن يأخذ تصميم المواجهة الإنسانية والاجتماعية للنـزاع الدائر في دارفور ولتهجير الأشخاص نتيجة النـزاع، في الحسبان القضايا المتعلقة بانتهاكات معينة لحقوق الإنسان تعاني منها النساء.

1.5.4 الزيجات المبكرة
أحد جوانب التمييز ضد المرأة يمكن ملاحظته فعلاً في بعض مخيمات اللاجئين المقامة في شرق تشاد، كما يمكن أن يكون واقعاً معاشاً من جانب النساء اللواتي عجزن عن مغادرة دارفور. وقال بعض اللاجئين لمنظمة العفو الدولية إن مهر العروس في المخيمات قد انخفض انخفاضاً كبيراً. وكما قال أحد اللاجئين في مخيم قوز أمر :
"الزواج رخيص جداً جداً في أيامنا هذه."

وقد حدثت هذه الظاهرة في سياق نزاعات أخرى. ويخشى الأهل، من أنه نظراً لوجودهم في مخيمات اللاجئين، سيستحيل عليهم "السيطرة" على بناتهم، وسيحاولون "تزويجهن" على عجل، لإنقاذ شرف الفتاة والعائلة. والزيجات المبكرة تشكل بحد ذاتها، انتهاكاً لحقوق الأطفال. وعلاوة على ذلك، فإن الفتيات اللواتي يتزوجن في سن مبكرة يواجهن احتمال أقل في التمتع بحقهن في التعليم واحتمال أكبر في التعرض للمشاكل الطبية34 والنفسية في حال حدوث حمل مبكر.

كما أن هذا مؤشر على تعطيل البنية الاجتماعية للمجتمع الذي يجد نفسه في مخيم للاجئين. وهو يعكس تدمير آليات الرعاية الاجتماعية والسيطرة، المتوقعة عادة في البيئة الاجتماعية للمجتمع. فعلى سبيل المثال، يُنظر جزئياً إلى الزيجات التي يتم ترتيبها بصورة تقليدية، كوسيلة يمكن للعائلة أن تحمي بواسطتها بناتها. وتشارك في مثل هذا الزواج العائلتان الممتدتان كلاهما، وغالباً ما تسبقه مباحثات مطولة بين العائلتين. لذا، يمكن أن يشكل آلية تمارس العائلتان عبرها درجة معينة من السيطرة والحماية على شريكي الزواج. وإن انهيار هذه الآلية، الذي أشارت إليه جزئياً زيادة في الزيجات المبكرة، يشكل عاملاً ضاغطاً على أمن النساء والفتيات اللواتي يُقدمن على زيجات يتم الاتفاق عليها على عجل. وقد يتم تدبير الزيجات المبكرة في سياق مخيمات اللاجئين بصورة متسرعة وربما تعرض الفتيات لخطر الأزواج المسيئين.

2.5.4 العائلات التي تترأسها الإناث
هناك خطر آخر يواجه النساء اللواتي يترأسن عائلاتهن ويصبحن المسؤولات الوحيدات عن رعاية الأطفال، في غياب الرجال وفي إطار مخيم اللاجئين، يتمثل في تهميشهن في عملية صنع القرار وتوزيع الطعام.

أ، امرأة عمرها 30 عامً من كرينك قالت :
"في الهجوم الأول الذي وقع في أغسطس/آب، قُتل شقيقي عيسى. وعاد شقيقي الأكبر من ليبيا، وأعالنا، فأخذه الجنجويد وقتلوه عندما أتى لمساعدتنا. وأخذوا جميع الجمال ومات الآن شقيقاي الاثنان. وليس لدي شيء ولا يوجد أحد لإعالتي."

ومن الظواهر الشائعة التي تنشأ حول مخيمات اللاجئين ظهور اقتصاد الظل. ويصبح التعامل في الأسواق القريبة والعمالة المأجورة في القرى المجاورة أو لدى الهيئات الإنسانية مصادر ضرورية للدخل بالنسبة لسكان هذه المخيمات. ومع ذلك فإنه بالنسبة لمعظم العائلات التي تعيلها النساء، تكون مصادر الدخل هذه بعيدة عن متناولهن. وإذا كان عدة أشخاص مسؤولين عن العائلة، فيمكن أن يقتسموا مهام العمل أو فرص العمل. ويمكن لشخص أن يقف في الطابور للحصول على الأغذية التي يتم توزيعها، وأن يحضر الماء، أو أن يطحن الحبوب أو يتولى الرعاية الطبية للأفراد الآخرين في العائلة، بينما يمكن للآخرين أن يمارسوا أنشطة تحقق الدخل. وبالنسبة للمرأة التي تتحمل مسؤولية العائلة بمفردها، غالباً ما يستحيل عليها أداء جميع هذه المهام. لذا تظل هؤلاء النسوة عند الطرف الأدنى والأكثر ضعفاً للأمن الغذائي، وغالباً ما يفتقرن إلى سلع إضافية مثل الصابون والملح والسكر والشاي، قياساً بالعائلات التي يترأسها شخصان أو عدة أشخاص. وإضافة إلى ذلك، غالباً ما تتعرض العائلات التي تترأسها الإناث للاستغلال، سواء الجنسي أو سواه. في مثل هذه الظروف.

وفي إطار الموارد الشحيحة وانعدام الأمن الغذائي، تتعرض أيضاً النساء اللواتي ليس لديهن أزواج للأذى والاستغلال. ويزداد احتمال تعرض أطفالهن لسوء التغذية ويقل احتمال تحصيلهم للتعليم، وغالباً ما تجبر هؤلاء النسوة أو بناتهن على ممارسة الدعارة للبقاء.35

وعندما زارت منظمة العفو الدولية مخيمات اللاجئين في تشاد، لم تتمكن من جمع معلومات حول وجود الدعارة في المخيمات. وربما يعود السبب إلى عدم وجود مثل هذه الحالات في المخيمات التي زارتها منظمة العفو الدولية، أو لأن المحرمات الثقافية تمنع الناس من الحديث عنها. بيد أن الناس أعربوا عن قلقهم إزاء هذه الإمكانية، وأشار عمال الإغاثة في عدة مخيمات إلى الأذى الجنسي واحتمال وجود دعارة بهدف سد الرمق كقضية قائمة. والعيش في إطار المخيم تجربة جديدة بالنسبة لمعظم اللاجئين السودانيين في تشاد، لأن نقل اللاجئين من الحدود التشادية – السودانية إلى مخيمات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لم يبدأ إلا قبل بضعة أشهر. ومع بقاء السكان اللاجئين في إطار المخيم لفترة متواصلة من الزمن، يزداد خطر التعرض للاستغلال الجنسي، وبخاصة بالنسبة للنساء والفتيات الوحيدات. ونظراً لما حدث في مخيمات اللاجئين الأخرى في شتى أنحاء العالم. لا يجوز التقليل من خطر ممارسة الدعارة للبقاء على قيد الحياة.

3.5.4 العسكرة المحتملة للمخيمات
هناك قلق آخر أكثر عمومية من إمكانية تعرض النساء لمزيد من العنف إذا استمر النـزاع في دارفور بالتفاقم. ولا يبدو حالياً أن هناك التزاماً محسوساً من جانب الحكومة السودانية أو الجنجويد أو جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة بتسوية النـزاع في المدى القريب من خلال اتفاقية سلام شاملة. وفي المحادثات التي أجرتها منظمة العفو الدولية مع قيادتي جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة، بدا واضحاً أنهما افترضتا بأنهما الممثلان الوحيدان لشعب دارفور. وفي جنوب السودان، وفي وضع مشابه، زاد هذا الافتراض من خطر ارتكاب انتهاكات لحقوق المرأة. فالنساء اللواتي يتحملن العبء الأكبر للنـزاع، نادراً ما شاركن في عمليات صنع القرار السياسي المتعلقة بمواصلة الصراع أو إحلال السلام.

وفي مواقف مماثلة، ولاسيما في سياق الحرب التي دارت رحاها في جنوب السودان، أُجبرت النساء (سواء في جنوب السودان أو شماله) على دعم "الكفاح المسلح" "بتقديم" أطفالهن كمقاتلين؛ وأجبرن على تزويد القوات المسلحة بالطعام والمأوى، وغالباً ما اضطررن إلى تقديم معلومات حساسة لأغراض عسكرية. وكل هذا وضعهن في موقف لم يكسبن منه أية سلطة رسمية أو غير رسمية في عملية صنع القرار، لكنهن اعتُبرن ’أعداءً‘ أو ’مخاطر أمنية‘ من جانب الطرف الآخر في النـزاع المسلح.

ونادراً ما شاركت النساء مشاركة نشطة في النـزاعات المسلحة، ولكن في حالات عديدة، استُخدمن كأهداف في العمليات العسكرية. واستُخدمت مخيمات اللاجئين في النـزاعات الإقليمية الأخرى كقواعد إمداد للمقاتلين، واستخدمت الجماعات المسلحة المعونات الغذائية أحياناً لممارسة الضغط على جهات أخرى مشاركة في النـزاع.36

وفي عدة مناقشات مع الرجال السودانيين اللاجئين في شرق تشاد، جرى التعبير عن النية بمباشرة الدفاع عن الأرض. وفي حالة واحدة، أهاب رجل وجيه محترم بالشبان في المخيم قائلاً :

"كفوا عن التسكع في المخيم والاكتفاء بتناول الطعام. أنتم شبان وخاملون وعديمو الفائدة. وعليكم النهوض والتدرب من أجل الدفاع عن دياركم. وإننا نناشد العالم أن يمدنا بالسلاح، حتى يتسنى لنا حماية أنفسنا والدفاع عن أرضنا. وإننا نأسف لما حدث في الجنوب، لكننا الآن بحاجة إلى المساعدة من أشقائنا في الجنوب".

ويجب أن تتنبه المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والهيئات الإنسانية العاملة في مخيمات اللاجئين والمهجرين داخلياً لإمكانية العسكرة التي قد تسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما فيها انتهاك حقوق المرأة.

5. أسباب العنف
1.5 البعد العنصري للنـزاع
"قال لنا عمر البشير بأنه علينا قتل جميع أهل النوبة.37 فلم يعد هناك مكان للزنوج".

كلمات قالها أحد مقاتلي الجنجويد، وفقاً لأحد اللاجئين من كنيو الذي أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة معه في تشاد، في مايو/أيار 2004.

وفي دارفور، قامت علاقات متبادلة ومبادلات بين البدو الرحل والجماعات المستقرة38 خلال دورة موسمية للبحث عن المراعي في الأراضي الزراعية، من أجل القطعان الكبيرة التابعة للبدو الرحل. وازدادت حدة التوتر والمصادمات بين المجموعتين في إطار التصحر وتقلص مساحة المراعي وزيادة زراعة الأرض. وفي إطار النـزاع، تتخذ هذه التوترات الآن بعداً عرقياً وعنصرياً. ولم تُعطَ الخلافات التي نشأت بين الجماعات المقيمة في دارفور هذا الوزن في الماضي. إذ إن الاتفاقيات التقليدية والزيجات المتبادلة والمبادلات والآليات التقليدية للمصالحة في حال نشوب نزاعات عززت العلاقات السلمية عموماً. وإن الأيديولوجية العرقية والعنصرية التي تتسم بها الهجمات التي وقعت في العامين 2003 و2004 في دارفور باتت حقيقة قاسية وحاسمة. وإن ترسيخ الخلافات بين المجموعتين يعود بصورة جزئية إلى استغلال العنصر والعرق من جانب جميع أطراف النـزاع في دارفور. بيد أنه تجدر الإشارة إلى أن الأوصاف التي تستخدم في هذا النـزاع الدائر في دارفور لا تناسب دائماً الجماعات المقيمة فيها (عرب وأفارقة أو سود39) : مثلاً التاما مجموعة عرقية صغيرة تتألف بصورة رئيسية من مزارعين، وقعت ضحية للهجمات واتهمت في الوقت ذاته عدة مرات بمساندة الجنجويد في النـزاع الدائر في العامين 2003 و2004.

"عبيد! نوبيون! هل لديكم إله؟ افطروا في رمضان! فحتى نحن أصحاب البشرة البيضاء (الفاتحة) لا نراعي رمضان. أنتم أيها السود القبيحين تزعمون ... نحن آلهتكم! إلهكم هو عمر البشير."

"أنتم أيها السود، لقد أفسدتم البلاد! ونحن أتينا لنحرقكم ... سنقتل أزواجكم وأبناءكم وسنضاجعكم! وستكونون زوجات لنا!"

كلمات نقلت عن لسان أفراد الجنجويد، كما أوردتها مجموعة من نساء المساليت في مخيم قوز أمر للاجئين، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهن في مايو/أيار 2004.

م، وهي امرأة عمرها 50 عاماً من فوربرنقا :
"هوجمت القرية خلال الليل في أكتوبر/تشرين الأول 2003، عندما أتى العرب بالسيارات وعلى صهوة الجياد. وقالوا "يجب قتل كل امرأة سوداء، حتى الأطفال".

وتعزز مزاعم تجنيد أبناء جماعات البدو الأجانب، لاسيما من تشاد، للقتال مع الجنجويد، البعد العرقي والعنصري للنـزاع. واتهم أحمد علامي، المستشار الشخصي للرئيس التشادي إدريس دبي، الجنجويد بتجنيد ’عناصر عربية‘ من تشاد40؛ وتشكل مزاعمه صدى لمزاعم اللاجئين السودانيين الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم في تشاد، والذين زعموا أن بدو السلامات من تشاد ومقاتلين من موريتانيا جُنِّدوا للقتال في دارفور.

"ما سمعناه من الجنجويد هو أن عمر البشير يقول للأجانب إنهم عرب وإنهم يجب أن يأتوا ويعيشوا في البلاد التي يحكمها العرب. وأن عليهم عدم البقاء حيث يحكمهم الأفارقة. ويقولون إن السودان بلد للعرب".
م، لاجئ سوداني في تشاد، أجرت معه منظمة العفو الدولية مقابلة في مايو/أيار 2004.

"أعطت الحكومة العرب الثقة والأسلحة والسيارات والجياد. ولا نستطيع العودة؛ فلن يكون هناك أمن للشعب الأفريقي في دارفور". امرأة سودانية أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة معها في مخيم ميلي للاجئين في تشاد، مايو/أيار 2004.

وتتعزز الانقسامات العرقية التي أثارها النـزاع بالرد العسكري الذي تلجأ إليه الحكومة. ومن خلال رفض استخدام الوسائل السياسية أو التقليدية لتسوية النـزاع الدائر في دارفور، لم تزد الحكومة من التوترات السائدة في المنطقة وحسب، بل إنها تعطل على المدى البعيد أساليب وسلطات تسوية النـزاعات والمصالحة التي تستند إلى المجتمع.

ويبدو أن أحد دوافع الهجمات التي يشتها الجنجويد هو سرقة المواشي والممتلكات العائدة للجماعات المستقرة. كذلك ترد أنباء متزايدة من المهجرين تفيد أن الجنجويد يوطنون عائلاتهم في القرى التي هجّروا أبناءها قسراً. وهذا يوحي بأن الجنجويد قد تكون لديهم استراتيجية لضمان استخدام المراعي.

"بدؤوا يزرعون ثم يحصدون أراضينا وقالوا لنا، يمكننا أن نعود، لكن ليس إلى مسقط رأسنا، بل إلى حيث يأمروننا أن نبقى. ويملكون كل المواشي الموجودة في دارفور الآن، ويملكون كافة أراضينا الخصبة نحن المساليت، ولن يغادروا."

لاجئ من كنيو في قوز أمر، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة معه في مايو/أيار 2004.

بيد أن المكاسب المالية التي يمكن للجنجاويد الحصول عليها عبر المتاجرة بالمواشي المسروقة وبيعها يجب أن تؤخذ أيضاً بعين الاعتبار. فوفقاً لأقوال اللاجئين السودانيين في تشاد والتي أخذتها منظمة العفو الدولية، سرق منهم الجنجويد الآلاف من رؤوس البقر والماعز والغنم. وهذا يحرم الجماعات المستقرة من وسائل عيشها ويهدد حقها في كسب الرزق. ونظراً للأعداد الهائلة من المواشي التي سُرقت، يمكن للمزايا المادية أن تصبح مصدر رزق مستقل للجنجاويد قد يساعدهم على الحصول على إمدادات مستقلة من الأسلحة والذخائر، إضافة إلى الأسلحة التي تزودهم بها الحكومة السودانية.

"الحكاما"
تشير لفظة "الحكاما" في دارفور إلى المغنيات التقليديات اللواتي تتمثل وظيفتهن في الإشادة بالمقاتلين الذكور من خلال الأغاني والزغاريد. وأحياناً تشارك النساء مشاركة نشطة في النـزاعات المسلحة. وقد حدثت ظاهرة غناء النساء للمهاجمين ومرافقتهم. وتشجيعهم في أطر أخرى غير دارفور. بيد أنه في إطار دارفور، جمعت منظمة العفو الدولية بعض الشهادات التي تشير إلى وجود النساء مع الجنجويد. وفي هذه الشهادات، فإن "الحكاما" أو "نساء الجنجويد" كما يسميهن اللاجئون السودانيون، يشكلن الخطيبات خلال الهجمات كما يبدو. وبحسب ما ورد لا يشاركن مشاركة فعالة في الهجمات التي تشن على الناس، لكنهن يشاركن في أعمال السلب والنهب. كذلك جمعت منظمة العفو الدولية عدة شهادات تشير إلى وجود الحكاما أثناء اغتصاب النساء من جانب الحنجاويد. ويبدو أن الحكاما ضايقن النساء مباشرة واعتدين عليهن وشتمنهن.

م، وهو زعيم للمساليت في قرية ديسة، ذكر أنه خلال الهجمات التي شنها الجنجويد في يونيو/حزيران 2003 والجيش في يوليو/تموز وأغسطس/آب، قتل 63 شخصاً، بينهم ابنته. وفي يونيو/حزيران ورد أن الجنجويد اتهموا القرويين بأنهم "خانوا عمر حسن البشير".

"في يوليو/تموز، ألقى الجيش القبض على عدة أشخاص بينهم إبراهيم صديق، وهو صبي عمره سبع سنوات. وفي ]
يونيو/حزيران قال الجنجويد خلال الهجوم : "أنتم متواطئون مع الخصوم، أنتم سود، ولا يمكن لأي أسود أن يبقى هنا،
ولا يمكن لأي أسود أن يبقى في السودان." وكانت النساء العربيات يرافقن المهاجمين وينشدن أغنيات تشيد بالحكومة
وتشجع المهاجمين. وقالت النساء :
"إن دماء السود تسيل كالماء، ونحن نأخذ بضائعهم ونطردهم من منطقتنا وسترعى مواشينا في أرضهم. أن قوة البشير هي قوة للعرب، وسنقتلكم حتى آخر شخص أيها السود، لقد قتلنا إلهكم.‘

كذلك وجهن إهانات لنساء القرية قائلات لهن ’أنتن غوريلات أنتن سود وملابسكن رثة‘"

وتقليد الحكاما له جذور في عدد من الجماعات العرقية41. وهناك سبب آخر محتمل لمشاركة النساء مشاركة فعالة في مساندة العنف الذي يمارسه الرجال من أبناء مجتمعاتهم ضد النساء المنتميات إلى مجتمعات أخرى قد يكون أنهم يرون أن احتياجات بقائهم تُلبى بطرد الجماعات الأخرى من قراهم وتوافر أراضٍ أو موارد جديدة.

2.5 العنف الجنسي المرتكب مع الإفلات التام من العقاب
شاركت القوات الحكومية في جميع الهجمات تقريباً التي سجلتها منظمة العفو الدولية في دارفور، أو كانت شاهداً مباشراً. وقد جرى توثيق الصلة القائمة بين الجنجويد والجيش الحكومي في عدة وثائق أخرى لمنظمة العفو الدولية حول دارفور.

وفي دارفور تسود ظاهرة ملفتة للإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة ليس فقط للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بل أيضاً للقوانين الوطنية السودانية. وبحسب المادة 149 من قانون العقوبات السوداني، يشكل الاغتصاب، الذي يُعرَّف بأنه معاشرة جنسية مع أي شخص بدون موافقته/موافقتها، جريمة يعاقب عليها بمائة جلدة وبالسجن لغاية عشر سنوات؛ وإذا كان الاغتصاب معاشرة جنسية لشخص متزوج أو "لواطاً"، فيعاقب عليه بالإعدام42. كذلك هناك نصوص ضمن قانون العقوبات تحظر الخطف والعمالة القسرية.

ومع ذلك لم توجه إلى أي عضو في الجنجويد أو القوات المسلحة تهمة ارتكاب الاغتصاب أو الخطف. وفي عدة شهادات جمعتها منظمة العفو الدولية، أعرب اللاجئون عن دهشتهم إزاء رد فعل السلطات عندما أبلغوها بوقوع هجوم أو التهديد بشنه. وفي عدة حالات، أبلغ زعماء المجتمع الشرطة بوجود توترات وتهديدات بشن هجمات، وطلبوا من الشرطة المحلية إنفاذ سيادة القانون، لكنها لم تفعل شيئاً لحمايتهم. وفي عدة حالات هُدم مركز الشرطة المحلية قبيل وقوع الهجوم. وغالباً ما يتم تجنيد الشرطة المحلية من صفوف السكان المحليين، على عكس الأمن الوطني الذي يبدو أن أفراده يجندون من وسط السودان وهم أكثر ولاء للحكومة. وفي بعض الحالات، نقلت السلطات أفراد الشرطة قبل وقوع الهجمات، زاعمة أن أمنهم معرض للخطر.

م، لاجئ من كنيو، قال لمندوبي منظمة العفو الدولية في قوز أمر :
"قبل أسبوعين من وقوع الهجوم على كنيو، قال لنا آمر الشرطة في فوربرنقا إن الشرطة ستُسحب من كنيو من أجل سلامة أفرادها. وفي 3 يناير/كانون الثاني، بعد ثلاثة أيام من وقوع الهجوم، ذهب عشرة من الزعماء المحليين في كنيو إلى مركز الشرطة في فوربرنقا لإبلاغه بالهجوم. فقال لنا قائد الشرطة أننا يجب أن نقابل قائد الجند، لأن الشرطة لا تستطيع أن تفعل شيئاً. ولكن في الهجوم قتل الجنجويد الذين يشكلون جزءاً من الجيش الحكومي من تبقى من أفراد الشرطة المحلية في كنيو. ولا يُعقل إبلاغ الجنود بهذا الأمر. فهم جزء مما حصل".

أ. الذي جاء من متجر إلى تشاد، قال لمندوبي منظمة العفو الدولية إن الناس حاولوا الإبلاغ عن اغتصاب فتاة من جانب الجنجويد في متجر. "ذهبنا إلى الشرطة لإبلاغهم بالحادثة، لكنهم لم يصغوا إلينا."

أ، من قوبى (التي تبعد 45 كيلومتراً إلى الغرب من هبيلا) قال :
"ذهب البدو إلى سوق زقوبا وأخذوا كل الأشياء منه. وتوجهنا إلى الشرطة، لكنها لم تستجب. ثم هاجم الجنجويد مركز الشرطة في تندوسا وقتلوا أربعة من رجال الشرطة وأخذوا أسلحتهم وكان الجنود الحكوميون هناك ولم يفعلوا شيئاً. وتوجه رجال الشرطة الباقون إلى تشاد كلاجئين.

وأوضح لاجئ من أندربرو أمضى بضعة أشهر في فوربرنقا وهي مستوطنة للأشخاص المهجرين داخلياً في غرب دارفور قريبة من الحدود مع تشاد، رد فعل القوات الحكومية بعدما أبلغهم زعماء المجتمع المجلي بالهجمات:
"قال الجنجويد : أخذنا أشياء عديدة، لكن لا أحد يستطيع أن يطلب منا إعادتها. وإذا أرادوا استعادة أغراضهم، سيُقتلون. وفي أغسطس/آب 2003، جاء الجنجويد ليلاً وأخذوا أشياء من الناس. وشهروا في وجهنا الأسلحة وعندما تحاول الهرب، يطلقون النار عليك. وقبضوا على عشرة منا ولم يستطع أحد أن يهب لمساعدتنا. وحاول أحد أفراد طائفة العبدي مساعدتنا فأصابوه بطلق ناري في ذراعه. وفي الصباح عاد الجنجويد لإحصاء القتلى. وأرسلنا أشخاصاً إلى الجنود للإبلاغ عن الهجوم. وفي المعسكر التابع للجيش الحكومي، قالوا لنا أنهم لا يتحملون أية مسؤولية. وعاد أحدنا إلى أندربرو للتحدث إلى الجنجويد هناك، إذ كان يعرف أحدهم. وهناك قالوا له، "إذا أردت إعادة الناس إلى هنا، يمكن ذلك، شرط أن يكونوا أناساً جدد. فنحن نملك السيطرة الآن وسنبلغكم من هم الأشخاص الذين يمكنهم الاستقرار وأين.

ورغم الوعود التي قطعتها الحكومة السودانية، لم يتغير حاول الحصانة من العقاب الممنوحة للجنجاويد الذين يمارسون الاغتصاب. وذكرت امرأة من مخيم للاجئين يقع في غرب دارفور أنها ذهبت في يونيو/حزيران 2004 مع مجموعة تضم 40 امرأة لجمع الحطب على مسافة كيلومتر واحد من مخيمها. ولاذت المجموعة بالفرار عندما تقدم منها ستة من الجنجويد على صهوة الجياد. بيد أن ثلاث نساء وقعن في الأسر. وتعرضت امرأتان للضرب، وبحسب ما ورد أُمسك بامرأة واحدة واغتصبت من قبل أربعة رجال. وقالوا كما زُعم إن لديهم إذناً من المحافظ. وأبلغت إحدى النساء الشرطة بالحادثة وتعرفت على هوية الرجال المتورطين الذين نُزعت أسلحتهم ووضعوا في الحجز. بيد أنه في اليوم التالي، تم إطلاق سراحهم وأُعيدت إليهم أسلحتهم، كما زُعم بعد مفاوضات بين قادة الجنجويد والشرطة. وكما يبدو قيل للمرأة التي أبلغت عن الحادثة بأنه لن تتم متابعة مزيد من حالات العنف في المحاكم مستقبلاً؛ وقالت إنها ما زالت تشاهد بصورة منتظمة في السوق الجنجويد الذين ارتكبوا الاغتصاب.

6. المعايير القانونية الدولية
السودان طرف في عدد من معاهدات حقوق الإنسان الأساسية، ومن ضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية حقوق الطفل، فضلاً عن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (الميثاق الأفريقي). وتكفل المعاهدات الحق في الحياة وتحظر عمليات القتل غير القانونية والتعذيب وسوء المعاملة. وهذه الحقوق هي وفقاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية غير قابلة للتقييد (الانتقاص) ويجب حمايتها حتى في حالات الطوارئ. وعلاوة على ذلك، فإن الميثاق الأفريقي الذي يتضمن نصوصاً محددة تحمي حقوق النساء والفتيات، يظل نافذاً حتى في أوضاع النـزاعات المسلحة، وبالتالي ملزماً للسودان بوصفه جزءاً من القانون الدولي. كذلك يشكل السودان دولة طرفاً في اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 أغسطس/آب 1949 (التي يشار إليها عادة باتفاقية جنيف الرابعة) والتي تنظم معاملة المدنيين في أوقات الحرب. وإذا أُخذت هذه المعاهدات معاً، فإنها توفر ضمانات شاملة لحقوق النساء والفتيات من العنف والأذى الجنسيين.

وجميع أطراف النـزاع في دارفور ملزمة بنصوص القانون الإنساني الدولي الواردة في المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف التي تنطبق ’في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي‘ وهي ملزمة لجميع أطراف النـزاع. وتنص على حماية الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص "العاجزون عن القتال" بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر. وتحظر "الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية والتعذيب" و"الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة". كما أن "الضمانات الأساسية" الواردة في البروتوكول الثاني الإضافي الملحق باتفاقيات جنيف والتي تنطبق أيضاً على النـزاعات المسلحة غير الدولية، تحمي المدنيين وتقتضي "أن يعاملوا في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون أي تمييز مجحف. ويحظر الأمر بعدم إبقاء أحد على قيد الحياة." ويحظر البروتوكول الثاني "الاعتداء على حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم البدنية والعقلية، ولاسيما القتل والمعاملة القاسية كالتعذيب والتشويه أو أية صورة من صور العقوبات البدنية"، و"انتهاك الكرامة الشخصية وبوجه خاص المعاملة المهينة والمحطة من قدر الإنسان والاغتصاب والإكراه على الدعارة وكل ما من شأنه خدش الحياء" و"الرق وتجارة الرقيق بجميع صورها".

ورغم أن السودان ليس طرفاً في البروتوكولين الإضافيين الملحقين باتفاقيات جنيف، إلا أن نصوصاً مهمة منهما تعتبر بأنها تشكل قانوناً دولياً عرفياً. ومن ضمن هذه النصوص العرفية : حظر الهجمات ضد السكان المدنيين والأهداف المدنية؛ والعقوبات الجماعية والسلب والنهب والاغتصاب والإكراه على الدعارة وأي شكل آخر من أشكال هتك العرض.

وينص القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي على ضمانات شاملة لحقوق النساء والفتيات في الحماية من العنف والأذى الجنسيين. ويقتضي القانون الدولي من الدول التصدي للانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان واتخاذ إجراءات لمنع تكرارها. وفيما يتعلق بانتهاك السلامة البدنية، يترتب على الدول واجب المقاضاة عن الأذى، سواء ارتكب الانتهاك موظف رسمي أو مواطن بصفته الخاصة. فعلى سبيل المثال تلزم المادة الثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحكومات بتقديم سبيل انتصاف فعال عن الانتهاكات وضمان الحق في الحياة والأمن الشخصي لجميع الأفراد الخاضعين لولايتها القضائية، بدون أي تمييز أياً كان نوعه بما فيه ا لجنس. وعندما تتقاعس الدول بصورة مألوفة عن الاستجابة للأدلة على العنف والأذى الجنسيين الممارسين ضد النساء والفتيات، ترسل رسالة مفادها أنه يمكن ارتكاب هذه الهجمات دون نيل العقاب. وعندما تفعل ذلك، تقصر الدول في اتخاذ الحد الأدنى من الخطوات الضرورية لحماية حق النساء والفتيات في السلامة البدنية.

وتعتقد منظمة العفو الدولية أنه عندما تتعرض امرأة أو فتاة للعنف الجنسي مع عدم وجود إمكانية حقيقية لإنصافها، ينتهك حقها في اتخاذ قرارات حرة تتعلق بعلاقاتها الجنسية.

وتنص المادة الثالثة من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والذي يشكل السودان طرفاً فيه على أن "الناس سواسية أمام القانون ولكل فرد الحق في حماية متساوية أمام القانون". وتكفل المادة الخامسة لكل فرد "الحق في احترام كرامته والاعتراف" بشخصيته القانونية وحظر التعذيب والعقوبات والمعاملة الوحشية أو اللاإنسانية أو المذلة.

كما أن اتفاقية حقوق الطفل تحدد المعايير اللازمة لحماية الفتيات من العنف والاستغلال الجنسيين. وتتعهد الدول الأطراف بحماية الطفل "من جميع أشكال الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي" وبوجه خاص تتخذ جميع التدابير الملائمة لمنع "حمل أو إكراه الطفل على تعاطي أي نشاط جنسي غير مشروع" و"الاستخدام الاستغلالي للأطفال في الدعارة أو غيرها من الممارسات الجنسية غير المشروعة"43 وينبغي على الدول اتخاذ كافة التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي يقع ضحية أي شكل آخر من أشكال الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة أو التعذيب أو أي شكل آخر من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ أو المنازعات المسلحة44.

وعلاوة على ذلك، يُعتبر الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي يرتكبها المقاتلون في سياق النـزاع المسلح جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وآخرها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي وقعت الحكومة السودانية عليه في سبتمبر/أيلول 2000.

فالمادة الثامنة تنص على أن جرائم الحرب تشكل انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949 وهي تشمل من جملة أمور : الاعتداءات على الكرامة الشخصية، وبخاصة المعاملة المهينة والمذلة وارتكاب الاغتصاب والعبودية الجنسية والدعارة القسرية والحمل القسري،45 والتعقيم القسري وأي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي الذي يشكل أيضاً انتهاكاً جسيماً لاتفاقيات جنيف.

وتنص المادة السابعة على أنه عند ارتكاب التعذيب46 والاغتصاب والعبودية الجنسية والدعارة القسرية والحمل القسري والتعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي من درجة الخطورة ذاتها في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، فإنها تشكل جرائم ضد الإنسانية.

ووفقاً لنظام روما الأساسي، فإن أفعال الإبادة يجب أن "ترتكب بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كلياً أو جزئياً." وتشمل أفعال الإبادة قتل أعضاء المجموعة والتسبب بأذى بدني أو عقلي خطير لأفراد المجموعة؛ وتعمد فرض أحوال معيشية على المجموعة بقصد تدميرها الفعلي كلياً أو جزئياً؛ وفرض إجراءات يقصد بها منع الإنجاب ضمن المجموعة؛ ونقل أطفال المجموعة قسراً إلى مجموعة أخرى، حيث ترتكب هذه الأفعال بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية.

وفي قضية تاديتش، قضت هيئة المحاكمة التابعة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة أن إلحاق الأذى الجسدي والجنسي بالسجناء في المعسكرات وصل إلى حد انتهاكات لقوانين الحرب وعاداتها/معاملة قاسية. وقضت الهيئة أن المعاملة القاسية تشمل الأفعال اللاإنسانية التي تسبب "أذى لإنسان على صعيد سلامته البدنية أو العقلية أو صحته أو كرامته الإنسانية" ووفقاً للمحكمة، فإن الأفعال التي ترتكب في إطار هجوم واسع موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين "قصد منه المتهمون لأسباب قائمة على التمييز إلحاق أذى شديد بالسلامة البدنية للضحايا وكرامتهم الإنسانية" تصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية.47 ووفقاً لهيئة المحاكمة، فإن أي شخص "بمن فيه الأفراد والجهات غير التابعة للدولة والمشاركون بدرجة متدنية – يمكن أن يدانوا بالمساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم العنف الجسدي والعقلي والجنسي من خلال المشاركة المتواصلة وعن معرفة في هذه الجرائم أو التشجيع الضمني لها.48

وفي قضية أكايسو، عرَّفت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا الاغتصاب بعبارات واسعة جداً، موضحةً أن الاغتصاب هو جريمة ضد الإنسانية بمساواته بالتعذيب، وعرفت هذه المحكمة الاغتصاب بأنه "هتك جسدي له طبيعة جنسية يُرتكب ضد شخص في ظروف إكراهية".49 وأكد القضاة أن الاغتصاب، عند ارتكابه من جانب موظف عمومي أو شخص آخر يعمل بصفة رسمية أو بتحريض بموافقة أو بسكوت منه يشكل تعذيباً.50 وعلاوة على ذلك، عرَّفت الهيئة العنف الجنسي بأنه "أي فعل له طبيعة جنسية يُرتكب ضد شخص في ظروف تتسم بالإكراه"51 ويمكن للإكراه أن يكون القوة الجسدية فضلاً عن التهديدات أو التخويف أو الابتزاز أو أي شكل آخر من أشكال الضغط.52 وخلصت الهيئة إلى أن العنف الجنسي بشكل "أذى جسدياً أو عقلياً خطيراً" قد يصل في هذه الظروف إلى حد الإبادة.53 وتبين أن العنف الجنسي في قضية أكايسو يشكل جزءاً لا يتجزأ من الإبادة التي حدثت في رواندا. ووفقاً لهيئة المحاكمة "شكلت (جرائم الاغتصاب) إبادة جماعية بالطريقة ذاتها التي يشكلها أي فعل آخر طالما أنها ارتكبت بقصد محدد للتدمير، الكلي أو الجزئي، لجماعة معينة مستهدفة بحد ذاتها".54

7. الخلاصة
يُشكل الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان؛ وفي النـزاع الدائر في دارفور، تُستخدم أساساً ضد النساء والفتيات. وتشير الشهادات التي جمعتها منظمة العفو الدولية إلى استخدام الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي كسلاح في الحرب بدارفور لإذلال النساء ومجتمعاتهن ومعاقبتها والسيطرة عليها وبث الرعب في صدورها وتهجيرها. وليس الاغتصاب وغيره من الأشكال الأخرى للعنف الجنسي في دارفور مجرد نتيجة للنـزاع أو لسلوك جنود غير انضباطيين.

وتشير بعض الشهادات إلى أن اغتصاب النساء حدث خلال ’مداهمات‘ سبقت الهجمات التي شنت على القرى أو على الطرق أو في الأدغال خلال الهرب. وربما استخدم لترويع السكان المحليين، أو كتحذير أو تهديد لتشجيع تهجيرهم. وتوحي أقوال الناجيات من العنف الجنسي والتي جمعتها منظمة العفو الدولية بأن أحد دوافع المهاجمين هو إذلال "أعدائهم"؛ وفي حالات عديدة، تحدثت النساء اللواتي اغتُصبن أو شهدن الاغتصاب عن استخدام الجنجويد أو النساء اللواتي كن بصحبتهم لغة الشتائم والأغاني المهينة بقصد واضح هو إذلالهن. وتحديداً ذكرت النساء اللواتي اختطفن واغتصبن توجيه الشتائم إليهن وتسميتهن بزوجات "تورا بورا". ويبدو أنه اسم يستخدمه الجنجويد والقوات الحكومية لوصف المتمردين المسلحين، لكنه يُستخدم بلا تمييز ضد جميع القرويين والأشخاص الذين يهاجمهم الجنجويد. وتورا بورا هي سلسلة جبال تقع في أفغانستان نفذت فيها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة عمليات ضد مقاتلي طالبان والقاعدة. والاعتداء الجنسي الذي يمثله الاغتصاب قد يُقصد به أيضاً التعبير عن هيمنة المهاجمين الذكور على النساء.

وفي الإطار الاجتماعي لدارفور، يعتبر الاغتصاب من المحرمات الثقافية على نطاق واسع وهذا ما تدركه كافة الجماعات. ويعرف الجنجويد، عبر اغتصاب النساء وإيذائهن، الآثار المترتبة ليس فقط على النساء أنفسهن، في المديين القريب والبعيد، بل أيضاً على مجتمعاتهن ككل. والعنف الممارس في العلن، مثل اغتصاب النساء أمام أقربائهن أو مجتمعهن أو عمليات الاغتصاب الجماعية، تشير إلى محاولة لإذلال النساء والرجال على السواء. ويتم إذلال الرجال عبر عجزهم عن "حماية" النساء من هذا العنف.

وتشير إحدى الشهادات إلى أن الجنجويد قتلوا امرأة حاملاً لأنها تحمل طفل "عدو" (الصفحة 14). وفي هذه القضية بالذات، بدا أن المرأة قُتلت لأنها كانت ترمز إلى المجتمع "المعادي" والقدرة الإنجابية لمجتمعها.

وليس ممكناً في هذه المرحلة تقدير عدد النساء اللواتي اغتصبن و/أو اختطفن وكم عدد حالات الحمل الناجمة عن عمليات الاغتصاب هذه. لكن، نظراً للعدد المرتفع لحالات الاغتصاب في الأنباء التي تناقلها نشطاء حقوق الإنسان والصحفيون55 والتفاصيل التي أعطوها حول هذه الحالات، يمكن الاستنتاج بأن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في دارفور كانت واسعة النطاق وأحياناً منهجية. وهي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وغالباً ما رافقت الشتائم العنصرية العنف الجنسي وفقاً للشهادات التي جمعتها منظمة العفو الدولية. وهذا يوحي بأن النساء استُهدفن بأعمال العنف ليس فقط بسبب جنسهن، بل أيضاً لأنهن ينتمين إلى حماية عرقية معينة. وفي بعض الحالات، تعرضت نساء معينات للاغتصاب المتكرر، وأخريات للاغتصاب الجماعي. وهذا قد يوحي بوجود نية لدى المهاجمين لجعل النساء المنتميات إلى جماعات عرقية معينة يحملن سفاحاً. وقد اغتُصبت بعض النساء بصورة متكررة أو جماعية أثناء احتجازهن في معسكرات الجنجويد؛ بينما أرغم بعضهن على طهي الطعام لمحتجزيهم، وأصيبت أخريات بكسور في أطرافهن في محاولة واضحة لمنعهن من الهرب. ووُصفت مخيمات المهجرين داخلياً المقامة خارج القرى الكبيرة أو البلدات في دارفور بأنها "سجون فعلية". وقد توحي هذه الأفعال بأن الجنجويد حاولوا حصر النساء اللواتي حملن منهم قسراً عبر الاغتصاب في مكان محدد. ولا تملك منظمة العفو الدولية في الوقت الراهن أدلة كافية لإثبات هذه النية ولا للقول ما إذا كان ذلك واسع النطاق أو منهجياً. بيد أن مرتكبي الاغتصاب يجب أن يتوقعوا بأن يؤدي الاغتصاب إلى الحمل، ولأن العديد من الجناة ينتمون إلى المجتمع ذاته الذي ينتمي إليه الأشخاص الذين أقدموا هم على مهاجمتهم، فلا يمكنهم أن يتجاهلوا وصمة العار الاجتماعية المصاحبة للناجيات من الاغتصاب، والأطفال الذين وُلدوا نتيجة الاغتصاب والعواقب الاجتماعية والنفسية المترتبة على المجتمعات التي تنتمي إليها الضحايا.

إن الطبيعة المروعة للعنف المرتكب ضد جماعات بأكملها في دارفور ونطاقه يبدو أنهما شكل من أشكال العقاب الجماعي لشعب حمل أبناؤه السلاح ضد الحكومة المركزية. وقد يُفسر بأنه تحذير لجماعات ومناطق أخرى مما يمكن أن يحدث للسكان المحليين إذا ما قررت بعض الجماعات التمرد على الخرطوم. ووصفت منظمة العفو الدولية الانتهاكات الهائلة والمنهجية لحقوق الإنسان المرتكبة في دارفور بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ورغم أن بعض انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت يمكن تفسيرها كأفعال استهدفت القضاء على جماعات عرقية، إلا أن الأدلة ما زالت غير قاطعة. ويبدو أن التدمير واسع النطاق للمنازل والقرى مقروناً بالسلب والنهب والتهجير القسري كان يهدف إلى تدمير مصادر الرزق. وكان الاغتصاب واسع النطاق، وعلى الأقل منهجياً في بعض الأحيان (مثلاً خلال الهجمات التي شنها الجنجويد على طويلا في نهاية فبراير/شباط 2004) مع نية محتملة لتدمير البنى الاجتماعية ومجتمع جماعات عرقية محددة. وجرت عمليات إعدام جماعية بإجراءات مقتضبة، مثلاً في كتم وحولها في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2003 وفي دليج في بداية مارس/آذار 2004. وتعتقد منظمة العفو الدولية أنه كانت هناك نية بالتأكيد لإنزال "عقاب" جماعي بالسكان المدنيين، الذين يُتصور أنهم مرتبطون بالجماعات السياسية المسلحة أو لديهم صلات بها. بيد أن المنظمة ليست في وضع يمكنها فيه التأكيد أو الإثبات بأن العقاب كان يهدف إلى تدمير جماعات عرقية محددة. ولا تستطيع منظمة العفو الدولية حتى الآن الاستنتاج بحدوث إبادة جماعية أو أنه كانت هناك "نية للتدمير، الكلي أو الجزئي، لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".

الحاجة لتشكيل لجنة تحقيق دولية
تعتقد منظمة العفو الدولية أن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، فضلاً عن الهجمات واسعة النطاق والمنهجية ضد المدنيين والتهجير القسري الهائل في دارفور تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ونظراً لخطورة وحجم انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في دارفور، تكرر منظمة العفو الدولية الدعوة التي وجهتها في إبريل/نيسان 2003 لتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في هذه الانتهاكات والاتهامات بارتكاب إبادة جماعية وتحديد هوية مرتكبيها، بمن فيهم أولئك الذين ربما أمروا بارتكاب هذه الجرائم، واقتراح طريقة للمقاضاة الفعالة والتعويضات الكاملة، ومن ضمن ذلك رد الحقوق للضحايا والتعويض عليهم. وإضافة إلى ذلك، يجب أن ننظر اللجنة في سبل المباشرة بعملية مصالحة تكون حقوق الإنسان في صلبها، وهي ضرورية لمستقبل دارفور.

8. التوصيات
1.8 إلى الحكومة السودانية
· الوقف الفوري لجميع الهجمات التي تشن ضد المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال.
· التوقف فوراً عن تقديم الدعم للجنجاويد ونزع أسلحتهم وضمان عدم تمكنهم من مهاجمة السكان المدنيين وفقاً لاتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في 8 إبريل/نيسان 2004 والبيان المشترك مع الأمم المتحدة الصادر في 3 يوليو/تموز 2004. 56
· إصدار تعليمات فورية واضحة إلى جميع القوات الخاضعة لإمرتها تفيد بأنه لن يسمح بارتكاب الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، وأنها تشكل جرائم جنائية خطيرة وأنه سيتم التحقيق مع المتهمين بالمسؤولية عن ارتكابها وتقديمهم إلى العدالة.
· ضمان إجراء تحقيقات سريعة وشاملة ومستقلة في مزاعم الاغتصاب والعنف الجنسي اللذين ارتكبهما الجنجويد أو القوات الحكومية أو أفراد الأمن الوطني والمخابرات العسكرية؛ ويجب أن تشمل التحقيقات إصدار الأوامر بارتكاب الاغتصاب أو العنف الجنسي أو التغاضي عنه؛ وينبغي نشر نتائج هذه التحقيقات على الرأي العام؛ ويتعين تقديم المسؤولين عن ارتكابهما إلى العدالة في محاكمات تستوفي المعايير الدولية للعدالة. ويجب حماية سلامة الضحايا والشهود.
· وقف أي فرد من أفراد القوات المسلحة عن الخدمة فوراً في حال الاشتباه في ارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان أو إصداره أوامر بارتكابها، ريثما يتم التحقيق معه.
· ضمان تقديم تعويضات كاملة إلى الضحايا، من ضمنها التعويض المادي ورد الحقوق والتأهيل والرضاء وتقديم الضمانات إلى ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بعدم تكرارها، بما فيها الاغتصاب والعنف الجنسي، وإلى أقرباء الأشخاص الذين قُتلوا بصورة غير قانونية أو "اختفوا".
· اتخاذ خطوات تكفل أمن وحماية الأشخاص المهجرين داخلياً وفقاً للمعايير الدولية ذات الصلة ومن ضمنها المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن التهجير الداخلي وحرية تنقل المدنيين في دارفور وحماية الطبيعة الإنسانية لمستوطنات الأشخاص المهجرين داخلياً. وضمان حرية التنقل لجميع الأشخاص المهجرين داخلياً الذين يرغبون في اللجوء إلى تشاد.
· اتخاذ تدابير فورية وفعالة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع مناطق دارفور دون أي عراقيل.
· اتخاذ تدابير فعالة تسمح بالعودة التطوعية للأشخاص المهجرين داخلياً وللاجئين الذين يختارون بحرية وعن علم العودة إلى ديارهم الأصلية في أوضاع توفر لهم السلامة والكرامة والاحترام الكامل لحقوقهم الإنسانية.
· ضمان دخول مراقبي وقف إطلاق النار التابعين للاتحاد الأفريقي بكل حرية ودون أية عراقيل إلى جميع المناطق في دارفور، بما فيها المناطق المدنية التي استُهدفت خلال النـزاع، واتصالهم بكافة الجماعات في دارفور ودخولهم إلى مراكز الاعتقال الرسمية والسرية.
· السماح بدخول بعثة مستقلة وحيادية تابعة للأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان إلى جميع مناطق دارفور والسودان، بما فيها القرى التي أحرقت والتي لم تحرق ومقابلة كافة الجماعات في دارفور والدخول إلى مراكز الاعتقال الرسمية والسرية.
· الموافقة على تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة والسماح لها بالدخول الكامل لكي تحدد مدى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في دارفور وهوية مرتكبيها وتحقق في طبيعة التسلسل القيادي ومزاعم الإبادة الجماعية.
· التصديق على البروتوكولين الأول والثاني الإضافيين الملحقين باتفاقيات جنيف المؤرخة في العام 1949 ووضعهما موضع التنفيذ دون تأخير.
· التصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي الخاص بحقوق المرأة في أفريقيا والميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهه، وتنفيذها دون تأخير.
· التصديق دون تأخير على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

2.8 إلى الجماعتين السياسيتين المسلحتين في دارفور، جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة
· إصدار تعليمات واضحة إلى جميع المقاتلين الخاضعين لسيطرتهما بعدم ارتكاب الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ضد النساء والفتيات.
· الإعلان على الملأ بأن العنف ضد المرأة غير مقبول، وأن النساء اللواتي يتعرضن لمثل هذا العنف لا يجوز أن يعانين من وصمة العار ويجب أن يحظين بدعم مجتمعاتهن.
· التمسك بالقانون الإنساني الدولي ووقف جميع الهجمات التي تشن ضد المدنيين بصورة مباشرة وبلا تمييز واحتجاز الرهائن.
· ضمان عدم ارتكاب المقاتلين لانتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين والإقالة الفورية لأي مقاتل يشتبه في ارتكابه انتهاكات ضد المدنيين من المنصب الذي يمكنه فيه مواصلة ارتكاب هذه الانتهاكات.
· الالتزام علناً بضمان دخول المنظمات الإنسانية والمراقبين الدوليين لحقوق الإنسان بصورة مأمونة ودون قيود إلى جميع مناطق دارفور.
· الامتناع عن التجنيد القسري للمدنيين وعن الإسهام في عسكرة مخيمات اللاجئين وأماكن الأشخاص المهجرين داخلياً.

3.8 إلى حكومة تشاد
· تقيداً بواجباتها كدولة طرف في اتفاقية العام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين واتفاقية العام 1969 التي تنظم جوانب محددة من مشاكل اللاجئين في أفريقيا، التأكد من تلقي جميع اللاجئين السودانيين في تشاد حماية ومساعدة كافيتين.
· ضمان أمن اللاجئين السودانيين عند الحدود مع السودان، بما في ذلك من خلال مضاعفة الجهود لنقل اللاجئين إلى مناطق أكثر أماناً بعيداً عن الحدود بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
· الامتناع عن وضع أو اتخاذ أية تدابير من شأنها أن تجبر أو ترغم أو تحث اللاجئين على العودة غير التطوعية إلى السودان، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
· التنديد العلني بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها أي طرف في دارفور وتتناهى إلى علمها.

4.8 إلى الاتحاد الأفريقي
· ضمان تلقي مراقبي وقف إطلاق النار التابعين للاتحاد الأفريقي تدريباً كافياً على حقوق الإنسان، بما في ذلك على العنف الجنسي، حتى يتمكنوا من إجراء تحقيقات في جميع الهجمات التي تشن ضد المدنيين والمهجرين داخلياً والإبلاغ عنها، بما فيها الهجمات التي يشنها الجنجويد والقوات المسلحة الحكومية والجماعات المسلحة الأخرى على النساء ونشر النتائج على الرأي العام؛
· شجب جميع حوادث الانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني المعترف بهما دولياً والمرتكبة في دارفور.
· حث الحكومة السودانية على التقيد الكامل بالواجبات المترتبة عليها بموجب القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي والميثاق الأفريقي وجميع الصكوك الإقليمية والدولية الأخرى لحقوق الإنسان ذات الصلة، فضلاً عن التقيد الكامل بالالتزامات المترتبة عليها بموجب اتفاقية وقف إطلاق النار لحماية حقوق الإنسان.
· إقامة تعاون وثيق مع المجتمع الدولي، ومن ضمنه الأمم المتحدة، في جميع الجهود المبذولة لتحقيق السلام والأمن وحماية حقوق الإنسان في دارفور وكسب التأييد لنشر بعثة مراقبة قوية لحقوق الإنسان بتفويض من المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
· إقامة تعاون وثيق مع اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (اللجنة الأفريقية) وسواها من الهيئات الأفريقية ذات الصلة لوضع حد للإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي وضمان الحماية الفعالة لجميع حقوق الإنسان في دارفور. وبشكل خاص تشجيع اللجنة الأفريقية على إرسال بعثة لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في دارفور، كما تم الاتفاق على ذلك في القرار الصادر في 25 مايو/أيار 2004 عن مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، وضمان نشر النتائج والتوصيات التي تتوصل إليها على الملأ.

5.8 إلى مجلس الأمن الدولي
اعتماد قرار حول السودان :
· يدين جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في دارفور؛
· يكفل حماية المدنيين، فمن فيهم الأشخاص المهجرون داخلياً في دارفور؛
· ينشر مراقبين لحقوق الإنسان بأعداد كافية ومزودين بإمكانيات كافية مع منحهم صلاحيات واضحة للتحقيق في الانتهاكات الحالية لحقوق الإنسان في دارفور ومراقبة حماية المدنيين بشكل خاص في مخيمات الأشخاص المهجرين داخلياً، ونشر النتائج التي يتوصلون إليها والتوصيات التي يقدمونها على الملأ. والتأكد من تمتع مراقبي حقوق الإنسان بخبرة في النوع الاجتماعي ومن الإبلاغ علناً عن جميع مزاعم العنف المرتكب ضد المرأة؛
· دعم اتخاذ تدابير تكفل تقديم جميع المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة؛
· تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وحيادية دون تأخير لتحديد مدى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي المرتكبة في دارفور وتحديد هوية مرتكبيها والتحقيق في طبيعة التسلسل القيادي ومزاعم الإبادة الجماعية. ويجب أن توصي لجنة التحقيق بالأساليب اللازمة للمساءلة القانونية للأشخاص المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
· إصدار أمر بوقف عمليات نقل المعدات أو الأسلحة أو الأفراد أو التدريب العسكري والأمني والشرطي إلى الحكومة السودانية وجميع أطراف النـزاع والتي يحتمل أن تستخدم لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في السودان. ويجب أن يشمل هذا التدبير آلية قوية للمراقبة يمكن أن تقوم من جملة أمور بإجراء تحقيقات في الانتهاكات المحتملة لوقف عمليات نقل الأسلحة وبرفع تقارير دورية حول النتائج التي تتوصل إليها.


6.8 إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة
· الإسهام بما يكفي من التمويل والأفراد والمعدات في بعثة مراقبي وقف إطلاق النار التابعة للاتحاد الأفريقي.
· التنديد الشديد بالانتهاكات الجسيمة لحقوق المرأة والانتهاكات الأخرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في دارفور والإلحاح على مساءلة الجناة.
· وفقاً لمبادئ المسؤولية الدولية وتقاسم الأعباء، تقديم جميع المساعدات المالية والمادية الضرورية إلى الحكومة التشادية لمساعدتها في الوفاء بواجباتها في توفير الحماية الفعالة للاجئين السودانيين الموجودين في أراضيها. وينبغي على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التأكد من تزويد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وغيرها من الهيئات التي تقدم الحماية والمساعدة إلى اللاجئين في تشاد وللأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور بما يكفي من الموارد لممارسة صلاحياتها، بما في ذلك من خلال إقامة مخيمات إضافية للاجئين.
· تقديم رعاية خاصة وإيلاء عناية للجماعات المعرضة للانتهاكات في صفوف المهجرين، مثل النساء والأطفال، وضمان توفير الإرشادات الطبية والنفسية إلى ضحايا الاغتصاب وسوى ذلك من أشكال العنف الجنسي والتعذيب وتلبية الاحتياجات التعليمية لأطفال اللاجئين.
· وبوجه خاص، تقديم دعم مالي طويل الأجل للنساء الناجيات من العنف عن طريق الخدمات القانونية والاقتصادية والنفسية وخدمات الصحة الإنجابية، كجزء أساسي وضروري من المساعدات الطارئة وعملية إعادة البناء في مرحلة ما بعد النـزاع.
· شجب أية محاولة، مباشرة كانت أم غير مباشرة، لتقويض المبدأ الأساسي لعدم الإعادة القسرية.
· في الوقت الذي يحدث فيه تغيير جوهري ودائم وفعال في الأماكن الأصلية للاجئين والمهجرين داخلياً، تقديم مساعدة لجميع الذين يقررون طواعية وبحرية وباختيارهم من أجل عودتهم المستدامة في أوضاع توفر لهم الأمن والكرامة، إلى ديارهم وأراضيهم الأصلية.
· زيادة الضغط الدبلوماسي على الحكومة السودانية للوفاء فوراً بالالتزامات المترتبة عليها لحماية حقوق الإنسان بموجب اتفاقية وقف إطلاق النار والبيان المشترك الصادر مع الأمم المتحدة، ووضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في دارفور والتفاوض على تسوية سياسية في منطقة دارفور تكون حقوق الإنسان في صلبها.
· الإلحاح على منح الأمم المتحدة تفويضاً قوياً لمراقبة حقوق الإنسان في درافور وجميع مناطق السودان. والإلحاح على تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة وحيادية لتحديد مدى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي المرتكبة في دارفور وتحديد هوية الجناة والتحقيق في طبيعة التسلسل القيادي ومزاعم الإبادة الجماعية.
· وقف عمليات نقل المعدات أو الأسلحة أو الأفراد أو التدريب العسكري والأمني والشرطي إلى الحكومة السودانية وجميع أطراف النـزاع والتي يحتمل أن تُستخدم في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في السودان.

7.8 إلى وسطاء عملية السلام بين شمال وجنوب السودان
· الإلحاح على الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان للتأكد من أن تتضمن بعثة حفظ السلام المستقبلية التابعة للأمم المتحدة في السودان صلاحيات قوية لمراقبة حقوق الإنسان يجب أن تشمل الخبرة في العنف القائم على النوع الاجتماعي وحقوق المرأة.
· التأكد من ضمان جميع حقوق المرأة المعترف بها دولياً والمساءلة القانونية عن جميع أشكال العنف الجنسي في تنفيذ اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب وفي الدستور السوداني المستقبلي.
· ضمان عدم منح حصانة من العقاب لأولئك المسؤولين عن ارتكاب العنف الجنسي وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية واسعة النطاق في النـزاعات السودانية.
· زيادة الضغط الدبلوماسي على كلا الطرفين لضمان تصديق الحكومة الجديدة، التي تُقتسم فيها السلطة والتي ستُشكل، على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والبروتوكولين الأول والثاني الإضافيين الملحقين باتفاقيات جنيف للعام 1949 واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتطبيقها دون تأخير كأحد الإجراءات الأولية التي تتخذها. وسيشكل ذلك دلالة للشعب السوداني على أن الانتهاكات الفظيعة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي وقعت طوال السنوات العشرين الماضية لم تعد مقبولة.

8.8 إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة
· العمل مع الحكومة التشادية على نقل جميع اللاجئين السودانيين الموجودين حالياً عند الحدود السودانية – التشادية إلى مخيمات تقع على مسافة 50 كيلومتراً على الأقل من الحدود. ووضع آلية لمراقبة إمكانية وصول لاجئين جدد إلى الحدود، وبخاصة خلال موسم الأمطار؛
· ضمان توفير حماية ومساعدة كافيتين لأي لاجئين يظلون عند الحدود، بما ي ذلك ما يكفي من الطعام والماء والمعونات الطبية خلال فصل الأمطار؛
· ضمان توفير الحماية والمساعدة الكافيتين لجميع اللاجئين الآخرين غير الموجودين حالياً في مخيمات اللاجئين، بمن فيهم اللاجئون الموجودون في المراكز الحضرية.
· مراقبة اللاجئين في تشاد والأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور وتوفير الحماية لهم، وبخاصة عبر توفير عدد كافٍ من موظفي الحماية المتخصصة. وضمان تمتع هؤلاء الموظفين بخبرة في النوع الاجتماعي وتكليفهم بإيلاء اهتمام خاص بالاحتياجات المحددة للحماية اللازمة للجماعات المعرضة للانتهاك، ولاسيما النساء والأطفال.
· توفير رعاية خاصة وإيلاء اهتمام بالجماعات المعرضة للانتهاك في صفوف اللاجئين، مثل النساء والأطفال، وضمان توفير الإرشادات الطبية والنفسية إلى ضحايا الاغتصاب وغير ذلك من أشكال العنف الجنسي والتعذيب وتلبية الاحتياجات التعليمية لأطفال اللاجئين.

9.8 إلى الهيئات الإنسانية
· تقديم كافة المعدات الصحية الضرورية للنساء والفتيات في جميع مخيمات اللاجئين في تشاد ومستوطنات المهجرين داخلياً في دارفور.
· تقديم العلاج الفوري من الأمراض المعدية جنسياً والاستشارات الطبية السابقة للحمل إلى الناجيات من الاغتصاب لحماية صحة النساء.
· إيلاء اهتمام خاص بفيروس نقص المناعة المكتسب/مرض الإيدز في التقييمات الطارئة، لضمان إعطاء الأولوية للتدابير الوقائية الفورية والمناسبة من فيروس نقص المناعة المكتسب؛ وتقديم الرعاية والدعم إلى أي شخص قد يكون مصاباً بفيروس نقص المناعة المكتسب/مرض الإيدز وإلى أطفاله. ويجب إيلاء اهتمام خاص بالنساء المعرضات للانتهاك بشكل خاص مثل النساء المهجرات والمراهقين والفتيات والأخصائيين الجنسيين.
· تقديم دعم نفسي وخدمات الصحة الإنجابية من أجل النساء المتأثرات بالنـزاع، كجزء لا يتجزأ من المساعدة الطارئة. ويجب إيلاء اهتمام خاص بأولئك الذين تعرضوا للعنف البدني والجنسي والصدمات الأليمة والتعذيب. ويجب على جميع الهيئات التي تقدم الدعم الصحي والخدمات الاجتماعية أن تدرج الإرشادات والإحالات النفسية ضمن مهامها.
· إيلاء اهتمام خاص بتقديم إمدادات غذائية كافية إلى النساء والفتيات والعائلات المهجرة والمتضررة من الحرب لحماية الصحة ولمنع الاستغلال الجنسي للنساء والفتيات. وينبغي على المفوضية العليا للاجئين وغيرها من هيئات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة أن تعزز إمكانيات مراقبة تأثير النوع الاجتماعي على توزيع الأغذية، وضمان وجود عدد كاف من العاملات الإناث في صفوف الموظفين الذين يوزعون الأغذية.
· إبداء اهتمام خاص بالأطفال المولودين نتيجة الاغتصاب، ويجب تقديم الدعم إلى الأم لضمان عدم إلصاق العائلة أو المجتمع وصمة عار بالطفل أو الأم.
· إبداء اهتمام بتمثيل النوع الاجتماعي في هيئات صنع القرار في المخيمات وضمان سماع أصوات النساء واحتياجاتهن الخاصة.