رقم الوثيقة : AFR 54/101/2004

25 أغسطس/آب 2004


السودان:التخويف والإنكار-
الاعتداءات على حرية التعبير في دارفور

ملخص


خلقت الانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت في سياق النـزاع الدائر منذ ستة عشر شهراً في دارفور بغرب السودان، إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وأدت الهجمات التي شنتها الميليشيات المدعومة من الحكومة والقوات الحكومية على القرى المدنية إلى تهجير ما لا يقل عن 1,2 مليون نسمة. وقد أُجبر معظم المهجرين على الانتقال إلى البلدات أو إلى جوارها أو الاختباء في المناطق الريفية في دارفور، وعبر نحو 200,000 مدني الحدود ولجئوا إلى تشاد.

وبينما تعمل المنظمات الإنسانية جاهدة على إنقاذ أرواح المهجرين، فما زال المدنيون محرومين من الحماية إلى حد كبير. ويتعرض المدنيون بشكل متواصل للاعتداء والقتل والنساء للاغتصاب من جانب الميليشيات الحكومية ذاتها التي هجرتهم قسراً والتي تواصل تطويق مخيمات المهجرين.

وتعتدي الحكومة السودانية، التي تتعرض لضغط دولي متزايد، على حرية التعبير من أجل مراقبة المعلومات التي يحتاجها السودانيون، ويجري العالم تقييماً لما إذا كانت الحكومة تفي بالتزاماتها. ويتم تكميم أفواه الصحفيين السودانيين ويواجه الصحفيون الأجانب قيوداً في دارفور. وقد تعرض العشرات من الأشخاص للتخويف والتهديد والاعتقال لأنهم تحدثوا إلى الأجانب والمراقبين. واعتُقل آخرون لأنهم دعوا إلى إحلال السلام في دارفور أو عارضوا العودة إلى المناطق الريفية حيث تسود حالة من انعدام الأمن. وعوضاً عن التركيز على حلول حقيقية لدارفور، تنكر الحكومة السودانية مسؤوليتها عن الأزمة.

ولا يشكل خنق حرية التعبير انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان وحسب؛ ففي السياق الحالي، يعيق أيضاً عمل المراقبين في دارفور، ومن ضمنهم أولئك المكلفون برفع تقارير حول سير الأوضاع إلى مجلس الأمن الدولي. وعلاوة على ذلك، كان انعدام حرية الرأي وما زال أحد أسباب النـزاعات في السودان وعاملاً أسهم في تدهور الوضع في دارفور. ومع ذلك لم يشكل الحق في حرية التعبير جزءا ًمن الالتزامات المتعلقة بوقف إطلاق النار أو محادثات السلام الخاصة بدارفور أو السودان.

وتدعو منظمة العفو الدولية الحكومة السودانية إلى رفع جميع القيود المفروضة على الحق في حرية التعبير والإفراج عن جميع الذين اعتُقلوا لمجرد تعبيرهم عن آرائهم. وينبغي على المجتمع الدولي أن يزيد من مراقبته لانتهاكات حقوق الإنسان في درافور وأن يُدرج الحق في حرية التعبير وحقوق الإنسان بحزم على جدول أعمال السلام في دارفور والسودان. قائمة المحتويات

1. المقدمة 1
2. الخلفية 2
3. الأنباء الواردة من دارفور 3
ممارسة الضغط على السودانيين والصحافة السودانية 4
صعوبة الدخول إلى دارفور والتنقل فيها 6
4. ازدياد الزيارات إلى دارفور، ازدياد الضغط لالتزام الصمت 8
عمليات الاعتقال والتخويف بسبب الجهر بالآراء 8
عمليات التوقيف بسبب التحدث إلى المراقبين 11
5. اعتقال أشخاص لأنهم جهروا بآرائهم ودعوا إلى إيجاد حل سلمي في درافور 13
6. إنكار في الخرطوم 13
نفي مشاركة الحكومة 14
الإفلات من العقاب 15
إنكار حدوث الاغتصاب على نطاق واسع 16
إنكار حصيلة الوفيات 17
الأزمة بوصفها مؤامرة 17
7. المعايير الدولية 17
8. التوصيات 19

 




"حرية المعلومات حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف ومحك لجميع الحريات التي كُرست من أجلها الأمم المتحدة" [القرار 59(1)، الصادر في الدورة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر/كانون الأول 1946].

1. المقدمة
كان ضمان الحق في حرية التعبير غائباً بشكل ملحوظ كأحد مطالب اتفاقيات وقف إطلاق النار ولعب دوراً يكاد لا يذكر في أية التزامات قدمتها الحكومة السودانية إلى الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات الحكومية الدولية خلال العام الماضي. ومع ذلك فإنه بدون تمتع الجميع بالحق في حرية التعبير، سيكون من الصعب مراقبة الالتزامات وسيستحيل إحلال سلام دائم ينطوي على الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.

وحرية التعبير ليست مجرد حق إنساني بحد ذاتها، بل إنها تدافع عن الحقوق الأخرى. وتتيح فضح الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان والتصرف حيالها. وإضافة إلى ذلك، إذا عجز الناس عن مناقشة أفعال الحكومة أو انتقادها، وإذا شعروا بأن أحداً لن يصغي للمشاكل الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو السياسية أو يفعل شيئاً إزاءها، عندئذ قد يلجأ الناس إلى العنف أو الوسائل غير القانونية لتحقيق نتائج. وتتجسد النتائج الحرجة لانعدام حرية التعبير في الملاحظة التي أبداها أحد قادة جيش تحرير السودان، وهو الجماعة المسلحة التي أعقب تأسيسها في فبراير/شباط 2003، تدمير دافور بدعم من الحكومة : "الخرطوم لا تتحدث إلا إلى الذين يحملون السلاح".1

إن مأساة التقاعس عن ضمان حقي حرية التعبير والمعلومات قد خلق أزمة ليس في دارفور وحسب بل أيضاً في السودان ككل.

وقدمت الحكومة السودانية التزامات، بما في ذلك في وقف إطلاق النار الإنساني الذي تم التوصل إليه في 8 إبريل/نيسان وفي البيان المشترك الصادر عن الحكومة السودانية والأمم المتحدة في 3 يوليو/تموز 2004. وقد استُكملت الآن، بعد تأخير طويل، عملية نشر مراقبين تابعين للاتحاد الأفريقي وإنشاء مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان. لكن السلطات السودانية غالباً ما اتخذت إجراءات ضد الذين يبلغون عن انتهاكات حقوق الإنسان وليس ضد الجناة المزعومين. فإذا تمت مضايقة أولئك الذين يتحدثون إلى وسائل الإعلام والمندوبين الأجانب والمراقبين أو تخويفهم أو حتى إلقاء القبض عليهم من جانب السلطات السودانية، يصبح من الصعب مراقبة ما يجري فعلاً في دارفور.

جهر الآلاف بآرائهم وتحدثوا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي أدت إلى نشوء الأزمة الحقوقية والإنسانية في دارفور. لكن الآلاف يشعرون بالخوف من الجهر بآرائهم وجرى تخويف العشرات من السودانيين والقرويين والمهجرين والصحفيين والمترجمين والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان ومضايقتهم وحتى سجنهم. ويتم تكميم أفواه الصحفيين السودانيين، بينما يُسمح للمنظمات الإنسانية والصحفيين والبعثات بمشاهدة معركة دارفور على خلفية قيود أمنية مضنية. وقد منع قمع حرية التعبير والمعلومات أغلبية السودانيين من فهم ما يجري في دارفور أو مناقشة الحلول التي قد تجلب السلام إلى الإقليم.

وسيواصل سكان دارفور الجهر بآرائهم، رغم المخاطر الملازمة لذلك، بسبب الشعور بأنهم ليس لديهم ما يخسروه. ومع ذلك تبدو الحكومة عازمة على تنفيذ مخطط قمعي، عوضاً عن إيجاد حلول حقيقية في دارفور يمكن أن تخفف من الضغط الذي تتعرض له.

وفي 30 يوليو/تموز، اعتمد مجلس الأمن الدولي قراراً نص على وقف إرسال شحنات الأسلحة إلى "الهيئات والأفراد غير التابعين للحكومة بمن فيهم الجنجويد وحدد موعداً نهائياً قوامه 30 يوماً لكي يقدم الأمين العام تقريراً حول التقدم المحقق إلى الأمم المتحدة بشأن التزامات الحكومة بما فيها التزاماتها بنـزع سلاح الجنجويد وإخراجهم من المخيمات. ومن أجل سكان دارفور، من المهم أن تفي الحكومة السودانية بالالتزامات التي قطعتها. إذ لا يمكن وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان إذا لم يتم تسجيلها.

وفي هذا التقرير، تصف منظمة العفو الدولية تخويف واعتقال أولئك الذين يجهرون بآرائهم ويواصلون الحديث علناً ويدعون إلى احترام حقي حرية التعبير والمعلومات وتكريسهما في كل محادثات والتزامات السلام المستقبلية الخاصة بالسودان.

2. خلفية
نجمت الأزمة القائمة في دارفور عن نزاع معقد دار بوتيرة متدنية بين البدو الرحل والمزارعين المستقرين في دارفور طوال عقود من الزمن، لكن الحكومة السودانية فشلت في تسويته. وفي فبراير/شباط 2003، شُكلت جماعة مسلحة تُطلق على نفسها اسم جيش تحرير السودان؛ وبعد بضعة شهور، شُكلت أيضاً حركة العدالة والمساواة التي لها صلات بالمؤتمر الشعبي الإسلامي المعارض في الخرطوم. وفي نهاية مارس/آذار 2003، قالت الحكومة إنها ستتخلى عن محاولات المصالحة وتستخدم القوة لوضع حد للنـزاع. وبعد هجوم شنه جيش تحرير السودان على مطار الفاشر في نهاية إبريل/نيسان 2003، أطلقت الحكومة يد جماعات الميليشيا البدوية التي كانت قائمة أصلاً في مهاجمة قرى السكان المزارعين، ومعظمهم من الفور والمساليت والزغاوى، والذين شكل بعض أبنائهم الأعضاء الرئيسيين في الجماعات المسلحة. والميليشيا التي تعرف سلبياً بالجنجويد (الخيالة المسلحين) أو إيجابياً بالفرسان، يصحبها عادة في هجماتها على القرى الجيش السوداني وقد أُدمجت بشكل متزايد في القوات المسلحة السودانية كقوات شبه عسكرية. كما أن سلاح الجو السوداني يستخدم طائرات الأنطونوف والمروحيات الحربية وكذلك طائرات الميغ كما ورد لقصف القرى وقتل المدنيين.

واليوم يزداد انعدام حماية المدنيين والمهجرين حدة. وما زالت عمليات القصف الحكومية تحدث، وكذلك الاعتداءات على المدنيين وقتلهم واغتصاب النساء والفتيات في المناطق الريفية، وكذلك بجوار مخيمات المهجرين. وما زال الجنجويد يحاصرون العديد من مخيمات المهجرين ويرتدون زي الجيش أو زي قوات الدفاع الشعبي شبه العسكرية، ويدخلون إلى بلدات، مثل كبكبية والجنينة، تغص بالمهجرين. كما تنشر الحكومة السودانية قوات شرطة في دارفور، كإجراء تقول إنه سيعيد الأمن. بيد أن انعدام ثقة السكان المحليين بأية قوات حكومية والأنباء التي تتحدث عن إيذاء الشرطة للمهجرين داخلياً أو استخدامها لحضهم على العودة إلى قراهم تقوض مصداقية مثل هذه الخطوة. ويظل الجنجويد والجنود الحكوميون يفلتون كلياً من العقاب على الانتهاكات المتواصلة التي يرتكبونها ضد المدنيين.

وتشكل انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور، بما فيها عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والقتل العمد للمدنيين والاغتصاب واسع النطاق والتهجير القسري المنهجي للمدنيين انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

كذلك ورد أن انتهاكات حقوق الإنسان قد ارتُكبت من جانب الجماعات المعارضة المسلحة، لكن أنباء قتل المدنيين واغتصابهم على أيدي جيش تحرير السودان أو حركة العدالة والمساواة تبدو قليلة قياساً بالانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان التي يرتكبها الجنجويد وجنود الحكومة السودانية دون أن ينالوا عقابهم.2

3. الأنباء الواردة من دارفور
تفاقمت الأزمة القائمة في دارفور بسبب قمع الحق في حرية التعبير في دارفور وسائر أنحاء السودان؛ ومنع حرية الانتقال إلى دارفور وبداخلها، ليس في وجه الأجانب وحسب، بل أيضاً في وجه السودانيين؛ وخنق الحق في حرية تأليف الجمعيات.

ولو وصلت أنباء الأزمة المتصاعدة إلى سائر أنحاء العالم في فترة أبكر وجرى تقييمها بشكل صحيح، لكانت اتُخذت إجراءات كافية من قبل.

والذين تابعوا الموقف كانوا يعرفون ما يحدث – فقد أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريراً في يونيو/حزيران 2003، بعنوان حروب السودان الأخرى3، وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانات صحفية وتحركات عاجلة طوال العام 2003 بلغت ذروتها في تقرير صدر في فبراير/شباط 2004 تحت عنوان، السودان : دارفور : مقتل عدد كبير جداً من الناس بلا داعٍ4 – لكن لم يتم بشكل متسق إيلاء اهتمام يُذكر بهم.

وفي الوقت ذاته، تحدثت بضع منظمات إنسانية غير سودانية كانت تعمل في دارفور عن الأزمة الإنسانية التي تواجهها المنطقة عادة بدون التشديد على دعم الحكومة للهجمات التي تسببت بالأزمة، ربما لأنها كانت تخشى من ممارسة الحكومة ضغطاً عليها وفرض قيود على أنشطتها أو حتى طردها من السودان.

ممارسة الضغط على السودانيين والصحافة السودانية
بسبب ملكية الحكومة للقنوات الإعلامية والرقابة الحكومية الصارمة على الصحافة السودانية، لم يتوافر إلا قدر قليل من الأنباء داخل السودان حول الأزمة المتصاعدة في دارفور. ورغم أن الحكومة ألغت الرقابة الرسمية على الصحف في ديسمبر/كانون الأول 2001، إلا أن الرقابة الفعلية من جانب الأمن الوطني مستمرة. والصحف المحلية ذات الملكية الخاصة تتعرض هي نفسها للتهديد المستمر بفرض غرامات عليها مثل تعليق صدورها أو مصادرة أعدادها. ويقول بعض أصحاب الصحف إنهم يفضلون رقابة مسبقة مكشوفة على مصادرة أعداد الصحيفة لأنه من شأنها التسبب بخسارة مالية فادحة. وربما ساعد إلقاء القبض على صحفي في بداية الأزمة، في مايو/أيار 2003 وتعذيبه، على تخويف الآخرين.

· قبض على يوسف البشير موسى، مراسل جريدة الصحافة التي تصدر في الخرطوم الموجود في نيالا، في نيالا بدارفور على يد الأمن الوطني في 3 مايو/أيار 2003، وتعرض للضرب المبرح ووُجهت إليه تهم بموجب قانون الطوارئ للعام 1998، بعد أن كتب مقالاً حول الهجوم الذي شنه جيش تحرير السودان على مطار الفاشر. وأُخلي سبيله في 24 مايو/أيار. ورغم الشكاوى التي قُدمت للشرطة حول تعذيبه، لم يُقدَّم أحد إلى العدالة.
· قبض على إبراهيم يوسف إسحاق، وهو محام، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2003 لمرافقته صحفيين يعملان في جريدتي الصحافة وأخبار اليوم على التوالي لمشاهدة سينغيتا، وهي قرية أُحرقت في دارفور. وظل رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي في نيالا حتى مارس/آذار 2004، بينما اضطر الصحفيان إلى الحضور يومياً إلى مقر الأمن الوطني طوال شهرين.

ونتيجة للقيود الحكومية لم تشر الصحف السودانية إلى الأزمة القائمة في دارفور إلا بحذر شديد. وحتى الآن، أي في أغسطس/آب 2004، وفي الوقت الذي تتحدث فيه وسائل الإعلام حول العالم عن الأزمة في دارفور، لا يعرف السوداني المقيم في الخرطوم أو في أماكن أخرى تقع خارج منطقتي دارفور وكوردوفان الغربيتين ما يجري في دارفور. وكما قال محام سوداني لمنظمة العفو الدولية :

"إحدى المشاكل هي غياب المعلومات في الخرطوم حول النـزاع. فالناس في الخرطوم لا يعرفون ماذا يجري في دارفور. وتقول الحكومة في التلفزيون والإذاعة إن كل شيء يسير على ما يرام في دارفور وأن الناس تتلقى مساعدات وأن الوضع تحت السيطرة. ولن ترى الحقيقة، إلا إذا حصلت على المصادر الأخرى على شبكة الإنترنت أو في المحطات التلفزيونية الفضائية."

ولا يستطيع مشاهدة المحطات التلفزيونية الفضائية إلا الأثرياء ولا يستخدم عدد كبير من الناس شبكة الإنترنت في السودان. وتعتمد أغلبية السودانيين على محطات التلفزة والإذاعة التي تملكها الحكومة السودانية (صوت السودان)، وتظل الجزيرة، وهي القناة التلفزيونية العربية المستقلة التي يقع مقرها في قطر، أحد المصادر المستقلة الرئيسية للمعلومات حول دارفور للناطقين بالعربية في السودان، لكن تم إغلاق مكتبها في الخرطوم في ديسمبر/كانون الأول 2003.

·  قُبض على إسلام صالح بلو مدير مكتب الجزيرة في 17 ديسمبر/كانون الأول 2003. واعتُقل لمدة ستة أيام. ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، اتُهمت الجزيرة ببث العديد من البرامج "الحافلة بالمعلومات الكاذبة والتحليلات الرديئة المتحيزة؛" وتتعلق التهمة بأنباء حول انتشار داء الدرن (السل) وضحايا الألغام الأرضية في دارفور. وأضافت هيئة الأمن الوطني أن المكتب "لن يُعاد فتحه إلا بعد أن يتخذ المقر الرئيسي للقناة خطوات لتصحيح الأخطاء وتسوية نواحي القصور وتعيين أشخاص مسؤولين في المكتب يمكنهم أداء رسالة القناة بطريقة محايدة ومهنية." وما زال المكتب مغلقاً.

·  Sudanese online (http://www.sudaneseonline.com/) يشكل منتدى حراً للمناقشة في شبكة الإنترنت وكان أحد المنابر القليلة للمناقشات الحرة بين السودانيين، وبخاصة فيما يتعلق بقضايا لها صلة بالسودان، لاسيما أزمة دارفور. وفي يوليو/تموز 2004 أغلقت الحكومة هذا المنبر لفترة وجيزة.

والذين لديهم أصدقاء أو زملاء من دارفور قد يكونون أكثر اطلاعاً على حقائق الأزمة، لكنهم قلة. وفي الجامعات، التي تضم طلاباً من جميع أنحاء السودان، يلتقي الطلاب من مختلف مناطق السودان وهم أكثر علماً بما يجري. ولكن عندما حاول الطلاب عقد اجتماعات أو القيام بمظاهرات بشأن أزمة دارفور، غالباً ما تعرضوا للمضايقة أو حتى الاعتقال نتيجة لذلك.

·  في 30 يونيو/حزيران 2004، نظم طلبة دارفور في جامعات الخرطوم مسيرة لتقديم رسالة حول دارفور إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في مقر الأمم المتحدة بالخرطوم. وأوقفت الشرطة المسيرة ووقعت مصادمات عنيفة ورد أن بعض الطلاب تعرضوا خلالها للضرب. عندئذ انضم طلاب اتحاد طلبة جامعات الخرطوم إلى مظاهرة احتجاجية، وألقت الشرطة القبض على 60 طالباً، مستخدمة العنف في بعض الحالات، ومن ضمنهم إبراهيم عبد الوهاب، أمير سر الإعلام في الاتحاد المذكور، والرئيس السابق للاتحاد محمد حسين الطعيشي. وبعد مفاوضات بين اتحادات الطلبة والشرطة وإحدى منظمات حقوق الإنسان، أُفرج عن جميع الطلاب المعتقلين في المساء.

كذلك بعثت الاعتقالات والقيود المفروضة على أبناء المجتمع المدني السوداني والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان برسالة إلى المنظمات السودانية مفادها أنها يمكن أن تدفع ثمناً باهظاً إذا تحدثت عن حقوق الإنسان في دارفور أو عملت من أجلها.

·  أمضى الدكتور مداوي إبراهيم آدم، مدير منظمة التنمية السودانية أكثر من ستة أشهر رهن الاعتقال ووُجهت إليه تهم بموجب مواد تنص على عقوبة الإعدام قبل إسقاط جميع التهم المنسوبة إليه في 7 أغسطس/آب 2004. وكان قد قُبض عليه في ديسمبر/كانون الأول 2003 بعد زيارة قام بها إلى دارفور حيث قدمت المنظمة السودانية للتنمية بنوداً غير غذائية إلى السكان واتهمتها السلطات السودانية بتزويد الأجانب بمعلومات؛ وفي قائمة الأدلة المتوافرة ضده أُدرجت الوثائق العامة لمنظمة العفو الدولية.

·  اعتُقل موظف آخر في المنظمة السودانية للتنمية هو عثمان آدم عبد المولى بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 13 يوماً في مايو/أيار 2004 بينما كان متوجهاً من نيالا إلى زالينغي في دارفور. وبعد إطلاق سراحه، لم يُسمح له بمغادرة نيالا طوال عدة أسابيع.

·  يظل صالح محمود عثمان، وهو محام لحقوق الإنسان معروف جداً، رهن الاعتقال بدون محاكمة في سجن كوبر بشمال الخرطوم بعد مضي أكثر من ستة أشهر على اعتقاله في 1 فبراير/شباط 2004. ولم توجه إليه قط أية تهمة بارتكاب جرم أو يمثل أمام قاضٍ.

صعوبة الدخول إلى دارفور والتنقل فيها
رغم أن السوداني لا يمنع عادة من التوجه إلى عواصم الولايات الثلاث وهي الفاشر ونيالا والجنينة، إلا أن الانتقال داخل دارفور يمثل مشكلة أكبر. فحتى السوداني لا يمكنه التوجه إلى أي مكان داخل دارفور بدون تصريح من الأمن الوطني والمخابرات أو المخابرات العسكرية أو الشرطة – ويمنح التصريح إلى سائق السيارة أو الحافلة أو الشاحنة، وبالتالي عندما تُحمَّل المركبة بالركاب، تتوجه للحصول على تصريح، يجب أن تبرزه عند حواجز الطرق. ويحتاج كل من يرغب بزيارة أحد مخيمات اللاجئين إلى طلب تصريح من مكتب مفوض الشؤون الإنسانية التابع للحكومة. وعند الوصول إلى المخيم، يتفحص مكتب الأمن التابع لمفوض الشؤون الإنسانية التصريح قبل السماح بالدخول.

وبالنسبة لغير السودانيين، من الصعب الوصول إلى دارفور ومن شبه المستحيل التنقل بحرية فيها. ومع انتشار المعلومات حول الأزمة القائمة في دارفور في أوساط المجتمع الدولي بحلول نهاية العام 2003، قدم عدد متزايد من المنظمات الإنسانية طلبات للعمل في دارفور. لكن جرى تأخير دخولها ومنعت أحياناً من الدخول بفعل الروتين الحكومي؛ إذ إن تسجيل المنظمة ومنحها تأشيرات يمكن أن يستغرقا شهوراً. ولم توافق الحكومة السودانية على قواعد جديدة اعتباراً من 24 مايو/أيار 2004، إلا عقب ممارسة ضغط شديد عليها من العالم الخارجي، وبخاصة تقديم وعد بمنح تأشيرات خلال 48 ساعة لجميع موظفي المنظمات الإنسانية. وقد تم الوفاء إلى حد كبير بوعد إصدار التأشيرات، لكن القيود استمرت على نقل الواردات بما فيها الشاحنات والعقاقير من بورسودان، واستخدام اللاسلكي وتنقل الموظفين في المنطقة. وبينما يملك عمال الإغاثة تصريحاً للعمل في المنطقة التي يقع فيها مقر منظمتهم بدارفور، إلا أنه ما زال يتعين عليهم إرسال "إشعار" (في الحقيقة تقديم طلب للحصول على تصريح) للانتقال إلى مكان آخر في دارفور. وعليهم تحديد يوم معين للانتقال، بحيث إذا تأخر الانتقال لأي سبب كان، مثلاً لأن الطرقات مقطوعة بسبب الأمطار، يتعين عليهم تقديم طلب جديد.

كان الصحفيون الأوائل الذين وصفوا أزمة دارفور بالتفصيل هم أولئك الذين ذهبوا إلى تشاد، ومن ضمنهم بعض الذين عبروا الحدود سراً عادة تحت حماية جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة، وتمكنوا من أن يشاهدوا بأم أعينهم القرى المحترقة. وبالنسبة لصحفي أجنبي، لكي يزور السودان يحتاج أولاً إلى تأشيرة، وهذا قد يستغرق أسابيع، وربما يرفض منحها إلى أولئك الذين كتبوا كلاماً سلبياً عن الحكومة السودانية. وأحياناً يمنع دخول جميع الصحفيين الذين يعملون في محطة إذاعية بثت أخباراً تنتقد السودان.

وفي الخرطوم، يحتاج جميع الصحفيين وجميع الأجانب إلى طلب تصريح رسمي للذهاب إلى دارفور، وعليهم أن يذكروا في هذا الطلب الأماكن التي ينوون زيارتها. وقد يتعين على الصحفيين الأجانب الانتظار في الخرطوم ريثما يصدر تصريح زيارة دارفور لفترة قصيرة، وغالباً ما يرافقهم شخص من وزارة الإعلام أو مكتب مفوض الشؤون الإنسانية للترجمة وربما لرفع تقرير. ورغم أن العديد من الصحفيين نجحوا في تفادي القيود، إلا أن هذه الشهادة من صحفي يعمل في محطة إذاعية يتردد صداها في عدد لا يحصى من الشهادات الأخرى :

"يستحيل العمل بحرية كصحفي في دارفور. فلم أتمكن من فعل ما أردته في دارفور، أولاً بسبب قصر مدة تصريح التنقل الذي يُعطى لك، وثانياً بسبب ’المرافق‘ الحكومي الذي يتبعك. ولا يحصل الصحفيون الأجانب بسهولة على تأشيرات لدخول السودان ... وحالما يصلون إلى الخرطوم، يحتاجون إلى تصريح من وزارة الإعلام وإلى تصريح للتنقل من الأمن الوطني. وللحصول عليهما، يجب أن يخبروا الأمن الوطني بالأماكن التي ينوون زيارتها بالضبط والوقت الذي يتوقعون قضاءه في المنطقة. وتقرر وزارة الإعلام مدة زيارة الصحفيين. وعادة يتعين أن يصحب الصحفيين الأجانب إلى المنطقة مرافق حكومي تعينه وزارة الإعلام. وحالما يصل الصحفيون إلى دارفور، عليهم كما يبدو أن يعرضوا خط سيرهم مرة أخرى على الأمن الوطني الذي يمكنه منعهم من الدخول إلى أماكن معينة لأسباب ’أمنية‘".

ويجد الذين ليسوا أعضاءً في منظمات إنسانية أو الذين هم ممثلين لمنظمات غير حكومية أو مؤسسات خيرية أو أكاديميين، أنهم يواجهون صعوبات أكبر حتى في زيارة الخرطوم. فمنظمة العفو الدولية التي زارت السودان، بما فيها دارفور، في يناير/كانون الثاني بعد منع دام 13 عاماً، وأذاعت أخبار الوضع المتدهور في دارفور، لم تمنح تأشيرات لمندوبي البعثات التابعين لها، رغم الطلبات العديدة التي قدمتها للدخول إلى البلاد طوال أشهر عديدة. ويبدو أن السبب له علاقة بتقاريرها، في حين أن الحكومة السودانية تقول إنها مسألة توقيت وحقيقة أن لدى الحكومة السودانية أولويات أخرى. ولم تتمكن منظمات دولية أخرى لحقوق الإنسان، ومن ضمنها منظمة مراقبة حقوق الإنسان من الحصول على تأشيرات بعد لزيارة السودان.


4. ازدياد الزيارات إلى درافور، ازدياد الضغط لالتزام الصمت
إن صعوبة الدخول إلى دارفور قد تراجعت نتيجة الضغط الدولي بعد مارس/آذار 2004. وفي 19 مارس/آذار وصف موكش كابيلا، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية المتقاعد الخاص بالسودان، في حديث أدلى به للـ بي بي سي، وصف ما حدث في السودان بأنه "تطهير عرقي" وقال إن هذه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".5 وبعد أسبوعين، شدد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في الذكرى السنوية العاشرة للإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا على الأزمة في السودان. وعندما تنبه المجتمع الدولي إلى الأزمة القائمة في السودان، أرسل المفوض السامي لحقوق الإنسان بالوكالة بعثة لتقصي الحقائق إلى تشاد، ثم بعد انتظار الحصول على إذن من الحكومة السودانية، إلى دارفور. وذهبت وفود رفيعة المستوى تابعة للأمم المتحدة وحكومات دول عديدة إلى دارفور لتقييم الأزمة. وبعد أن كانت منطقة شبه مغلقة، باتت دارفور محور الاهتمام الدولي، حيث قامت عدة وفود حكومية وبرلمانية تنمي إلى دول مختلفة بزيارات أسبوعية. ويذهب الصحفيون بصورة مستقلة أو يحصلون على تأشيرات بسهولة أكبر بمرافقة البعثات رفيعة المستوى. ويجرون مقابلات مع أولئك الذين فروا من قراهم والتجئوا إلى أماكن تحيط بالبلدات وشكلوا مستوطنات ومخيمات للمهجرين داخلياً.

وتحدث المئات من المهجرين بشكل مؤثر عن الهجمات التي شُنت على قراهم، ومقتل أقربائهم وجيرانهم وإحراق منازلهم ونهب ممتلكاتهم ومواشيهم ومحاصيلهم. وبما أنه حصلت عمليات اغتصاب عديدة جداً وما زالت، يتحدث النساء والرجال علناً عن الاغتصاب الذي كان من الممكن أن يخفوه قبل سنة. وبكل وضوح ألقت الشهادات التي أدلى بها آلاف المدنيين الذين فروا من قراهم باللائمة عن الكارثة ليس فقط على الجنجويد، بل بشكل ثابت أيضاً على الحكومة.

عمليات الاعتقال والتخويف بسبب الجهر بالآراء
نظراً لقيام عشرات الصحفيين وسواهم بزيارة دارفور وتهجير أكثر من مليون نسمة استطاعوا النجاة من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، فمن الصعب على الحكومة منع الأشخاص من الجهر بآرائهم. ونجم الضغط المتزايد الذي مارسته السلطات الحكومية، وبخاصة منذ يونيو/حزيران، على الذين أدلوا بشهاداتهم أمام الأجانب من تخوف الحكومة من عمل دولي (بما فيه عقوبات وتدخل عسكري) رداً على تقاعسها عن الوفاء بالالتزامات التي أعطتها، وبخاصة الالتزام بوضع حد للهجمات التي تُشن على المدنيين، ونزع سلاح الجنجويد وضمان إخراجهم من مخيمات الأشخاص المهجرين داخلياً، ومنح المراقبين حرية الدخول وضمان عدم إجبار المهجرين داخلياً على العودة.

وفي هذه الظروف زادت الحكومة من محاولاتها للسيطرة على المعلومات الواردة من دارفور.

وترتبط قوات الأمن الوطني والمخابرات ارتباطاً محكماً بالحكومة وإن العقلية ’الأمنية‘ للحكومة هي التي تدفعها إلى إنكار وجود الأزمة أو إدارتها، عوضاً عن محاولة تسويتها. ولاعتقال الذين يجهرون بأصواتهم، تُستخدَم قانون قوات الأمن الوطني، إذاً يمكن لجهاز الأمن الوطني والمخابرات احتجاز الأشخاص بمعزل عن العالم الخارجي من دون توجيه تهم إليهم أو جلبهم أمام قاضٍ.6 ويُعتقد أن بعض الذين يشغلون مناصب في مخيمات المهجرين داخلياً وحتى في المنظمات غير الحكومية الدولية بوصفهم أعضاء في الجهاز المحلي لموظفيها هم أعضاء في قوات الأمن أو ينقلون معلومات إليها. وإن ذكرى الهجمات التي شنتها الحكومة والجنجويد والقلق على المستقبل يعززان أجواء الخوف وعدم الثقة في صفوف المهجرين داخلياً، حيث يشكون في أي شخص لا يعرفونه، وبخاصة إذا كان مظهر ذلك الشخص يدل على أنه ينتمي إلى إحدى الجماعات العرقية التي انضم أعضاؤها إلى الجنجويد أو أنه من الخرطوم.

وسواء شغلوا مناصب في هيكل المخيمات أو كانوا مجرد متفرجين، فإن أعضاء قوات الأمن غالباً ما يتعقبون أو يرافقون أو في بعض الأحيان يحيطون بالوفود أو الصحفيين الذين يزورون مخيمات المهجرين داخلياً. والجدير بالذكر أن المندوبين المهمين التقوا ’بأشخاص مهجرين‘ عند مدخل المخيم أدلوا بآراء أكثر إيجابية حول الحكومة، ولا يمكن إلا للذين يصلون إلى أعماق المخيم سماع شهادات أشمل. وإذا كان هناك عشرات الصحفيين وعشرات المندوبين، عندها يصبح من المستحيل على الحكومة السودانية أن تُطبق هذه المراقبة المحكمة التي يمكنها بها إخفاء الحقيقة. ولكن عند مجيء وفد رفيع المستوى جداً، قد تقرر السلطات الحكومية اتخاذ إجراءات أقوى لمحاولة ضمان عدم سماع الزائر شكاوى المظلومين.

·  في الليلة السابقة لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان لمخيم مشتل في 1 يوليو/تموز، نقلت الحكومة السودانية جميع العائلات التي تعيش في المخيم والبالغ عددها 680 عائلة إلى مخيم أبو شوك من دون إخطار أية هيئات إنسانية بالعملية. وبدا أن ذلك كان غرضه ببساطة منع كوفي عنان من مشاهدة أو سماع أقوال الأشخاص الأكثر فقراً. وبحسب ما ورد طلب الأمين العام تحديداً زيارة مخيم ليس فيه خدمات مثل مخيم مشتل7.

وفي محاولة للتقليل من شأن الانتقادات التي وجهها المجتمع الدولي وتصوير الوضع بأنه آخذ بالتحسن في دارفور، صرحت الحكومة أن العديد من الأشخاص يعودون إلى قراهم. كما أنها حاولت إغراء المهجرين داخلياً بالعودة إلى الأماكن التي لا يُضمن فيها أمن الناس، مستخدمة وسائل من ضمنها رشوة قادة الفئات أو تهديد الذين يجهرون برأيهم ضد العودة بينما كان الجنجويد لا يزالون يسيطرون على المناطق الريفية.

·  قُبض على حامد محمد آدم، وهو جندي سابق من هابيلا بغرب دافور، في يونيو/حزيران 2004 من جانب جهاز الأمن الوطني والمخابرات في مخيم أرداماتا للأشخاص المهجرين داخلياً في الجنينة. وبحسب ما ورد تعرض للضرب المبرح لدرجة استدعت نقله من مركز الأمن الوطني في الجنينة إلى المستشفى. وبعد أن أمضى بضعة أيام في المستشفى، نُقل إلى مركز الأمن الوطني بشمال الخرطوم حيث يظل محتجزاً فيه بعد مضي شهرين. وهو متهم كما يبدو "بتحريض الأشخاص المهجرين داخلياً على عدم العودة إلى منازلهم"، لكن لم توجه إليه أية تهمة رسمية أو يمثل أمام قاضٍ.

وتتضمن التدابير التي اتخذتها الحكومة للتقليل من الانتقادات الدولية ممارسة الضغط على المهجرين داخلياً لعدم الجهر بآرائهم وعلى المترجمين لكي لا يترجموا بالكامل الأدلة التي يمكن أن تُستخدم ضد الحكومة. وينبغي على الصحفيين السودانيين العاملين في وسائل الإعلام المحلية ممارسة الرقابة الذاتية، بينما يقال للعاملين في وسائل الإعلام الدولية بألا يطرحوا أسئلة سلبية، بما فيها الأسئلة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. وإذا أوردوا أخبار عمليات القتل والاغتصاب، فقد يتعرضون للمضايقة والتهديد ويُتهمون بخيانة السودان. وورد إن مترجماً عمل لفترة وجيزة مع دبلوماسيين في ولاية غرب دارفور قال إن "تسعة عشر فرداً من أفراد قوات الأمن قفزوا من شاحنتين وهددوني بالسلاح. واقتادوني إلى مقر قيادتهم وهددوني قائلين إن لديهم عقارب وأفاعي واتهموني بالترجمة الخاطئة للدبلوماسيين."8

·  ·تعرض صحفي سوداني كتب حول الهجمات التي شنها الجيش للتهديد بمقاضاته بموجب المادة 25 من قانون الصحافة التي تحظر نشر أية أخبار حول القوات المسلحة بدون تصريح. وقال الصحفي إنه عندما كان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان على وشك زيارة البلاد، مورس ضغط على الصحفيين السودانيين لكتابة مقالات إيجابية حول السودان.

·  في 30 يونيو/حزيران 2004، عندما زار وزير الخارجية الأمريكي كولن باول مخيم أبو شوك المقام قرب الفاشر، كان هناك وجود أمني كثيف. وقام عدد كبير من الصحفيين بمرافقة كولن باول. ويبدو أنه بُذلت بعض المحاولات من جانب رجال الأمن داخل المخيم لتخويف الناس وإصدار أوامر إليهم بعدم الجهر بآرائهم. ومع ذلك جهر الناس بآرائهم. وبعد زيارته للمخيم، وفي اليوم نفسه كما زُعم، أُلقي القبض على 15 شخصاً. وكان بين المعتقلين من مخيم أبو شوك (شوق) محمد آدم خميس وعبد اللطيف سليمان ومحمدين محمد حسين وأحمد آدم وعبد المجيد والشيخ يحيى محمد آدم والفقي محمد فقي وعبد المنعم أحمد. ويظلون رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي في مركز الأمن الوطني في الفاشر. وقُبض على أشخاص آخرين في اليوم ذاته في كبكبية! أربعة منهم وهم أحمد عيسى إسحاق والطيب علي آدم والصادق عبد الله ومحمد هارون عبد الله موجودون في سجن كبكبية، واثنان هما العمدة أحمد سليمان والعمدة خضر أحمد عبد الرحمن يُزعم أنهم محتجزان في مستريحة، وهو معسكر للجنجويد يقع بالقرب من كبكبية.

·  ورد أنه تم القبض على خمسة أشخاص مهجرين هم عادل محمد بزي وعبد الحكم آدم إسحاق وعبد الغني أحمداي عبد الرسول ومحمد أحمد عبد الله ومحمد آدم خميس في مخيم أبو شوك للمهجرين داخلياً بعد زيارة قام بها وفد فرنسي برئاسة وزير الخارجية ميشيل بارنييه، في 27 يوليو/تموز. واحتُجزوا في مركز الأمن الوطني في الفاشر. وأطلق سراح اثنين من الخمسة هما عادل محمد بزي وعبد الحكم آدم إسحاق بعد مضي قرابة الأسبوعين.

ولا يمكن لاعتقال بعض الذين يتحدثون إلى الصحفيين وإلى البعثات الأجنبية أن يوقف تدفق المعلومات، لكنه يساعد على خلق جو من الخوف ويخيف بعض الذين يمكن أن يجهروا برأيهم لولا ذلك. كذلك تلقت منظمة العفو الدولية أنباءً تفيد أن المدنيين الذين يبلغون عن حالات الاغتصاب، يُستهدفون خصيصاً بالتخويف من جانب موظفي قوات الأمن في مخيمات المهجرين بدارفور. ويقال إن السلطات السودانية زعمت أن المهجرين يبلغون كذباً عن حالات اغتصاب للحصول على مزيد من المساعدات الإنسانية وأنه لو تعرض المهجرون للاغتصاب فعلاً لما أبلغوا عنه، لأنه من المحرمات في ثقافة السودان. وكما قال أحد الصحفيين العاملين في دارفور "يتولى الناس الحفاظ على أمنهم بأنفسهم".

وفي المحاولات التي يبذلها للحد من الانتقادات، يبدو أن السودان مستعد حتى لتهديد الأمم المتحدة. ففي 12 أغسطس/آب 2004 حث وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل الأمم المتحدة على وجوب مراقبة التصريحات الصادرة عنها "إذا كانت تريد فعلاً أن يستتب الأمن في دارفور، وإلا ستعيد الحكومة النظر في الالتزامات التي قدمتها".9

عمليات التوقيف بسبب التحدث إلى المراقبين
اتسم تشكيل لجنة وقف إطلاق النار لمراقبة وقف إطلاق النار الإنساني الذي تم التوصل إليه في 8 إبريل/نيسان بالبطء الشديد. ولم يكتمل وجود المراقبين التابعين للاتحاد الأفريقي إلا في يوليو/تموز، بعد ثلاثة أشهر من التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار. وقبل السودان بفريق قوامه 120 مراقباً لوقف إطلاق نار تابعين للاتحاد الأفريقي سيرابطون في دارفور ويوزعون على الفاشر والجنينة ونيالا وكبكبية. وقبل فيما بعد بقوة مسلحة قوامها 300 جندي من رواندا ونيجيريا، ولكن فقط لحماية المراقبين. وما زالت الحكومة تقاوم زيادة عدد القوة التابعة للاتحاد الأفريقي ليصل إلى 3000 جندي ورفضت التصريحات التي أدلى بها أعضاء الاتحاد الأفريقي ومفادها أن القوة يمكن أن تُستخدم لحماية المدنيين. وبحلول 15 أغسطس/آب، نُشرت على الملأ التحقيقات التي أجروها في ستة حوادث تتعلق بهجمات شنها الجنجاويد وعمليات قصف للقرى واغتصاب من جانب الجنود الحكوميين. ويرافق مراقبي الأمم المتحدة ممثلون عن الحكومة السودانية وجيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة والاتحاد الأوروبي. وقد وصلت الدفعة الأولى من 155 جندياً رواندياً إلى دارفور في 14 أغسطس/آب.

وإضافة إلى ذلك، ومرة أخرى بعد تأخير شديد ناتج بمعظمه عن صعوبات في الحصول على تأشيرات دخول، حتى بعد التعهد بالسماح بنشر مراقبين لحقوق الإنسان في البيان المشترك الصادر في 3 يوليو/تموز، وصل ثمانية مراقبين لحقوق الإنسان تابعين للمفوضية العليا لحقوق الإنسان إلى الخرطوم في 14 أغسطس/آب 2004 ومن المقرر أن يُنشروا في درافور في 21 أغسطس/آب. كذلك هناك أيضاً ضباط حماية في مكتب الأمم المتحدة لمنسق الشؤون الإنسانية والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بينما أقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجوداً لها أيضاً في دارفور. ولم يُسمح لأي من هذه المنظمات بزيارة المعتقلين في دارفور.

ولم تتمكن الحكومة السودانية من الوفاء بالالتزامات الواردة في اتفاقية وقف إطلاق النار والقاضية بوضع حد للعنف والانتهاكات أو لم تكن راغبة في الوفاء بها، وبالتالي يبدو أن بعض السلطات الحكومية في دارفور حاولت منع المجتمع الدولي من تسجيل هذا التقاعس مستخدمة أسلوب التخويف. وبعد بدء مراقبة وقف إطلاق النار بصورة جدية من جانب الاتحاد الأفريقي في يوليو/تموز 2004، ألقي القبض على بعض المهجرين داخلياً الذين أدلوا بمعلومات للمراقبين التابعين للاتحاد الأفريقي. ويتعرض الآخرون للتخويف لمنعهم من إعطاء معلومات؛ وكما قال أحد المراقبين فإن "المعلومات لا تأتي أحياناً إلا سراً." وقد أجرى المراقبون التابعون للاتحاد الأفريقي تحقيقات في حالات تتعلق بهجمات متواصلة ذُكر أن الجنجويد شنوها على القرى وكذلك بقصف حكومي، فضلاً عن انتهاكات لوقف إطلاق النار من جانب جيش تحرير السودان كما ورد.

وبحسب ما ورد قُبض على ما لا يقل عن 25 شخصاً في ولاية شمال دارفور بين 15 يوليو/تموز و3 أغسطس/آب 2004 بزعم الإدلاء بمعلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان ووقف إطلاق النار إلى أعضاء لجنة وقف إطلاق النار التابعة للاتحاد الأفريقي في الفاشر.

·  قيل إن سبعة أشخاص اعتُقلوا في أبو جريدة الواقعة بالقرب من الفاشر في يوليو/تموز : يعقوب خاطر عمدة أبو جريدة وابنه عبد العزيز يعقوب خاطر وبشير هارون حسن في 15 يوليو/تموز واعتُقل بشير الجمعة عرابي ويعقوب خاطر عرابي وأحمد إسحاق وعبد المجيد محمد بوش في 17 يوليو/تموز. ويقال إن الجميع ما زالوا معتقلين في مقر الأمن الوطني بالفاشر اعتباراً من 19 أغسطس/آب.

·  زُعم أن ثلاثة رجال وامرأة هم صبري آدم نورين وحمد صديق وصديق عبد الله عبد الله ومريم (أنثى)، اعتُقلوا في مليت في 3 أغسطس/آب، كما زعم بعد أن تحدثوا إلى لجنة وقف إطلاق النار. ويقال إنهم ما زالوا رهن الاعتقال.

·  5. اعتقال أشخاص لأنهم جهروا بآرائهم ودعوا إلى إيجاد حل سلمي في درافور.
قُبض على عدة أشخاص بعد أن تحدثوا علناً أو حاولوا الكلام عن كيفية تسوية الأزمة القائمة في دارفور. ويوحي هذا أن الحكومة السودانية ليست مستعدة للقبول بحوار صريح حول دارفور، وأنها ربما ما زالت تنظر في اللجوء إلى حل عسكري للنـزاع وأن المواطنين السودانيين يُحرمون من حق المشاركة في مناقشات وأنشطة حقيقية لإيجاد حل في دارفور.

·  قُبض على أبا ذر أحمد أبو البشير، وهو محام لحقوق الإنسان على أيدي جهاز الأمن الوطني والمخابرات في بلدة نيالا في 24 يوليو/تموز بعدما قدم عريضة تحظى بدعم عدد من قادة الجماعات العرقية تحث على وضع حد للنـزاع إلى والي (محافظ) ولاية جنوب دارفور، ويعتقد أن ذلك لعب دوراً في اعتقاله. وما زال محتجزاً في مقر الأمن الوطني الذي يقال إن أوضاعه مريعة؛ ويستلقي السجناء على الأرض في زنازين ضيقة، ويقال إنهم يتعرضون للضرب بصورة متكررة ولا يُقدَّم لهم ما يكفي من الطعام. ولم توجه إليه أية تهمة، ولم يُسمح لمحاميه بمقابلته إلا مرتين؛ ومنذ ذلك الحين لم يُسمح له الاتصال بالعالم الخارجي (اعتباراً من 19 أغسطس/آب).

·  قبض أفراد الأمن الوطني في 29 يوليو/تموز على بثينة محمد أحمد وهي مدرسة وعضو في اتحاد المرأة السودانية قامت بأنشطة من أجل السلام ونزع سلاح الجنجويد بعد أن تحدثت في مؤتمر عُقد في الفاشر عن مشاركة الحكومة في النـزاع. وهي محتجزة في سجن نيالا مع النساء المعتقلات بتهم جنائية. وبحسب ما ورد فإن الأوضاع في السجن سيئة للغاية، حيث تنتشر الحشرات وتنعدم المرافق الصحية وتتفشى الملاريا. ولم تُوجه إليها أية تهمة، لكنها تتلقى الآن زيارات عائلية.

·  وفي 1 أغسطس/آب، قبضت قوات الأمن الوطني على خمسة أعضاء في أحزاب سياسية مختلفة شكلوا ائتلافاً يسمى "نداء دارفور"، بعد أن أعلنوا عن حصولهم على إذن قانوني لعقد اجتماع عام حول سبل دعم الجهود الوطنية والدولية لإنهاء الأزمة الإنسانية في دارفور. وأسماء المعتقلين هي : حسن عبد القادر هلال (الحزب الوحدوي الديمقراطي) ويوسف حسين (الحزب الشيوعي) وإبراهيم الشيخ (حزب المؤتمر) وساطع محمد الحاج (الحزب الوحدوي الناصري) ويونس صديق يونس (مركز عبد المجيد الثقافي). وتم استجوابهم في مكتب قوات الأمن في شمال الخرطوم وأُخلي سبيلهم فيما بعد. وأُعيد اعتقال ثلاثة منهم في منازلهم على يد قوات الأمن الوطني بعد بضعة أيام وأُرسلوا إلى سجن كوبر في شمال الخرطوم. وأُطلق سراح اثنين منهم لاحقاً. وبعد مضي أكثر من أسبوعين يظل يوسف حسين العضو في الحزب الشيوعي رهن الاعتقال من دون تهمة.

6. إنكار في الخرطوم
ينبع جزئياً الحرمان من الحق في حرية التعبير من إنكار الحكومة السودانية المستمر لخطورة الوضع ولدورها في التسبب بنشوئه. وخلال أكثر من سنة بقليل من تشكيل جيش تحرير السودان، تمت مهاجمة المئات من القرى المدنية المنتشرة على مساحة بحجم فرنسا وإحراقها وإفراغها من سكانها من جانب ميليشيات الجنجويد المدعومة من الحكومة والجيش.10 وقد فر أكثر من مليون لاجئ واستقروا حول البلدات في دارفور وعبر ما يزيد على 200,000 نسمة الحدود ولجئوا إلى تشاد. وقدَّرت الأمم المتحدة في يوليو/تموز 2004 عدد الأشخاص الذين ينتمون إلى السكان المزارعين والذين قتلوا بين 30 ألفاً و50 ألفاً. واعتباراً من منتصف العام 2003، اقترنت الهجمات التي شنتها ميليشيا الجنجاويد باغتصاب النساء والفتيات. وفي بعثة بحثية إلى مخيمات اللاجئين في تشاد في مايو/أيار 2004، جمع مندوبو منظمة العفو الدولية أسماء أكثر من 250 امرأة قيل إنهن تعرضن للاغتصاب وأجروا مقابلات مع عشرات النساء والرجال الذين شهدوا حوادث الاغتصاب. وما زالت تتواتر أخبار عمليات الاغتصاب التي يرتكبها الجنجويد بدون أن ينالوا عقابهم ولا بد أن عدد النساء اللواتي اغتُصبن في سياق النـزاع الدائر في دارفور يصل الآن إلى الآلاف.

ومع ذلك تواصل الحكومة السودانية إنكار خطورة الأزمة القائمة في دارفور، عوضاً عن اتخاذ جميع التدابير الضرورية لحماية حقوق السكان المدنيين، وتقلل من حجم وخطورة الانتهاكات التي ترتكبها القوات المسلحة. ويخنق إنكارها حرية التعبير داخل البلاد ويحاول التأثير على الرأي العام في السودان والخارج على السواء. ولن تتمكن الحكومة السودانية من اتخاذ إجراءات حقيقية لوضع حد للأزمة في دارفور إلا عندما تقر بمسؤوليتها عنها.



نفي مشاركة الحكومة
"في أحد مواقع الأشخاص المهجرين داخلياً، أجرت البعثة مقابلات مع عدد من الأشخاص الذين أشاروا إلى أنفسهم بالفرسان. وكانوا يرتدون بزات عسكرية ميدانية ويمتطون الجياد. وقال الفرسان إنهم جميعاً من العرب وإن الحكومة تسلحهم وتدفع أجورهم".11

وقد تمت مواجهة الحكومة بأدلة قاطعة حول دورها في الهجمات المباشرة التي شنت بلا تمييز ضد المدنيين عن طريق القصف الجوي والهجمات البرية على القرى بصحبة ميليشيات الجنجويد المدعومة من الحكومة. بيد أنها سعت بثبات إلى صرف الانتباه عن قضية مسؤوليتها عن هذه الهجمات، واختارت عوضاً عن ذلك التركيز على حقيقة أن أسباب العمليات العدائية تعود إلى الهجمات التي شنها جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة ضد القوات الحكومية. ومن خلال ذلك يبدو أن الناطقين باسم الحكومة لا يفهمون أن هذه الأسباب لا يمكن سوقها أبداً للتبرير شن هجمات على المدنيين بصورة مباشرة أو بلا تمييز.

كذلك رفضت الحكومة الإقرار بأن لها صلة بميليشيا الجنجويد التي تتحمل مسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أو أنها تقدم الدعم لها. وتقول الحكومة إن الجنجاويد "خارجين على القانون" شأنهم شأن الجماعتين المتمردتين المسلحتين العاملتين في المنطقة. بيد أنها أقرت أنها دعت عدة قبائل في المنطقة إلى المساعدة في شن عمليات مكافحة التمرد ضد جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة. ولكن مواصلة دعم الميليشيات ودمج العديد منهم في قوات الدفاع الشعبي، وهي قوة شبه عسكرية حكومية، أو في القوات المسلحة أو حتى في قوات الشرطة كما ورد، يتناقض مع الالتزامات التي قدمتها الحكومة السودانية بنـزع أسلحة الجنجويد.

·  في 20 يوليو/تموز 2004 بعدما كشفت منظمة مراقبة حقوق الإنسان عن وثائق حكومية تبين أن المسؤولين السودانيين كانوا يوجهون عملية تجنيد الجنجويد وتسليحهم ودعمهم، قال وزير الخارجية مصطفى إسماعيل لبرنامج نيوز أور (ساعة الأخبار) الذي تبثه الـ بي بي سي أن الوثائق "مزورة بنسبة 90%" ونُقل عنه قوله : "إنه من السهل الذهاب إلى طابع ووضع رأسية للرسالة". وأضاف بأن "الحكومة السودانية ... لم تسلح الجنجويد أو تشجعهم قط."

الإفلات من العقاب
تواصل الحكومة السودانية السماح لزعماء الجنجويد بالإفلات من العقاب. وقد تحدثت مختلف السلطات الحكومية عن آليات تحقيق مختلفة، لكن هذه الآليات لا يبدو أنها تعمل بعد. ولم تُصدر لجنة تحقيق، شكلها الرئيس عمر حسن البشير في 8 مايو/أيار أي تقرير بعد.

·  في 9 أغسطس/آب، أجرى برنامج تلفزيوني اسمه "حديث بلا عواطف" تبثه الـ بي بي سي مقابلة مع النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه. وعندما سئل لماذا لم تلقِ الحكومة القبض على القادة المزعومين للجنجويد ومن ضمنهم موسى هلال، الذي يقال إنه زعيم الجنجويد وعقيد في الجيش السوداني أجاب : "لأننا لا نملك شيئاً. فلم يقدم أحد مزاعم محددة ضد موسى هلال بالذات ... نحن نتحدث عن حقوق الإنسان. ولا يمكننا إلقاء القبض على أي شخص أو إصدار حكم عليه بناء على مزاعم."

·  في يوليو/تموز 2004، وربما رداً على المناقشات المتعلقة بإصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي، أعلنت الحكومة السودانية أن حوالي عشر أعضاء في الجنجويد اعتُقلوا وحوكموا أمام محكمة جنائية متخصصة في نيالا وحُكم عليهم بالسجن مدة ست سنوات وبالبتر من خلاف (بتر اليد اليمنى والقدم اليسرى). وعُرض الأعضاء المزعومين في الجنجويد على شاشة التلفزيون السوداني وقالوا إن الحكومة السودانية لم تسلحهم. بيد أنه حتى الآن لم تذكر الحكومة بالتحديد أسماء هؤلاء الأشخاص أو التهم المنسوبة إليهم أو الجرائم التي ارتكبوها. وتشير الأنباء الواردة من أرض الواقع إلى أن أولئك الذين عُرضوا على شاشة التلفزيون هم متهمون جنائيون يشتبه في ارتكابهم الحرابة (السطو المسلح) وهم محتجزون مند عدة سنوات في نيالا. ولم يعثر على سجل للمحاكمة في المحكمة الجنائية المتخصصة في نيالا.


إنكار حدوث الاغتصاب على نطاق واسع
تزايدت المزاعم حول ارتكاب الجنود الحكوميين والجنجويد العديد من عمليات الاغتصاب في درافور، منذ مارس/آذار 2004. بيد أن الحكومة السودانية تقاعست عن الإقرار بوجود الاغتصاب في المنطقة وأخرت اتخاذ إجراء حول هذه المزاعم. وفي يناير/كانون الثاني وإبريل/نيسان 2004، شجبت منظمة العفو الدولية عمليات الاختطاف والاغتصاب التي تزايدت الأنباء حولها في المنطقة. وفي مايو/أيار 2004 ذكرت بعثة تقصي الحقائق التابعة للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في دارفور أن : "البعثة أبلغت الحكومة أنه برأيها، لا يجوز رفض هذه المزاعم (حول انتشار الاغتصاب على نطاق واسع) لأنها متكررة ومنسقة وتتسم بالمصداقية إلى حد كبير." وفي 3 يونيو/حزيران، بعد أن قامت منظمة العفو الدولية ببعثة بحثية إلى مخيمات اللاجئين السودانيين في تشاد، عقدت مؤتمراً صحفياً في جنيف أشارت فيه بالتفصيل إلى الأدلة التي عثرت عليها حول الاغتصاب المنهجي. بيد أن وزير العدل السوداني علي محمد عثمان ياسين لم يعلن إلا في 17 يوليو/تموز 2004 12 عن تشكيل ثلاث لجان، واحدة لكل من الولايات الثلاث في درافور، تضم قاضيات وأفراد من الشرطة ومستشارين قانونيين للتحقيق في تهم الاغتصاب ومساعدة الضحايا في رفع دعاوى جنائية. ورغم هذا الاعتراف الضمني من جانب الحكومة بحدوث الاغتصاب على نطاق واسع، إلا أنه عند إطلاق تقرير منظمة العفو الدولية في بيـروت في 19 يوليو/تموز 2004، نفى محمد بخيت سفير السودان في لبنان وجود اغتصاب في دارفور : "إذا كانت هناك حالات اغتصاب في دارفور، فلن تتعدى الاثنين." على حد قوله.

وبينما نرحب بتشكيل لجان للتحقيق في مزاعم الاغتصاب في دارفور، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كانت هذه التحقيقات ستتسم بالشفافية والمساءلة. ومن غير المحتمل أن تثق النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب باللجان الحكومية إلى حد إبلاغها بحالات الاغتصاب، وليس واضحاً كيف سيتم ضمان حمايتهن والحفاظ على سرية الموضوع. ولكي تؤدي هذه اللجان دوراً بناءً في وضع حد للإفلات من العقاب على الاغتصاب، من الضروري أن تملك الخبرة للتعامل مع الضحايا بحساسية، على نحو يحترم السرية ويكفل السلامة. وستحتاج اللجان إلى النظر في كيفية القيام بعملها في بيئة يُعتبر فيها الاغتصاب من المحرمات الثقافية الشديدة. وينبغي أن تتمكن الضحايا من الوثوق باللجان. وتظل منظمة العفو الدولية تتلقى أنباءً حول حوادث الاغتصاب المرتكبة في جوار مخيمات اللاجئين في دارفور. وفي 1 أغسطس/آب ورد أن سبع فتيات اعتُدي عليهن واغتصبن عندما غامرن بالخروج من سواني الواقعة في غرب دارفور لإحضار الحطب. وقد فررن جميعهن فيما بعد باستثناء واحدة : ويظل مكان وجود المرأة المختطفة المتزوجة حديثاً والبالغة من العمر 20 عاماً مجهولاً.
إنكار حصيلة الوفيات
في الأيام الأخيرة، التزمت الحكومة السودانية علناً، من ناحية، بالاستجابة لمطالب مجلس الأمن الدولي13 ، ومن ناحية أخرى استمرت في إنكار حجم الأزمة القائمة في دارفور.

·  في 9 أغسطس/آب، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل طعنه الشديد بأرقام الأمم المتحدة (من 30,00 إلى 50,000) حول عدد القتلى في منطقة دارفور بغرب السودان التي مزقتها الحرب، قائلاً إن الأرقام أعلى بعشرة أضعاف من الأرقام الحقيقية. وقال إسماعيل أمام مؤتمر صحفي عقده في القاهرة إنه وفقاً للتقديرات الحكومية لا تتجاوز تكلفة النـزاع الدائر منذ 17 شهراً بين قوات الخرطوم والميليشيا العربية المتحالفة معها وبين الجماعتين المتمردتين الرئيسيتين في المنطقة 5000 قتيل. ومن ضمنهم 486 شرطياً، كما أكد إسماعيل. وقال إسماعيل إن الأرقام مبالغ بها وتحدى الأمم المتحدة أن "تعطينا أسماء أو ترينا قبور" أولئك الذين زعمت أنهم توفوا."14

الأزمة بوصفها مؤامرة
في هذه الأثناء تحاول الحكومة السودانية تصوير الأنباء الصحفية حول انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور بأنها "مؤامرة ضد السودان".

·  صرَّح الرئيس عمر حسن البشير في 14 أغسطس/آب : "إنهم (أي الغرب) أشعلوا نار الفتنة في درافور حتى ... يحرموا السودان من ثمار السلام وإسهام المجتمع الدولي في تنمية المناطق التي تأثرت بالحرب."

وبعد مضي شهر على وقف إطلاق النار الإنساني الذي تم التوقيع عليه في إبريل/نيسان 2004 في ندجامينا عاصمة تشاد، بين الحكومة السودانية وبين جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة، سرد تقرير المفوضية العليا لحقوق الإنسان حول درافور بإيجاز ووضوح انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في دارفور ومشاركة الحكومة السودانية في هذه الانتهاكات. وبعد إيراد عشرات الأنباء من ذلك الحين من جانب العشرات من المنظمات الأخرى وكتابة المئات من المقالات من جانب الصحفيين والتغطية الإعلامية، من المشكوك فيه ما إذا كانت الكلمات أو الحقائق وحدها، مهما كانت موثقة، يمكن أن تنتـزع اعترافاً بالخطأ من جانب الحكومة السودانية أو أن تؤثر على أفعالها.

7. المعايير الدولية
تتضمن معايير دولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الحق في حرية التعبير والحق في "التماس مختلف ضروب المعلومات وتلقيها ونقلها إلى الآخرين". والسودان دولة طرف في كليهما ويترتب عليه واجب لضمان حرية التعبير والمعلومات. ويتسم الحق في حرية التعبير بالأهمية ليس فقط في السماح للأفراد بأن يعرفوا حقوقهم ووسائل حمايتها، بل أيضاً لتمكينهم من فضح الانتهاكات لتلك الحقوق وتحديها.
وبموجب المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه السودان في العام 1986 :
"1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها."

ويقر العهد المذكور بأنه لا يجوز تقييد الحق في حرية التعبير إلا في ظروف استثنائية مشيراً إلى أنه :
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية :
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.

ووفقاً للجنة حقوق الإنسان، وهي لجنة من الخبراء شكلتها الأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن الحق في اعتناق آراء من دون تدخل لا يجيز أي استثناء أو قيد. ويجب أن ينص القانون على أية قيود قد تفرض على الحق في حرية التعبير وأن تُبرر باعتبارها ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام. وينبغي أن تنسجم هذه القيود مع المعايير المعترف بها دولياً. وأن تفسر بشكل صارم لتعزيز الحق وحمايته، وليس للانتقاص منه أو تعريضه للخطر (التعليق العام 10).

اعتمدت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وهي الهيئة المكلفة بمراقبة تنفيذ الميثاق الأفريقي، في دورتها الثانية والثلاثين المنعقدة في أكتوبر/تشرين الأول 2002 في بنجول بغامبيا إعلاناً للمبادئ يتعلق بحرية التعبير في أفريقيا، يوسع واجبات الدول الأطراف تجاه الميثاق الأفريقي فيما يتعلق بالحق في حرية التعبير. ويؤكد الإعلان أن الحق في حرية التعبير "يشكل حقاً جوهرياً وغير قابل للتصرف وعنصراً لا غنى عنه من عناصر الديمقراطية" (المادة 1). وينص الإعلان على أن هجمات مثل "القتل والخطف والتخويف والتهديدات للعاملين في الإعلام وسواهم ممن يمارسون حقهم في حرية التعبير، فضلاً عن التدمير الفعلي لمرافق الاتصالات من شأنه أن يقوض استقلالية الصحافة، وحرية التعبير وتدفق المعلومات بحرية إلى الجمهور". (المادة 11) كما يقتضي من الدول "اتخاذ تدابير فعالة للحيلولة دون وقوع هذه الهجمات، وعندما تقع التحقيق فيها ومعاقبة مرتكبيها وضمان حصول الضحايا على سبل انتصاف فعالة."

وقد أصدر السودان قانوناً للطوارئ في العام 1999 وجدده كل عام منذ ذلك الحين. ويتم اتخاذ العديد من الإجراءات الموجهة ضد الصحف والصحفيين بموجب قانون الطوارئ. ورغم أنه يجوز للدول أن توقف العمل ببعض الحقوق خلال حالة الطوارئ، فقد صرحت لجنة حقوق الإنسان أن التدابير التي تنتقص من نصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يجب أن تكون ذات طبيعة استثنائية ومؤقتة.15 وحتى خلال نزاع مسلح،" فإن الإجراءات التي تنتقص من العهد لا يُسمح بها إلا إذا كان الوضع يشكل تهديداً لحياة الأمة وبالقدر الذي يشكل فيه مثل هذا التهديد" (الفقرة 3). وإضافة إلى ذلك، يجب أن تقتصر هذه الإجراءات على المدى اللازم بشكل صارم بموجب ضرورات الموقف (الفقرة 4). ولا يجيز الميثاق الأفريقي للدول الأطراف الانتقاص من حقوق الأفراد، حتى خلال نزاع مسلح.16

التوصيات
إلى الحكومة السودانية :

·  ضمان الحق في حرية التعبير ورفع القيود عن وسائل الإعلام والتي تتعارض مع الواجبات المترتبة عليها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

·  يجب الحفاظ على الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والتنقل وفقاً للمعايير المعترف بها دولياً.

·  ينبغي على أجهزة الأمن أن تضع حداً للاعتقال والتخويف والمضايقة بسبب الإدلاء بمعلومات أو التعبير عن آراء.

·  إدراج الضمانات ا لمتعلقة بالحق في حرية التعبير إدراجاً كاملاً في محادثات السلام ووقف إطلاق النار الخاصة بدارفور وعملية السلام بين الشمال والجنوب؛

·  إطلاق سراح جميع سجناء الرأي فوراً ودون قيد أو شرط، والذين قُبض عليهم لمجرد تعبيرهم السلمي عن آرائهم؛

·  ينبغي السماح لجميع المعتقلين بمقابلة أفراد العائلة والمحامين والحصول على مساعدة طبية دون إبطاء؛

·  يجب معاملة جميع المعتقلين معاملة إنسانية؛

·  يجب تسجيل جميع أماكن الاعتقال ومعاينتها من جانب مفتشية تخضع لوزارة العدل. وينبغي السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر وللمفتشية التابعة لوزارة العدل بالدخول إلى جميع مراكز الاعتقال في دارفور، والتحقيق بصورة سريعة وحيادية في حالات التعذيب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم الجناة إلى العدالة؛

·  السماح لمراقبي وقف إطلاق النار التابعين للاتحاد الأفريقي ومراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة ولجنة التحقيق السودانية بالدخول إلى جميع مراكز الاعتقال، بما فيها مراكز الاعتقال الأمنية.

إلى المجتمع الدولي :

·  التشديد على أهمية الحق في حرية التعبير والضمانات الخاصة بسلامة الناس في دارفور الذين يتحدثون إلى الآخرين، ومن ضمنهم أولئك الذين يتحدثون إلى الوفود الدولية والصحفيين والمراقبين.

·  ضمان مراقبة القيود المفروضة على الحق في حرية التعبير؛

·  دعم الجهود الرامية إلى زيادة قدرة مراقبي الاتحاد الأفريقي والمفوضية العليا لحقوق الإنسان على الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور؛

·  إدراج الحق في حرية التعبير على جدول أعمال الوساطة المتعلقة بإحلال السلام في دارفور والسودان؛

·  دعم دخول منظمات حقوق الإنسان إلى السودان.
هوامش
1. عبد الواحد محمد نور، رئيس جيش تحرير السودان، خلال اجتماع عام عُقد في برلين، 16 يونيو/حزيران 2004.
2. لا تسمح السلطات السودانية لمنظمة العفو الدولية في الوقت الراهن بالدخول إلى المنطقة. وفي هذه الظروف، من الصعب على المنظمة التحقق من مزاعم الانتهاكات التي ترتكبها المعارضة المسلحة والالتقاء بالضحايا المشار إليهم للانتهاكات التي ارتكبتها المعارضة المسلحة. وللاطلاع على أنباء الانتهاكات التي ارتكبتها المعارضة المسلحة، انظر تقرير منظمة العفو الدولية السودان، دارفور : "مقتل عدد كبير جداً من الناس بلا سبب" (رقم الوثيقة : AFR 54/008/2004، 3 فبراير/شباط 2004)، الصفحات 25-27 والسودان : دارفور : الاغتصاب كسلاح في الحرب – العنف الجنسي وعواقبه (رقم الوثيقة : AFR 54/076/2004، 19 يوليو/تموز 2004)، ص 7-8.
3. متوافر في www.crisisweb.org.
4. رقم وثيقة منظمة العفو الدولية : AFR 54/008/2004، 3 فبراير/شباط 2004.
5. موكش كابيلا، نُقل عنه قوله في فظاعة الاغتصاب الجماعي في السودان، بي بي سي، 19 مارس/آذار 2004.
6. انظر السودان : دارفور : الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب والمحاكم الخاصة، (رقم الوثيقة : AFR 54/058/2004، مايو/أيار 2004.
7. وُصف مخيم مشتل بأنه ’مليء بحفر المياه الراكدة والحمير النافقة‘، عنان يؤكد لمهجري دافور عدم العودة القسرية، رويترز 1/7/2004.
8. أبناء دارفور يقولون إنهم سُجنوا لأنهم تحدثوا إلى الأجانب، رويترز 10/8/2004.
9. السودان يطالب بصوت واحد للأمم المتحدة، لتفادي ’الصورة السيئة في دارفور‘، وكالة الصحافة الفرنسية، 11 أغسطس/آب.
10. لمزيد من المعلومات، انظر السودان : تحت رحمة القتلة – تدمير القرى في دارفور (رقم الوثيقة : AFR 54/072/2004).
11. تقرير المفوض السامي بالوكالة لحقوق الإنسان حول أوضاع حقوق الإنسان في دارفور، مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، 7 مايو/أيار 2004. يتوافر في الموقع :
http://www.unhchr.ch/huridocda/huridoca.nsf/(Symbol)/E.CN.4.2005.3.En.
12. يومان قبل إطلاق تقرير منظمة العفو الدولية السودان : دارفور : الاغتصاب كسلاح في الحرب (رقم الوثيقة : AFR 54/076/2004) الذي أُرسل إلى الحكومة السودانية قبل إصداره في 19 يوليو/تموز 2004.
13. انظر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1556 حول الوضع في دارفور، يتوافر في :
http://www.un.org/Docs/sc/unsc_resolutions04.html
14. السودان يقلل من عدد القتلى في نزاع دارفور، وكالة الصحافة الفرنسية، 9/8/2004.
15. انظر التعليق العام 29، حالات الطوارئ (المادة 4)، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/21/Rev.1/Add.11 (2001)، الفقرة 1.
16. انظر قضية اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والحريات ضد تشاد، اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، رقم وثيقة اللجنة 74/92 (غير مؤرخة).